أقلام مختارة

جاري “الراعي”… و”عشيرة” الصحافة

بسام البدارين

بسام البدارين

كنت أستمتع بغبطة وأنا أرى والدي يشاهد ويرافق بفرح “أغنام جارنا” وصديقه العزيز ابو فيصل الفايز –رحمهما ألله-ثم يجلسان حول الموقدة ويشعلان “نار القهوة” وتبدأ “وصلة الهيشي”.
الأخطر برأيي من ذلك الفرح الطفولي مع الأغنام هو ما يلي: والدي الفقير لا يؤمن بتقديم اي طعام لأي ضيف من خارج العائلة الصغيرة بدون “ذبيحة”.
بكل صراحة عندما يأتينا ضيف من وزن لا علاقة له ب”ذو الجناحين” كان والدي وبلا تردد يلجأ لأسهل الخيارات وبدون الاضطرار للدفع إلى حين ميسرة حيث أغنام النشمي ابو فيصل إبن حمر النواظر متاحة لوالدي وبأي وقت وبدون سؤال وبدون وجود مالك الاغنام او راعيها.
أمر أبو فيصل بوقت مبكر جميع أولاده الكثر..”إذا حضر الحاج ابو باسم فليأخذ ما يشاء من بيتي ومن القطيع وحتى منكم”.
أقسم بإلله العظيم اني لم أرصد باكيا ومتأسفا على رحيل والدي بقدر جاره الحبيب راعي الاغنام وأنه- اي نفس الجار- غادر بوقت قصير بعد والدي.
جالست مع والدي”غنمات العم ابو فيصل” عدة مرات عندما كان صاحبها يضطر للمغادرة إلى “عمان” وهي صيغة يستخدمها الراحل للتحدث عن “مدينة الحسين الطبية” رغم انه يقيم في وسط وعمق عمان.
هنا حصريا كان أبي “راعيا” بإمتياز ويتحدث بسرور وفرح مع القطيع وأحيانا يغني و”يقصد” له.
لعلها بداوة “السموع” التي تحدث عنها احد المعلقين على نص الزميل الرائع سامح محاريق مع ان والدي “الأمي” كان يحاول لفت نظري لإن كلمة “راعي” تعني “مالك” القطيع وليس موظفا بالأجرة.
لا ينبغي لأحد مهما كان وفي اي وقت ان يشعر بانه يستطيع “تجريح”راع أو الاساءة لمهنته او ملكيته.
وهذه المراعي بعدما حاولنا إذلالها حكومة وشعبا بمدن الاسمنت التي تشبه القبور لها أصحابها ولا ينبغي ان ينازعهم أحد بأي ذريعة فيها.
أخطأ بوضوح الزميل الذي ربط بين “الراعي والرعاع” وأحسب انه إستدرك وإعتذر ضمنا.
لا اريد ان أدخل في النقاش حول أصل حادثة “شفا بدران” وما تبعها من تجديف مقلق وكراهية كان يمكن الاستغناء عنها ومن عدة أطراف ولأسباب تخصني يعرفها غالبية المقربين ومن باب”الترفع”.
لكن لسبب أو لآخر أحببت إستذكار “جارنا الراعي” وقصته مع والدي رحمهما الله.
وأحب ان اوجه عموما ل”عشيرة الصحافة” كما يصفها عبد الكريم الدغمي مع حفظ كريم ألقابه رسالة قصيرة عنوانها نضج الموقف والكلمة أكثر عند “الصبر” قليلا.
*المصدر: صفحة الكاتب بموقع “فيسبوك”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق