السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

نساء طبعن تاريخ المغرب و استطعن الوصول إلى أعلى مراتب السلطة

فاطمة الزهراء كريم الله 

– الرباط – من فاطمة الزهراء كريم الله ـ استطاعت المرأة المغربية عبر التاريخ أن تكون صرحًا ومنارة تذكر وتنير للنساء طريقًا يهتدين به، فكانت المراة المغربية  شاعرة وأديبة وملكة وحاكمة وكانت أيضًا المحاربة والحكيمة، ولا تزال بعض النساء شهرتهن تذكر إلی يومنا هذا، فمنهن من تحكمت في دواليب الحكم، فكانت وراء تعيين الولاة والأمراء، ومنهن من سيرت شؤون الاقتصاد، ومنهن من ساهمن في نشر المعرفة وبرعن في الأدب والفقه وغيرها من العلوم.

فبالرغم من الادوار التي لعبتها المرأة المغربية في صنع تاريخ المغرب؟ يبقى دئما سؤال “هل إقتصر دورها فقط على أن تكون تحت إمرة الرجل أم كان لها دور كبير في الريادة وتسيير البلاد؟ و هل أنصف التاريخ والمؤرخين الدور الذي لعبته المرأة المغربية” مطروحا.

في كتابها ” سلطانات منسيات” تحدثث عالمة اجتماع المغربية فاطمة المرنيسي عن نساء حكمن دولا من بينها المغرب، تحدين المصاعب و استطعن الوصول إلى أعلى مراتب السلطة، من بينهن :

كنزة الأوربية

هي إبنة زعيم  قبيلة أوربة الأمازيعية إسحاق بن عبد الحميد الأوروبي، وزوجة المولى إدريس بن عبد الله بن الحسن، بن علي بن أبي طالب، الذي حل بالمغرب هرباً من وقعة فخ خوفاً من أذى العباسيين، ولما كان لآل البيت من الصيت الحميد استقبلته قبيلة أوربة البربرية فأنزلته منزل الترحاب والتكريم وآوته ونصرته، ودعمته فيما بعد لتأسيس الدولة الإدريسية.

فبعد وفاة إدريس الأول أظهرت كنزة قدرة كبيرة على إعداد ابنها إدريس الثاني لأجل تولي الحكم وتحمل عبء الدولة، وهو طفل صغير، حيث أجلسته على كرسي الملك وعمره لم يتجاوز الـ11 من عمره وتقدم القوم لمبايعته في تلك السن المبكرة، فحكم البلاد بمعونتها ومشورتها وازدهرت في عهده وقام بعدد كبير من الفتوحات، كما ساهمت في إرساء اللامركزية والجهوية حيث أمرت حفيدها محمد إبن إدريس الثاني بتقسيم أعمال المغرب بين إخوته. وبهذا أثرت كنزة بشكل كبير في سياسة المغرب.

زينب النفزاوية

هي إبنة إسحاق النفزاوي، التي قال عنها إبن خلدون “إنها “حدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرئاسة”.
لقبت زينب النفزاوية بزوجة الملوك، تزوجها مؤسس مدينة مراكش، يوسف إبن تاشفين سنة 454 هجرية، وكان لها دور كبير في إرساء الدولة المرابطية وقال عنها ابن تاشفين، إنها “كانت عنوان سعده، والقائمة بملكه، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياسته لأكثر بلاد المغرب”، فيما قال عنها إبن الأثير إنها “كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها إبن تاشفين”.

فاطمة الفهرية

قررت فاطمة الفهرية، بنت محمد بن عبد الله الفهري، الذي كان ذا مال وثروة طائلة، أن تخلد إسم والدها باتخاد المساجد سلما للمجد، وذلك بإعادة بناء مسجد القرويين الذي ورثته عن أبيها، ومنذ ذلك الوقت وجامع القرويين له دور كبير في في نشر العلم والمعرفة.

السيدة الحرة

هي إبنة الأمير علي ابن موسى بن راشد، تميزت بذكاء وتحصيل ثقافي كبير انعكس على  تصرفاتها وتكوين شخصيتها التي ساعدتها في حكم مدينة تطوان شمال المغرب، وذلك راجع للتعليم الذي تلقته من طرف أشهر العلماء ورجال الدين في عصرها. عندما بلغت السيدة الحرة الثامنة عشر زوجت إلى قائد مدينة تطوان، وذلك سنة 1510 ميلادية، إذ كان هذا الزواج كان بمثابة تحالف متين بين قيادة شفشاون وقيادة تطوان من أجل تقوية جبهة الدفاع ضد البرتغاليين المحتلين لثغور شمال المغرب. وبزاوجها تمكنت من تولي أمور الحكم  والتدبير رفقة زوجها، الشيء الذي مكنها من إكتساب تجربة كبيرة جعلتها تحكم  بكل حكمة وذكاء بمقاليد الحكم، وهذا ما أورده كتاب تاريخ تطوان، حيث قال  إنه إذا وقع بينها وبين حكام مدينة سبتة خلاف أدى إلى قطع المواصلات بين سبتة وفاس.

