مشاري الذايدي
اليوم، حديثنا عن شخصية مثيرة وغامضة، هي حافر أساس في تكوين الوجدان والخيال والحكمة لدى ابن الجزيرة العربية منذ عدة قرون.
شخصية الاختلاف حول عصرها وأصلها، مولده ووفاته، مشربه ودياره، قديم متجدد، لكن ما لم يختلف عليه الباحثون والمهتمون هو أنه خزانة كبرى من خزائن «القول» الشعري والحكم المأثورة لدى ابن نجد والأحساء والخليج والبادية بشكل عام بالجزيرة العربية.
إنه الشاعر المغامر الفلكي الخرّيت (أي العارف بالمواضع) راشد الخلاوي، الذي يقال إنه عاش بالقرن الثامن الهجري، وثمة من يقول بل عاش بعد ذلك بزمن كثير، والله أعلم.
كتب عنه باحثون كبار، أمثال المرحوم عبد الله بن خميس والعلامة ابن عقيل الظاهري وغيرهما، حتى العصر الحديث، مثل كتاب الباحث السعودي سعد الحافي عنه.
يقال إن شعره الذي دوماً يصدّره بهذا المطلع «يقول الخلاوي والخلاوي راشد» هو المرحلة الوسيطة بين الشعر الهلالي، نسبة لبني هلال، والشعر النبطي بشكله الجديد الذي وصل قمة شكله الفني مع أمثال محسن الهزاني وابن لعبون ومن أتى بعدهما.
نركز اليوم على بعض شعره البديع، وغالب قصائده من المطولات، تبلغ مئات الأبيات، وهو مرجع الفلاح والبدوي في معرفة الأنواء والمواسم والمواضع حتى وقت قريب.
تأملوا معي بهذه الرائعة العظيمة لراشد الخلاوي:
يا طول ما وسدت رأسي «كتادة» – من خوفتي يعتاد لين الوسايد
فمن عوّد العين الرقاد تعودت! – ومن عوّد العين المساري تعاود
ومن والف المشراق والكنّ والذرا – يموت ما حاشت يديه الفوايد
الأيام ما باق بها كثر ما مضى – والأعمار ما اللي فات منها بعايد
نعدّ الليالي، والليالي تعدنا – والأعمار تفنى، والليالي بزايد
إلى دقّت الوسطى، الإبهام، تذكرت – زمان مضى ما هو لمثلي بعايد.
لو كان ثمة موضع للشرح لغير متذوقي الشعر النبطي لشرحت، لكن أظنها بقليل من التأمل واضحة السبك نبيلة المعنى. بالمناسبة، «الكتادة» تعني: شوك القتاد.
تروى حكايات عجيبة عن راشد، منها أنه كان «غوغل إيرث» الماضين، ويعرف تفاصيل أرض الجزيرة العربية، وحين حضرته الوفاة، قال لابنه: لقد دفنت لك كنزاً ثميناً في موضع بصحراء الصمّان، إن عرفته من خلال وصفي له بهذه الأبيات فهو لك، أو لا تستحقه.
من هذا الوصف قوله:
وترى دليله مروة فوق جاله – خيمة شريفٍ في مراح عزيب.
ويعلّق الباحث سعد الحافي: الخلاوي في الحقيقة كان يصف موضعاً لخزن الماء في قيظ الصحراء بهذا الموضع، وهو ما يطلق عليه محلياً وصف «الدحل»، أي كهف أرضي متشعب، ندرة من يعرفون هذا الموضع، وهذا هو الكنز الذي عناه راشد.
حكايات هذا الرجل العجيب مثيرة وغنية، وربما أودع فيها الرواة شيئاً من خيال الأجيال اللاحقة.
يقول الخلاوي… والخلاوي راشد.
شخصية الاختلاف حول عصرها وأصلها، مولده ووفاته، مشربه ودياره، قديم متجدد، لكن ما لم يختلف عليه الباحثون والمهتمون هو أنه خزانة كبرى من خزائن «القول» الشعري والحكم المأثورة لدى ابن نجد والأحساء والخليج والبادية بشكل عام بالجزيرة العربية.
إنه الشاعر المغامر الفلكي الخرّيت (أي العارف بالمواضع) راشد الخلاوي، الذي يقال إنه عاش بالقرن الثامن الهجري، وثمة من يقول بل عاش بعد ذلك بزمن كثير، والله أعلم.
كتب عنه باحثون كبار، أمثال المرحوم عبد الله بن خميس والعلامة ابن عقيل الظاهري وغيرهما، حتى العصر الحديث، مثل كتاب الباحث السعودي سعد الحافي عنه.
يقال إن شعره الذي دوماً يصدّره بهذا المطلع «يقول الخلاوي والخلاوي راشد» هو المرحلة الوسيطة بين الشعر الهلالي، نسبة لبني هلال، والشعر النبطي بشكله الجديد الذي وصل قمة شكله الفني مع أمثال محسن الهزاني وابن لعبون ومن أتى بعدهما.
نركز اليوم على بعض شعره البديع، وغالب قصائده من المطولات، تبلغ مئات الأبيات، وهو مرجع الفلاح والبدوي في معرفة الأنواء والمواسم والمواضع حتى وقت قريب.
تأملوا معي بهذه الرائعة العظيمة لراشد الخلاوي:
يا طول ما وسدت رأسي «كتادة» – من خوفتي يعتاد لين الوسايد
فمن عوّد العين الرقاد تعودت! – ومن عوّد العين المساري تعاود
ومن والف المشراق والكنّ والذرا – يموت ما حاشت يديه الفوايد
الأيام ما باق بها كثر ما مضى – والأعمار ما اللي فات منها بعايد
نعدّ الليالي، والليالي تعدنا – والأعمار تفنى، والليالي بزايد
إلى دقّت الوسطى، الإبهام، تذكرت – زمان مضى ما هو لمثلي بعايد.
لو كان ثمة موضع للشرح لغير متذوقي الشعر النبطي لشرحت، لكن أظنها بقليل من التأمل واضحة السبك نبيلة المعنى. بالمناسبة، «الكتادة» تعني: شوك القتاد.
تروى حكايات عجيبة عن راشد، منها أنه كان «غوغل إيرث» الماضين، ويعرف تفاصيل أرض الجزيرة العربية، وحين حضرته الوفاة، قال لابنه: لقد دفنت لك كنزاً ثميناً في موضع بصحراء الصمّان، إن عرفته من خلال وصفي له بهذه الأبيات فهو لك، أو لا تستحقه.
من هذا الوصف قوله:
وترى دليله مروة فوق جاله – خيمة شريفٍ في مراح عزيب.
ويعلّق الباحث سعد الحافي: الخلاوي في الحقيقة كان يصف موضعاً لخزن الماء في قيظ الصحراء بهذا الموضع، وهو ما يطلق عليه محلياً وصف «الدحل»، أي كهف أرضي متشعب، ندرة من يعرفون هذا الموضع، وهذا هو الكنز الذي عناه راشد.
حكايات هذا الرجل العجيب مثيرة وغنية، وربما أودع فيها الرواة شيئاً من خيال الأجيال اللاحقة.
يقول الخلاوي… والخلاوي راشد.
الشرق الأوسط