الجزائر ـ ـ من نهال دويب ـ في وقت يتواصل الحراك الشعبي بالجزائر, تتواصل حملة “التطهير” على مستوى مؤسسة الرئاسة تزامنا مع استمرار حملة “الأيادي النظيفة” مجدداً إلى الواجهة عرفتها الساحة منذ أكثر من عشريتين قادت العشرات من المسيرين إلى السجن.
التطهير
وأعلنت مؤسسة الرئاسة في البلاد أمس السبت إبعاد حبة العقبي من منصبه كأمين عام بالرئاسة وتعيين نور الدين عيادي الذي اشتغل لأكثر من 30 عاماً في سلك الدبلوماسية، حيث عُين سفيراً للجزائر في كل من مالي والأرجنتين وبعدها هولندا ثم شغل منصب أمين عام بوزارة الخارجية خلفاً له.
وكانت آخر مهمة كلف بها حبة العقبي الذي يعتبر من أبرز مهندسي محاولة ترشحي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كان مقرراً لها أن تجري في 18 أبريل/نيسان القادم قبل أن يتم إلغاءها بسبب تعاظم الرفض الجماهيري، رئاسة اللقاء التشاوري الذي دعا إليه بن صالح منذ أسبوع لمناقشة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي أفضى إلى إمكانية تأجيل الاستحقاق الرئاسي الذي كان من المقرر تنظيمه 4 يوليو/تموز القادم.
وجاء إبعاد حبة العقبي في سياق إقالات شملت أبرز مستشاري بوتفليقة، كعمر زرهوني ومحمد رقاب ومدير التشريفات مختار رقيق وغيرهم، ويعتبر أولئك من أبرز رموز حكم الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة، وأثار ظهورهم في القصر الرئاسي خلال استقبال بن صالح في التاسع من أبريل/نيسان خلال تسلمه منصبه في الرئاسة سخطاً شعبياً كبيراً وتحفظاً كبيراً من طرف قوى المعارضة ونشطاء في الحراك.
مطاردة واسعة
في خطوة لافتة جديدة، بث التلفزيون الجزائري الحكومي مساء أمس السبت أنباءاً عن ملاحقة المدير العام السابق للأمن الجزائري اللواء عبد الغني هامل بتهم ثقيلة الوزن تخص ممارسة أنشطة غير مشروعة قد تدفع القضاء إلى حبسه رفقة نجله.
وأعلن التلفزيون الجزائري الرسمي أن الآلة القضائية استدعت رسمياً مدير عام الأمن العام اللواء المتقاعد عبد الغني هامل للتحقيق معه الإثنين القادم بتهم ” أنشطة غير مشروعة واستغلال النفوذ ونهب العقار وسوء استخدام الوظيفة “.
وكشفت تقارير إعلامية أن التحقيقات تشمل نجله وسيمثل الإثنين القادم أمام قاضي التحقيق في محكمة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية، بتهم تخص ممارسة أنشطة غير مشروعة رفقة نجله.
وتوارى مدير عام الأمن الجزائري اللواء عبد الغني هامل عن الأنظار منذ إقالته في يونيو/حزيران الماضي، بعد عثور القوات البحرية لباخرة كانت تحمل شحنة من اللحوم قادمة من البرازيل تحمل 701 كيلوغرام من الكوكايين.
وأطلق حينها اللواء هامل تصريحات قال فيها إنه “من يريد أن يحارب الفساد عليه أن يكون نظيفاً”.
وأيام قليلة قبل استدعائه من طرف العدالة الجزائرية، دفعته السلطات الجزائرية إلى تسليم منزله الوظيفي التابع لمديرية الأمن العام حينها خرج اللواء عبد الغني هامل عن صمته، ونفى استدعائه من طرف القضاء العسكرية وتورطه في قضايا فساد.
وقال عبد الغني هامل في تصريح للموقع الإخباري “كل شيء عن الجزائر” : “ليست لدي أي روابط لا من بعيد ولا من قريب مع قضية الكوكايين، لا مع شخصي ولا مع محيطي”.
وأكد هامل دعمه لتصريحات قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح بخصوص فتح ملفات التحقيقات في ملفات “سونطراك” أكبر شركة بترولية في البلاد، وقضية مجمع الخليفة ،وأيضاً القضية التي أحدثت ضجة كبيراً في صيف 2018 والمتعلقة بـ “حجز القوات البحرية لـ 701 كلغ من الكوكايين” بقوله: “أشجع قرار قائد أكان الجيش بفتح قضايا الفساد على مستوى العدالة “.
رئيس وزراء بوتفليقة أويحي أمام النائب العام
ولا تقتصر التحقيقات التي سيفتحها القضاء الجزائري هذا الأسبوع على المدير العام السابق للأمن الجزائري فقط، إذ نقلت قنوات محلية خاصة أن رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي ومحافظ بنك الجزائر محمد لوكال الذي يشغل حاليا منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي سيمثلان الثلاثاء القادم أمام النائب العام في إطار تحقيقات بشأن فساد.
كذلك ستشمل التحقيقات وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي استدعى للتحقيق بتهم تتعلق “بمخالفة القانون الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وإبرام سونطراك لصفقتين بكيفية مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين “.
وأبدى هذا الأخير تقبله لإعادة ملاحقته من طرف القضاء وفتح ملفات سوناطراك، بقوله في بيان نشره على صفحته الرسمية على ” فيسبوك ” : ” لقد تلقينا بكل صدر رحب نبأ فتح التحقيقات القضائية التي ورد اسمنا فيها، بل ونثمن عالياً الصرامة التي اتخذتها مصالح العدالة بشأن محاسبة كل من تورط في نهب المال العام وغير ذلك “.
وأعلن دعمه “لفتح ملفات الفساد بكل استقلالية ودون أي ضغوط ضَماناً لإحقاق الحق وكشف المَدينين من جهة، وكذلك لإنصافِ كل من اتُّهم خاصة في هذا الزمان الذي ينصب فيه الناس أنفسهم قضاة”.
سيناريوهات متعددة
وأمام هذه التطورات وفي وقت يواصل الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد الضغط على المؤسسة العسكرية للإطاحة برموز نظام الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة, تصبح الجزائر أمام سيناريوهات متعددة أبرزها: قبول مؤسسة الجيش بالحل السياسي، بمعنى تأجيل الاستحقاق الرئاسي الذي كان من المقرر تنظيمه في الرابع يوليو القادم بسبب اتساع رقعة الرفض إضافة إلى فشل مشاورات الرئاسة بشأن إنشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات الرئاسية، لكن تأجيلها سيفتح الباب أما فراغ دستوري واضح وهو ما رفضه قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الذي حذر من هذا الفراغ.
وبدأت في هذا السياق المعارضة في الإعداد لخطة انتقالية خلال مؤتمر وطني أعلنته الخميس يجمع كل مكونات المعارضة السياسية وشخصيات الحراك والنقابات وممثلي المجتمع المدني، يوفر مقترحاً يمكن للمؤسسة العسكرية تبينه للخروج من الأزمة الراهنة.
وتقترح المعارضة فكرة تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مستقلة، بدأت اتصالات بشأنها مع عدد من الشخصيات المتوافق عليها في الجزائر لقيادتها، كرئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، ووزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي، والناشط في الحراك الشعبي مصطفى بوشاشي ووزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، وبدرجة أقل الرئيس السابق ليامين زروال.