عائشة البحرية

عرفت عائشة البحرية بكونها شخصية تاريخية بارزة في حقبة الاستعمار الفرنسي للمملكة، كانت بطلة النساء
كانت بطلة النساء المغربيات وفدائية قتلت من الظباط المستعمرين الكثير رفقة عدد من النساء وخلقت الرعب في صفوف الإستعمار، كانت رمز المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي و الوفاء للزوج و القدرة على الصبر.

كان سبب دخولها مغامرة المقاومة هو اغتيال زوجها في كمين كان ورائه الاحتلال الفرنسي، حيث أرادت إثر ذلك الانتقام وتخليص أبناء جلدتها من حكر المستعمر فأصبحت تتربص للجنود الفرنسين و تقتلهم. و يُروى أنها بفروسيتها ومقاومتها رفقة عدد من النساء المغربيات الأرامل خلقت متاعب جمة للمستعمرين الفرنسيين.

فإذا عدنا إلى كتب التاريخ، نجد أنه في العصر المريني بالمغرب، اشتهرت نساء عالمات، منهن الفقيهة أم هاني بنت محمد العبدوسي، والأديبة العالمة صفية العزفية. وفي العصر السعدي أيضا، اشتهرت نساء عالمات، منهن مسعودة الوزكتية التي اعتنت بإصلاح السبل، وبنت القناطر والجسور والمدارس.

وفي أول عصر الدولة العلوية التي تأسست في المغرب في القرن السابع عشر ميلادي، اشتهرت نساء عالمات، منهن الأميرة خناثة بنت بكار، ورقية بنت بن العايش، وصفية بنت المختار الشنقيطية.

وفي العصر الحديث، وإلى حدود مطلع القرن التاسع عشر، عرفت مدينة فاس، السيدة العالية بنت الشيخ العلامة الطيب بن كيران، التي كانت تدرّس علم المنطق في مسجد الأندلس بفاس، وتخصص حصصاً للرجال وأخرى للنساء.

هذا النموذج الساطع للدور الذي قامت به النساء عبر تاريخ المغرب، يرى باحثين أنه ساعد في الحد من الصور النمطية حولهن، وقد أثبت عدد منهن قبل وبعد السيدة الحرة، أنهن لسن ذلك الكائن الخفي والصامت والغريب عن الشؤون العامة والسياسية، الذي يراد حصرهن فيه.

للحديث عن هذا النموذج،  تقول ماريا الشرقاوي:”كانت المرأة المغربية طوال فصول تاريخ هذا البلد في صلب كل تحولاته المجتمعية، ونسقه الفكري إيجابا وسلبا،  فقد عانت  فترة طويلة من سجنها في إطار نموذج ثقافي يتغذى من فكر ذكوري أثر على قيم المجتمع باعتباره منتوج الفكر العام المؤسس للعلاقات والمحدد سلفا مسافات التحرك ، ورغم ما سبق أن أشرت  إليه في مقالات سابقة من ثريات ساطعات في سماء العلم والحكم والسياسة و…….إلا أنهن جميعا كن نتاج فترة زمنية قريبة جدا من تاريخنا الحديث، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن هذه الثورة والانبثاق الذي عرفته الساحة  النسائية في المغرب بعد عقود من الجمود والارتكان لمؤطرات النسق الفكري العام السالف الإشارة إليه ؟  وكيف تسلحت بالعلم فتحصنت وكانت المثال الأسمى بين الدول العربية والإسلامية ؟”.

” فبنبشنا في التاريخ، تضيف الشرقاوي، وبسبرنا أغوار الذاكرة المغربية ،نجد أن المرأة المغربية كانت حزمة ضوئية ساطعة ،في محطات فارقة من تاريخ المغرب، من حيث الثقافة والعلم  في تجل واضح لقدراتها رغم ما كان لهذ  الحضور من محدودية التأثير في الزمان والمكان بدءا من زينب النفزاوية إلى حاضرنا اليوم لكن ارتكانها  للواقع والتسليم به، والخنوع للأنساق الفكرية العامة التي تختزل دور المرأة في الإنجاب و خدمة أهل البيت، حرمت من الحق في التعليم والثقافة باعتباره في تلك الفترة هدرا للمال والوقت، إلى أن كانت  بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، بداية انبلاج عصر أنوار جديد  على  يد بطل التحرير ، تحرير الأرض و الإنسان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق