ـ عمان ـ يبدو أنه لم يكن “المعزب رباحاً” أو ربما غفل “الضيوف” عن أن حارة الأردنيين “ضيقة” وكلمة سري أو سرية غير موجودة في القاموس الأردني.
نعم لم تكتمل فرحة لا المعزب ولا ضيوفه في العشاء الذي دعا إليه الكاتب والمحلل الأردني سائد كراجة في منزله لحراكيين وناشطين بارزين في حراك “الرابع” مع ضيف مهم وهو رئيس الحكومة الأردنية الدكتور عمر الرزاز.
بانوراما سريعة عمن حضروا عشاء الرزاز:
سبعة من أصل 12-13 ناشط وناشطة تم دعوتهم من حراك الرابع حضروا العشاء، والمراقب لحساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً تويتر يجد أن صوتهم عالي وعال جداً في انتقاد السياسات الحكومية.. كل السياسات، حتى أن بعض هذه الانتقادات توصف ب”الأوفر” أو بمعنى آخر وكأن بعضهم يعارضون فقط لأجل الاستمتاع ب”لذة” المعارضة.
اللافت أن السبعة ناشط وناشطة الذين كانوا في العشاء مع الرزاز من أكثر المعارضين لمسودة قانون الضريبة التي طرحتها حكومة الرزاز منذ أكثر من أسبوع، واللافت أيضاً ان منهم من “يشكك” بكل أردني “حر” موافق على هذا القانون، والذي يظهر جلياً من خلال ما ينشروه على صفحاتهم وهو نفس ما أصبح اداة او “ممسك” لكن من اعترض على العشاء حيث قام الكثيرون بتصوير المنشورات السابقة لمن حضر العشاء وأخذها كدليل للتعبير عن غضبهم وعن اتهامهم لهم ب”ازدواجية المبادى”.
كل الذين ذهبوا الى العشاء برروا بعد تسريب خبر وجودهم في منزل كراجة مع الرئيس الرزاز بأنهم كانوا ينون الإعلان عن العشاء بعد عودتهم إلى منازلهم، لكنهم من الواضح لم يحسبوا حساب أن حارة الأردنيين “ضيقة” ليتفاجأووا أنهم وخلال تواجدهم في جلسة العشاء تم تسريب الخبر.. يقال أن التسريب جاء من “أصابع خفية”.
تبريرات الذين حضروا العشاء لـ””
الناشط محمد الزواهرة يستبعد أن تبعات العشاء ستؤدي إلى حدوث انقسام في صفوف حراكيي الرابع، ويعتبر حالة الغضب التي شنت وما تزال هي ردود فعل عادية، لكن ذلك لا يعني أن الجميع متفق على ما تم طرحه خلال العشاء الذي لم يخرج عن سياق إيصال رسالة الرفض الشعبي الأردني لقانون الضريبة.
“تحدثنا خلال العشاء عن ما يفكر به الأردنيون” يقول الزواهرة، ولا يعني أننا اجتمعنا مع الرزاز على مائدة طعام أن ذلك سيسهم في تغيير مواقفنا”.
واعتبر أن حالة الغضب من العشاء هي شكل من أشكال أزمة الثقة بين جميع مكونات المجتمع الأردني، سواء فيما يتعلق بأزمة ثقة المواطن بالحكومة أو ازمة ثقة المواطنين بين بعضهم حتى بين المأدلجين سياسياً.
وردا على سؤال عدم الاعلان المسبق من قبل من حضر عن العشاء قال الزواهرة: “أنا شاب أردني ملتزم بمعتقدات مجتمعي ومن المعروف لدى الأردنيين أن المعزب أسير الضيف ومن غير المقبول أن أعلن أنه تمت دعوتي إلى العشاء لأنني أسير المعزب” كناية عن كراجة.
ويعزو زواهرة رغبة “المعزب” بعدم الاعلان المسبق عن العشاء ذلك ل”احترام خصوصية الرزاز وحماية أمنه”.
“هو أنا كنت قاعدة مع نتنياهو؟” ترد الناشطة هالة عاهد على الذين قاموا بتخوين من حضر العشاء، وتقول :”من حقنا كمواطنين أردنيين أن نجلس مع الرزاز ولم تتغير نبرتنا معه خلال جلستنا، لكننا لا نملك مفاتيح الشارع فنحن لنسا مجلس نواب ولا حراك حتى نضع بين يديه مواقف الأردنيين”.
