شرق أوسط
الامارات تستعد لاستقبال البابا في مستهل زيارة تاريخية
ـ ابوظبي ـ تستعد دولة الامارات العربية المتحدة لاستقبال البابا فرنسيس بحفاوة عندما يصل إلى أبوظبي مساء الاحد، في مستهل زيارة تاريخية لترؤس قدّاس ضخم، هي الاولى لحبر أعظم إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الاسلام.
وقبل ساعة من رحلته إلى الإمارات، دعا البابا إلى احترام اتفاق وقت اطلاق النار في اليمن، حيث تقود الامارات مع السعودية تحالف عسكريا ضد المتمردين الحوثيين، في حرب قتل فيها نحو 10 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين منذ بدء عمليات التحالف.
وقال البابا عن الهدنة التي تم التوصل إليها في السويد في كانون الاول/ديسمبر أنه “يوجّه نداء إلى الجماعة الدولية والأطراف المعنية كي تلتزم الاتفاق الذي تم التوصل إليه ويضمن توزيع المواد الغذائية ويعمل من أجل خير الشعب”.
وأضاف في عبارة مرتجلة لم ترد في نص خطابه الاصلي “انني أتابع بقلق كبير الأزمة الإنسانية في اليمن. لقد تعرض السكان للانهاك بسبب النزاع الطويل وكثير من الأطفال يعانون الجوع، لكننا لا نستطيع الوصول إلى مستودعات الطعام”.
ولفت الحبر الاعظم إلى “أن صرخة هؤلاء الأطفال وذويهم ترتفع إلى حضرة الله
ومن المتوقع أن تحط طائرة البابا عند الساعة 18,00 ت غ في مطار العاصمة الاماراتية، وأن يكون في استقباله كبار المسؤولين الاماراتيين. وقبل القدّاس الثلاثاء، سيشارك البابا في حوار ديني الاثنين مع شيخ الأزهر أحمد الطيب ومسؤولين دينيين آخرين.
ويعيش قرابة مليون كاثوليكي، جميعهم من الاجانب، في الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).
وكتب البابا في حسابه بتويتر قبيل انطلاق طائرته “أأزور هذا البلد كأخ، لنكتب صفحة حوار معا، ونمضي في مسار السلام سوية”.
حماسة تحت المطر
وتتبع الامارات إسلاما محافظا، لكنّها تفرض رقابة على الخطب في المساجد وعلى النشاطات الدينية فيها، وتعتبر أحد أبرز مناهضي الاسلام السياسي في العالم العربي.
وتتوقّع السلطات الإماراتية مشاركة أكثر من 130 ألف شخص في قداس الثلاثاء في ملعب لكرة القدم، الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، وسيكون بحسب وسائل إعلام محلية الأكبر في تاريخ الإمارات.
وتشهد الامارات منذ صباح الاحد تساقط أمطار على العديد من مناطقها وبينها أبوظبي، إلا أنه من المتوقع أن تتوقف الامطار قبل صباح الثلاثاء.
ومنذ الساعات الاولى لصباح الاحد، اصطف مئات تحت المطر أمام كاتدرائية القديس يوسف في العاصمة الاماراتية، التي سيزورها أيضا البابا صباح الثلاثاء، أملا في الحصول على آخر التذاكر لحضور القداس.
ووقفت الامريكية الحامل كولينز كوشيه راين (39 عاما)المقيمة في الامارات بانتظار تذكرتها. وقالت لوكالة فرانس برس “ان مجيء البابا يفتح المجال أمام محادثات حول التسامح يجب أن يسمعها كل العالم”.
وأكد من جهته الايرلندي شين غالاغير ان الحماسة تغمره لحضور القداس.
وقال غالاغير “انا في غاية الحماسة. لقد جاء (البابا) إلى إيرلندا بالقرب من مقر اقامتي في آب/أغسطس الماضي، لكنني لم أتمكن من رؤيته لانني كنت مضطرا للمجي إلى هنا”.
وتابع “إن مجيئه إلى هنا، حيث أعمل وأقيم، أمر رائع، خصوصا وانه بلد مسلم. سيكون اسبوعا عظيما”.
وفي الشوارع الرئيسية في أبوظبي وتلك المؤدية إلى مجمع الكاتدرائية، علّقت أعلام الفاتيكان والإمارات بالإضافة الى أعلام اللقاء الديني الذي سيحضره البابا الاثنين، تحت مسمى “لقاء الاخوة والانسانية”.
أهلا وسهلا
واحتلت زيارة البابا العناوين الرئيسية في الصفحات الاولى للصحف المحلية الاحد. وعنونت صحيفة “الخليج” بالخط العريض “أهلا وسهلا بابا الفاتيكان”.
وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر “هي زيارة تحمل قيمة إنسانية عظيمة تضيف بها دولتنا صفحة جديدة في تاريخ التآخي والتسامح”، مضيفا ان الزيارة “تؤكد للعالم نهج دولتنا في التسامح والتعايش السلمي”.
ووجّه المسؤول الاماراتي انتقادا إلى قطر لسماحها باقامة الشيخ يوسف القرضاوي، المقرّب من جماعة الاخوان المسلمين، على أراضيها، إنما من دون أن يسميه أو يسمي الدولة الجارة، معتبرا ان بلاده تستضيف “المحبة”، بينما قطر تستضيف “الارهاب”.
وكتب “شتّان بين من يستضيف مفتي العنف والإرهاب ومن يصدر فتاوي تبرر استهداف المدنيين، ومن يستضيف بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر في حوار المحبة والتواصل”.
والعلاقات مقطوعة بين الامارات والسعودية والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة ثانية، على خلفية اتهام الدول الاربع للدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة، وهو ما تنفيه قطر.
السجل الحقوقي
تقدّم الإمارات نفسها على أنّها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة، وتسمح بممارسة الشعائر الدينية المسيحية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في الدول الخليجية الأخرى، باستثناء السعودية التي تحظر ممارسة أي ديانة غير الإسلام.
لكن الإمارات تواجه انتقادات من منظمات حقوقية لدورها في الحرب الدائرة في اليمن المجاور حيث قتل آلاف المدنيين، وتتعرّض لاتهامات بملاحقة ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي 31 كانون الأول/ديسمبر، أيّدت محكمة إماراتية حبس الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور مدة عشر سنوات على خلفية انتقاده السلطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وصدر الحكم قبل يوم من بداية سنة جديدة أطلقت عليها الإمارات اسم “عام التسامح”، في دولة تضم حكومتها وزيرا للتسامح.
والاحد، وجّهت منظمة هيومين رايتس ووتش الحقوقية رسالة إلى البابا فرنسيس.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة في بيان “رغم تأكيداتها على التسامح، لم تُظهر حكومة الإمارات أي اهتمام حقيقي بتحسين سجلها الحقوقي”.
وتابعت “مع ذلك، فقد أظهرت مدى حساسيتها بشأن صورتها العالمية، وعلى البابا فرنسيس توظيف زيارته للضغط على قادة الإمارات للوفاء بالتزاماتهم الحقوقية في الداخل والخارج”. (أ ف ب)