شرق أوسط
المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا في أول زيارة لدمشق منذ تعيينه
ـ دمشق ـ بدأ المبعوث الجديد للأمم المتحدة غير بيدرسون الثلاثاء محادثاته في دمشق في أول زيارة يقوم بها منذ تعيينه في منصبه، في مهمة صعبة تهدف الى إعادة احياء المفاوضات من أجل تسوية النزاع السوري المستمر منذ نحو ثماني سنوات.
وتسلم بيدرسون مهامه بعد فشل ثلاثة مبعوثين سابقين في جهودهم الهادفة لدفع العملية السياسية، وكان آخرهم ستافان دي ميستورا الذي أقر الشهر الماضي في فشله في آخر مساعيه والرامية لتشكيل لجنة دستورية مكلفة صوغ دستور جديد للبلاد.
ووصل بيدرسون (63 عاماً) قبل ظهر الثلاثاء الى مقر إقامته في أحد فنادق العاصمة السورية، وفق مصور لوكالة فرانس برس. واكتفى على حسابه على موقع تويتر بالقول إنه وصل إلى دمشق “متطلعاً إلى اجتماعات مثمرة يجريها هناك”.
والتقى بيدرسون وزير الخارجية السوري وليد المعلم حيث بحثا جهود تحقيق تقدم في عملية السلام.
وأفادت وزارة الخارجية السورية على حسابها على فيسبوك أن المعلم رحب بتولي بيدرسون منصبه الجديد، وأعرب عن “استعداد سوريا للتعاون معه من أجل إنجاح مهمته لتيسير الحوار السوري – السوري بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، والذي هو مصلحة سوريا”.
وبيدرسون الذي تسلم مهامه في السابع من كانون الثاني/يناير، دبلوماسي مخضرم، شارك في 1993 ضمن الفريق النروجي في المفاوضات السريّة التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقيّات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين. وأمضى سنوات عديدة ممثّلاً لبلاده لدى السلطة الفلسطينية. وشغل منصب سفير النروج لدى الصين وسبق أن كان سفيراً لبلاده لدى الأمم المتحدة.
وكانت دمشق استبقت وصول بيدرسون بتأكيدها استعدادها التعاون معه.
وقال معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان خلال مؤتمر صحافي الأحد “نأمل أن يحقق ما عجز الاخرون عن تحقيقه”، مشيراً إلى أنه “من المفيد أن يستفيد من تجارب سابقيه وخاصة الالتزام بالمهام المناطة به واحترام سيادة سوريا ووحدتها أرضاً وشعباً والتحلي بالنزاهة والموضوعية”.
وكان نائب وزير الخارجية فيصل المقداد قال في وقت سابق إن بلاده ستتعاون مع بيدرسون “شرط ألا يقف إلى جانب الإرهابيين كما وقف سلفه”.
ولطالما اتهمت دمشق دي ميستورا الذي استقال من منصبه في تشرين الأول/أكتوبر بعد أربع سنوات من مساع لم تكلل بالنجاح لتسوية النزاع، بـ”عدم الموضوعية”.
مهمة صعبة
ويواجه بيدرسون مهمة صعبة تتمثل بإعادة احياء المفاوضات في الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت كافة الجولات السابقة التي قادها سلفه بمطالب متناقضة من طرفي النزاع.
ويتولى بيدرسون مهامه بعدما تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على أكثر من ستين في المئة من مساحة البلاد، بينما تخوض دمشق مفاوضات مع الأكراد، ثاني قوة عسكرية في سوريا، أفضت في مرحلة أولى الى انتشار الجيش السوري في محيط مدينة منبج في محافظة حلب شمالاً.
كما تأتي مع مؤشرات عى بدء انفتاح عربي تجاه دمشق، تمثل الشهر الماضي بافتتاح كل من الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق بعد اقفالهما منذ العام 2012.
وتمحورت جهود دي ميستورا في العام الأخير على تشكيل لجنة دستورية، اقترحتها الدول الثلاث الضامنة لعملية السلام، وهي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.
إلا أن دي مستورا فشل في مساعيه الأخيرة. وقال الدبلوماسي الإيطالي-السويدي لمجلس الأمن في 20 كانون الأول/ديسمبر “إني آسف جداً لما لم يتم تحقيقه”.
وقبل دي ميستورا، تولى الجزائري الأخضر الابراهيمي والأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل كوفي أنان مهمة المبعوث الدولي الى سوريا، من دون أن تثمر جهودهما في تسوية النزاع.
ضحايا البرد
وتسبب النزاع منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الثلاثاء عن وفاة 15 طفلاً نازحاً، بينهم 13 لم يبلغوا عمر السنة، في سوريا جراء البرد القارس والنقص في الرعاية الصحية.
ولقى ثمانية أطفال حتفهم في مخيم الركبان الواقع في جنوب شرق سوريا قرب الحدود مع الأردن والذي يعاني من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، والباقون خلال الرحلة الشاقة بعد الفرار من آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور في شرق البلاد.
وقال خيرت كابالاري، المدير الإقليمي للمنظمة في بيان الثلاثاء “تتسبب درجات الحرارة المتجمدة والظروف المعيشية القاسية في الركبان في تعريض حياة الأطفال للخطر بشكل متزايد”. وفي شرق سوريا، يعاني النازحون من رحلة شاقة من “الانتظار لأيام في البرد، دون توفر مأوى أو حتى اللوازم الأساسية التي يحتاجونها”.
وحذر كابالاري من أنه في حال عدم توفر الرعاية الصحية والحماية، فإن “عدد أكبر من الأطفال سيموت يوماً بعد يوم في الركبان ودير الزور وأماكن أخرى في سوريا”.
“منطقة آمنة”
وفي ما يتعلق بالتوتر المستمر في شمال شرق سوريا بعد إعلان واشنطن قرار سحب قواتها الداعمة للمقاتلين الأكراد، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء أن قواته ستتولى إقامة “المنطقة الأمنية” التي اقترحها نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وتهدف هذه المنطقة إلى فصل الحدود التركية عن مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها أنقرة تنظيماً “إرهابياً” وهي التي تخشى حكماً ذاتياً كردياً قرب حدودها قد تشجع النزعات الانفصالية لدى الأكراد لديها.
وتهدد تركيا بشنّ هجوم جديد ضد الوحدات الكردية في شمال شرق سوريا بعدما أخرجتهم العام الماضي من منطقة عفرين.
وقال إردوغان إنه خلال مكالمة هاتفية “إيجابية للغاية”، طرح ترامب أن “نقيم منطقة أمنية عرضها أكثر من 30 كلم” على طول الحدود التركية. (أ ف ب)