وعن سبب عدم الاعلان المسبق عن الجلسة تقول عاهد: “كانت دعوة خاصة وهذه ليست المرة الأولى التي أتواجد فيها في منزل الصديق كراجة للمشاركة في الحديث عن قضايا تهم الرأي العام، كما أن المضيف طلب منا عدم الاعلان المسبق عن اللقاء”.
اقرأ ايضاً : الأردن: الدوار الرابع… بين حالة “الرزاز” او “الهزاز”
حراكيون غاضبون
محمد كمال المومني المعروف ب”أبو كمال” على تويتر لم يهدأ حتى اللحظة ومنذ تسريب خبر العشاء عن نشر تغريدات تعرب عن غضبه لما حدث ويعزو ذلك خلال حديث له مع “”: “أولا الفكرة بالانتقاد كانت بسبب اختيار الأشخاص الذين تم دعوتهم الى العشاء، كون أن من بينهم من كان يهلل لمقاطعة لقاءات الحكومة وينتقد كل شخص يحاول أن يقوم بذلك وفجأة.. هوب دبل كيك لقيناهم بالعشا”.
ثانيا كما يضيف أبو كمال “هيك لقاءات ليش تكون خاصة أصلا وسرية؟”، اما ثالثا فان الفكرة من رفض قانون الضريبة بالذات “لجماعة الرابع” كانت منبثقة أنه لا ضريبة إلا بعد الاصلاح وهذا شيء ثابت، واختيار عينات لا تمثل جميع فئات الرابع والتصريح أنه تم الاجتماع مع جماعة الحراك فهذا شيء لمصلحة تمرير قانون الضريبة، بحيث ايصال رسالة من الدولة أنه “الي كنتوا معهم بالتظاهرات موافقين ضمنيا على مناقشة القانون ومدى جدواه”.
ويصف الناشط علي بطران العشاء بأنه ضمن “المكياج” الذي يحاول الرزاز وضعه على قراراته الأخيرة، ويتزامن مع موجة الهجوم غير المسبوقة من قبل المحافظات خلال اللقاءات الوزارية معهم، كما أنه جاء ل”تلبيس طواقي أن من ججاء إلى العشاء هو ممثلو حراك الرابع”.
وهو الأمر غير الصحيح لان حراك الرابع كثر آباؤه ومدعيه ولو فشل سيصبح يتيم، والعبرة من هذا العشاء أن ذلك لم يزد الناس الحقيقيين والحراكات إلى اصرارا على النزول يوم السبت المقبل الى الرابع لمجابهة القرارات الاقتصادية الأخيرة.
الحقوقية لندا كلش “وهي غاضبة جدا بالمناسبة بسبب العشاء” تعلق على العشاء بأنه اولا الحوار “العام” مطلوب، ولكن ما حدث هو “لقاء سري” وفِي منزل للقاء رئيس الوزراء، ورغم الطلب من المدعوين عدم الاعلان الا ان الخبر سرب فورا وقبل الاجتماع،
ثانيا من هم أعضاء الحراك وهل هم من اطلق عليهم “حراك 2011″؟
وتضيف: ما اعلمه ان احتجاجات الدوار الرابع في رمضان الماضي كانت عفوية مع محاولة البعض الانقضاض على عقوبة الاحتجاجات، وهل الـ 100 الف الذين تواجدوا في الرابع على مدار الأيام وتواجدها في المحافظات هُم أعضاء الحراك؟
“في لقاء الرزاز في الجامعه الاردنية قدمت إحداهن نفسها بأنها من الرابع وهي نفسها من حضرت العشاء السري، ما هي هوية الرابع وهل هو محافظة او جنسية ؟” تتساءل كلش.
وتحتم بقولها: “ما حدث أمس وفِي هذا التوقيت ومع الغضب الشعبي الرافض للحوار مع الحكومة يؤدي الى الانقسام، رغم يقيني ان الغضبة الشعبية ليست فقط متعلقة بمسودة قانون ضريبة الدخل وإنما هي غضبة عامة على انعدام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية،
لعبت الحكومة لعبة قديمة وانطلت على من حضر اللقاء”.
