شرق أوسط
البابا فرنسيس يطالب في أبوظبي بالحرية الدينية وإنهاء حروب الشرق الاوسط
ـ ابوظبي ـ طالب البابا فرنسيس في ثاني أيام زيارته التاريخية إلى الامارات، بحماية “الحرية الدينية” في الشرق الاوسط، ووقف الحروب خصوصا في اليمن.
وكان البابا يتحدّث أمام رجال دين وسياسيين في مؤتمر حول الأديان في أبوظبي، في اليوم الثاني لزيارته، عشية قدّاس في ملعب لكرة القدم في العاصمة الاماراتية.
وتخلّل “مؤتمر الأخوّة الإنسانية” توقيع البابا وشيخ الأزهر أحمد الطيب على وثيقة تدعو إلى “مكافحة التطرف”، قبل أن يتعانقا ويتبادلا القبل.
وبدأ الحبر الأعظم خطابه بعبارة “السلام عليكم” بالعربية، داعيا إلى حماية الحرية الدينية في منطقة شهدت تصاعدا في العنف والتعصب في السنوات الاخيرة مع بروز جماعات متطرفة في مقدّمها تنظيم الدولة الاسلامية.
واعتبر ان استعمال اسم الله “لتبرير الكراهية” هو “تدنيس خطير” لاسمه، مشدّدا على أن العنف لا يمكن تبريره دينيا.
ويعيش في الخليج أكثر من 3,5 مليون مسيحي، بينهم 75% من الكاثوليك، غالبيتهم عمال من الفيليبين والهند. وتقول النيابتان الرسوليتان في المنطقة إن هناك أكثر من مليون كاثوليكي في السعودية وحدها، ونحو 350 ألفا في الكويت و80 ألفا في البحرين، ونحو 200 إلى 300 ألف كاثوليكي في قطر.
وتقدّم الإمارات نفسها على أنّها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة، وتسمح بممارسة الشعائر الدينية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في الدول الخليجية الأخرى إجمالا، باستثناء السعودية التي تحظر ممارسة أي ديانة غير الإسلام.
وقف الحروب والجدران
وطالب الحبر الأعظم بحق المواطنة نفسه لجميع سكان المنطقة.
وقال “أتمنّى أن تبصر النور، ليس هنا فقط بل في كلّ منطقة الشرق الأوسط الحبيبة والحيويّة، فرصٌ ملموسة للقاء: مجتمعاتٌ يتمتّع فيها أشخاصٌ ينتمون إلى ديانات مختلفة بحقّ المواطنة نفسِّه”.
ولم يحدّد البابا أطرافا معيّنة، لكن تصريحاته جاءت في مرحلة تشكو فيها أقليات في المنطقة من التعرض للتهميش، وبينها المسيحيون في بعض الدول، والشيعة في السعودية، والبدون في الكويت، والبهائيون في اليمن.
في موازاة ذلك، كرّر البابا دعوته إلى وقف الحروب في اليمن وليبيا وسوريا والعراق، ورأى ان “سباق التسلّح، وتمديد مناطق النفوذ، والسياسات العدائيّة، على حساب الآخرين، لن تؤدّي أبدًا إلى الاستقرار”.
كما دعا إلى أن “نلتزم معًا ضدّ تقييم العلاقات بوزنها الاقتصادي، ضدّ التسلّح على الحدود وبناء الجدران وخنق أصوات الفقراء”.
وقبيل حضور المؤتمر الديني، التقى رأس الكنيسة الكاثوليكية التي يبلغ عدد أتباعها نحو 1,3 مليار شخص في العالم، ولي عهد أبوظبي والرجل النافذ في دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس حكومة الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وكانت تقارير أفادت أن البابا سيتطرّق خلال لقاءاته إلى موضوع اليمن حيث تقاتل الامارات المتمردين الحوثيين.
ودعا الحبر الأعظم قبل إقلاع طائرته من روما متجهة إلى أبوظبي، إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن. وتتعرض الإمارات والتحالف لانتقادات من منظمات حقوقية بسبب الحرب الدائرة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية حيق قتل نحو عشرة آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين منذ بدء عمليات التحالف في آذار/مارس 2015.
طلقات وطائرات
وحظي البابا باستقبال رسمي حافل لدى وصوله إلى القصر الرئاسي الفخم في أبوظبي بسيارة متواضعة من طراز “كيا” الكورية الجنوبية، إذ أطلقت 21 طلقة مدفعية، بينما حلّقت طائرات انبعث منها دخان أصفر وأبيض للاشارة الى علم الفاتيكان الذي وضع في الممرات الرئيسية داخل القصر.
وصافح الحبر الأعظم الشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد وعشرات المسؤولين الاماراتيين الآخرين، وتوقّف أمام فرقة موسيقية عسكرية أدّت معزوفة لمناسبة وصوله إلى القصر.
وقدّم البابا هدية إلى الشيخ محمد بن زايد هي عبارة عن ميدالية تؤرّخ اللقاء بين القدّيس فرنسيس الأسيزي والسلطان الملك الكامل في العام 1219، وشكره في سجل التشريفات على “حرارة الاستقبال”، متمنيا للامارات “السلام والوحدة الاخوية”، بينما قدّم له المسؤول الاماراتي مستندا يعود إلى العام 1963 ويحمل موافقة على إنشاء أول كنيسة في الامارات.
وكان البابا اختار لدى انتخابه في العام 2013 على رأس الكنيسة الكاثوليكية، القديس فرنسيس الأسيزي ليحمل اسمه ويدعو الى السلام.
قدّاس ضخم
والإمارات بلد يتمتع باستقرار أمني كبير ويعتبر رأس حربة في مواجهة التطرّف الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين. وهي عضو في التحالف الدولي لمواجهة الجهاديين في سوريا منذ أيلول/سبتمبر 2014.
وتتبع الامارات التي يشكل الاجانب نحو 85 بالمئة من مجموع سكانها، إسلاما محافظا، لكنّها تفرض رقابة على الخطب في المساجد وعلى النشاطات الدينية فيها لمنع تحولّها الى منابر للتطرّف.
وتأخذ منظمتا العفو الدولية و”هيومن رايتش ووتش” على الإمارات منعها الأحزاب السياسية، وتحكّمها بالإعلام المحلي، وملاحقة النشطاء، وطالبتا البابا بطرح مسألة حقوق الإنسان خلال زيارته.
ويعيش نحو مليون كاثوليكي، جميعهم من الأجانب، في الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، وهو العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى المجاورة (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).
وتتوقّع السلطات الإماراتية مشاركة نحو 135 ألف شخص في قداس الثلاثاء في ملعب لكرة القدم.
وسيحضر آخرون القداس من خارج الملعب. وسيصل البابا، الذي سيزور المغرب في نهاية آذار/مارس، إلى موقع الحدث بسيارته.
وتسمح الإمارات بممارسة الشعائر الدينية داخل الكنائس، وهي المرّة الأولى التي يقام فيها قدّاس بهذا الحجم في الهواء الطلق في هذه الدولة الخليجية. (أ ف ب)