تحقيقات
فضيحة تطال زعيم اليمين المتطرف النمساوي قبل أيام من انتخابات أوروبية
ـ فيينا ـ تهز اليمين المتطرف في النمسا قبل ثمانية أيام من الانتخابات الأوروبية، فضيحة تتمثل باتهام زعيمه الذي يتولى أيضاً منصب نائب المستشار بمحاولة التآمر مع سيدة قريبة من شخصية روسية نافذة، ويمكن أن تربكه قبل الاستحقاق الأوروبي.
وتمّ تصوير نائب المستشار النمساوي هاينز-كريستيان شتراخه بكاميرا خفية وهو يناقش، قبل أشهر من انتخابات 2017 التشريعية، امراة يعتقد أنها مرتبطة بشخصية روسية نافذة، احتمال تقديم مساعدات مالية مقابل منحها مدخلاً لعقود حكومية مع النمسا.
ووضعت هذه المعلومات التي نشرتها مساء الجمعة صحيفتا “سيدوتشيه زيتونغ” و”دير شبيغل” الألمانيتين برفقة مقاطع من الفيديو المذكور، الائتلاف الحاكم في النمسا في حالة استنفار. ويرأس الائتلاف الحكومي رئيس “الحزب الشعبي النمساوي” سيباستيان كورتز.
والسبت، طالبت الصحافة النمساوية باستقالة سريعة لهاينز-كريستيان شتراخه، زعيم أكثر الكتل القومية نفوذاً في الاتحاد الأوروبي، والمتحالف مع تيار ماتيو سالفيني في إيطاليا وتيار مارين لوين في فرنسا.
ومن المقرر أن يلتقي شتراخه زعيم “حزب الحرية” النمساوي عند الساعة 11,00 (9,00 ت غ) مع المستشار الذي قد يطلب منه الاستقالة، وفق وسائل الإعلام.
وعنونت السبت صحيفة “كرونين تسايتونغ” الأكثر انتشاراً في النمسا “حزب الحرية انتهى”.
وتناول الحديث المسرّب بين المستثمرة الروسية وشتراخه خصوصاً صحيفة “كرونين تسايتونغ”. وتضمّن طلباً باستثمار السيدة الروسية في الصحيفة، لدفعها إلى نشر عناوين موالية لحزبه، خلال لقاء في فيلا في جزيرة إيبيزا.
واقترح شتراخه حينها على المستثمرة الروسية أن يمنحها مقابل دعمها عقوداً حكومية. وكان شتراخه حينها برفقة أحد مساعديه المقربين يوهان غودينوس وهو رئيس الكتلة البرلمانية الحالية لحزب الحرية.
مثل أوربان
ووفق نص المحادثة، قال شتراخيه أن المستثمرة الروسية “ستحصل على كافة العقود العامة التي هي اليوم بيد ستراباغ”، وهي مجموعة بناء نمساوية نافذة جداً في هذا القطاع.
واستبعد شتراخه أن تقاوم إدارة تحرير صحيفة “كرونين تسايتونغ” الأموال، لأن “الصحافيين هم الأكثر استعداداً على هذا الكوكب لبيع أنفسهم”.
ومنذ عودته إلى السلطة في عام 2017، اتهم حزب الحرية باستهداف وسائل الإعلام، خصوصاً قناة “أو ار اف” العامة، التي يتهمها بالانحياز.
وأخبر شتراخيه أيضاً المستثمرة الروسية أنه يرغب في “بناء مشهد إعلامي مماثل للذي بناه أوربان” في المجر. وينتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لانتهاكه الواسع لتعددية الصحافة.
وقالت وسائل الإعلام الألمانية أن هذا اللقاء في إيبيزا كان محاولة للإيقاع بزعيم حزب الحرية، لكنها أكدت عدم معرفتها بالجهة المنظمة لهذه العملية التي تمت قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات.
واعترف شتراخه للصحافيين بحصول هذا اللقاء، لكنه نفى القيام بأي فعل مستهجن.
وفي تصريحاته لصحيفة “سود دويتشه تسايتونغ”، أشار إلى “كمية الكحول الكبيرة” التي تناولها ذلك المساء وإلى “عائق اللغة” الأساسي مع محدّثته.
وبحسب المقاطع التي نشرت، يشرح شتراخه أيضاً للسيدة الروسية عن آلية لتمويل الحملة الانتخابية تسمح بالتحايل على ديوان المحاسبة، عبر دفع الأموال لجمعية وليس مباشرةً للحزب. وأشار إلى منح تتراوح بين 500 ألف إلى مليوني يورو، ذاكراً أسماء كبار رؤساء الشركات النمساويين الذين يمولون حزب الحرية.
وتولى النائب يوهان غودينوس الذي يجيد الروسية ترجمة هذه المبادلات الكلامية.
ووقع حزب الحرية قبل وصوله إلى السلطة اتفاق تعاون مع حزب فلاديمير بوتين “روسيا الموحدة”، ما تسبب باتهامه مراراً بارتباطات مشبوهة مع موسكو.
كورتز تحت الضغط
في مؤشر على الاضطراب في أوساط حزب الحرية، ألغى النائب الأوروبي هارالد فيليمسكي رئيس لائحة حزب الحرية للانتخابات الأوروبية، زيارة إلى ميلانو السبت حيث يعقد زعيم اليمين المتطرف الايطالي ماتيو سالفيني اجتماعاً للمعسكر القومي في أوروبا قبل انتخابات 26 أيار/مايو الأوروبية.
واعتبر الحزب الاشتراكي في النمسا هذه الشبهات بأنها “أكبر فضيحة” في تاريخ البلاد منذ 50 عاماً. ورأى من جهته الحزب الليبرالي “نيوس” أنه لا يمكن تفادي عقد انتخابات تشريعية جديدة في البلاد.
وتأتي هذه القضية في أجواء متوترة داخل الائتلاف الحاكم، حيث يجد سيباستيان كورتز نفسه أكثر فأكثر موضع انتقاد لتحالفه مع حزب تورط مراراً في تجاوزات متطرفة.
وخلف هاينز-كريستيان شتراخه يورغ هايدر في رئاسة حزب الحرية، ووجد نفسه مضطراً على تلميع صورة الحزب بإبراز نفسه كنائب جدير بالثقة، بعدما كان يتحرك في أوساط النازيين الجدد في شبابه. (أ ف ب)