وتتدارك قبل أن تختم: ” أين المحافظات من مثل هكذا لقاء ولا اعرف هل اسميه رسمي او منزلي او خاص.. اخطأ من حضر ذلك الاجتماع واحرقوا انفسهم تمام”.
واحد صفر لـ”الحراك الشبابي الأردني”
من الواضح أن الحراك الشبابي الأردني وهو الحراك الذي انطلق في العام 2011 “عد للعشرة” بعد دعوة شابين من أعضائه إلى العشاء وهم مجدي السعدي وخالد الناطور، وسرعان وفور تسريب خبر العشاء أن أصدروا بياناً جاء فيه:
“في ظل الأحداث الراهنة في البلاد و الرفض العام لسياسات الافقار وتجويع المواطنين وتماشيا مع الغضب الشعبي لقرارت حكومة الرزاز فإننا في الحراك الشبابي نعلن أننا لم نشارك في أي جلسات خاصة أو عامة عقدت مع الحكومة و موقفنا هو موقف الشارع الأردني في جميع المحافظات الرافض لسياسات التجويع و الإفقار”.
السعدي يقول ل””: “قبل إصدار قانون الضريبة وخلال محاضرة الرزاز في الجامعة الأردنية دخلنا وأنا مجموعة من حراكيي الرابع المحاضرة وبعد انتهاء المحاضرة عرضنا للرزاز تسريبات صحيفة الغد الأردنية من أن القانون المراد طرحه لا يختلف كثيرا عن القانون الذي كان من المراد اقراره في حكومة الملقي التي أسقطها حراك الرابع وقلنا للرزاز اذا ما فعلا كانت هذه التسريبات صحيحة فإننا سنصبح مهرجين، وخلال هذا الحديث الجانبي اقترح الكاتب محمد أبو رمان ترتيب لقاء مع الرئيس يتم خلاله عرض آرائنا”.
ويضيف: “بالفعل تمت دعوتي أنا وخالد الناطور للعشاء وطرحنا هذا لأعضاء الحراك وهناك طرف من رفض مشاركتنا لأن ذلك يعتبر خذلان للمحافظات وطرف ثاني اعتبر أن عدم مشاركتنا يجعلنا عدميين وارتأينا ألا نشارك في العشاء”.
ويختم: “من ذهب الى العشاء هم ناشطون ولا يمثلون الحراك الشبابي وبالمناسبة هاتفني كراجة ليعرف أسباب رفض مجيئي أنا والناطور الى العشاء ووضحت له الأسباب، لكن عدم مشاركتنا لا يعني أن نشيطن من ذهب فبالنهاية هم جلسوا مع رئيس حكومة بلدهم وليس رئيس دولة معادية”.
سواء كان الهدف من هذا العشاء إحداث انقسام في صفوف حراكيي الرابع أو لتعزيز هدف حكومة الرزاز الذي يسعى إلى طرحه دائماً هو “الاشتباك الايجابي مع جميع الأطراف وتعزيز ثقافة الحوار” إلا أن تبعات العشاء تشي بأن المعزب لم يكن رباحاً أو بالأحرى: “كأنك يا بو زيد ما غذيت”!.
لقطات من العشاء:
ـ الرزاز جاء بدون حراسة وحماية أمنية.
ـ الرزاز تحدث خلال العشاء عن خطة حكومية لاصلاح سياسي وما يزال مؤمن بتصاعدية الضريبة.
ـ الرزاز كشف أن الحكومة ستعلن عن خطة لاصلاح ضريبة المبيعات.
ـ أكد الرزاز خلال العشاء أكثر من مرة على حق الأردنيين في التعبير عن آرائهم لكن بعيدا عن اغتيال الشخصية.
ـ هناك ممن حضر العشاء يعتقد أنه كان من بين الموجودين شخص يسرب الأخبار.
ـ وصف الرزاز وضع الحكومة الأردنية هذه الفترة وكأنها تصلح طائرة تحلق في الجو
ـ الرزاز كان مستمع جيد خلال العشاء وحليم الصبر للانتقادات التي وجهت اليه من قبل الناشطين كمان أنه كان بشوشا وضحوكاً.