السلايدر الرئيسيثقافة وفنون

النقوط بالأفراح الفلسطينية عادة تساعد العريس وتثقل العبىء على المهنئين

محمد عبد الرحمن

– غزة – لم يمضي سوى القليل على انتهاء حفل زفاف عبد الرحمن، لفرحتة العارمة التي عمت قلوب الجميع؛ إذ  بوالده يقدم عليه بدفتر مدون عليه أسماء من قاموا بواجب النقوط من أصدقائه وأقاربه، وبجانب كل اسم المبلغ المدفوع حيث إن مبلغ نقوطه قدر بـ(2000)دولار.

وهذا يوحي بأن العريس سيبدأ بسداد هذا النقوط بنفس المبلغ المدفوع لكل من قام بواجبه بعيداً، عن ظروفه المالية الصعبة وكثرة التزاماته وديونه، التي ترتبت عليه حتى انتهى من مراسم عرسه وتحضيراته.

سداد النقوط

ويقول ل””: “أغلب الذين نقطوني بالفرح هم من أخوتي وأقاربي وأصدقائي، يتوجب على سداد هذه النقوط، فهناك ولأن أولاد عمومتي قاموا بتنقيطي عن أولادهم الذين تزوجوا بهذا العام.

ويوضح عبد الرحمن:أنه سيبدأ من جديد بمبالغ هو يقدرها حتى يأتي من يسد لأولاده بعد الكبر، لافتاً   أن النقوط عادة قديمة جاءت من باب التكافل الاجتماعي ومساعدة العريس، ولم يكن المال وحده هو النقوط كهذه الأيام، بل كانت الخراف وأكياس الأرز والسكر وأي مادة غذائية وعينية كبيرة تعد نقوطاً ومساعدة للعريس وأهله.

في حين يقول المواطن أبو إبراهيم حميد (42 عاماً ) ويقول “كوني رب أسرة لدي الكثير من الواجبات التي اعتبرها أولويات على المجاملات الاجتماعية، لذا أرى أنني غير ملزم على تحميل جيبي ما لا طاقة لي به إذا ما دعيت لحفل زفاف”.

مسألة شخصية

ويضيف: “النقوط هي مسألة شخصية، لكل منا رؤيته الخاصة، فأنا أرى أن الهدف من جمعة الأصدقاء هي المباركة والوقوف إلى جانب العريس الذي يكون في عرسه بحاجة إلى أن يشعر بدعم أحبابه وأصحابه”.

ويرى عدنان لبد، أن “النقوط” هي عادة جميلة، تعبر عن الترابط والتواصل بين العائلات والجيران والأصحاب، ويقول لـ””:”النقوط هو عرف قديم لا يجوز طمسه، فهو مساعدة بسيطة للعريس الذي ما أن ينهي فرحه حتى تكون ديونه تكومت وهو سلف ودين، فكما يقول المثل “كل شي سلف ودين حتى دموع العين”.

 

ويضيف: “كنت أحرص على أن أنقط أصحابي وأقاربي، وعندما حان دوري وتزوجت، أعدت كل الأموال التي كنت أنفقتها في التنقيط بل وزادت، فحصلت على قرابة 20 ألف شيقل أي ما يعادل ( 6 ألاف دولار)، واستخدمتها لإكمال ثمن العجل الذي كنت سأضطر لدفعه شهريًا ولسنوات لو لم أحصل على هذا المبلغ، الذي أنفقته على أصدقائي كدفعات ميسرة جدًا وفي مناسبات سعيدة”.

ومن وجهة نظر نسائية، فللعروس أيضا من يقوم بتنقيطها؛ لكن بنقوط مختلف قامت صديقة سلوى التي تزوجت قبل عدة أشهر بكتابة ورقة بكل ما ينقصها في بيتها، وعرضتها على زملائها وزميلاتها في العمل وعلى صديقاتها وكل شخص يختار ما يمكن أن يقدمه نقوطا لها، ومساندتها بما تحتاج إليه.

وتبين أن النقوط بهذه الطريقة فكرة معقولة، ولم تشمل النقود فقط، التي من الممكن أن تتبعثر في أي مكان غير مفيد للعروسين.

وأكدت  أنها ستعامل بالطريقة نفسها مع الزملاء والأصدقاء وستعرض عليهم اللائحة ذاتها، وتختار منها ما تستطيع تقديمه لهم في عرسهم ومناسباتهم.

وتوضح نورهان ما حدث في حفل زفافها، حيث تقول “معظم النقوط الذي حصلت عليه كان مصاغا ذهبيا من عائلتي ومن اخوان زوجي ممن قاموا بتلبيسي في الفرح بحيث يرى المدعوون قيمتي لدى أهلي وأهل زوجي”.

وتضيف: حاولت اقناع أهلي وأهله بعدم ضرورة التلبيسة بشكلها التقليدي، وأن يقتصر الأمر على إعطائي الهدية أمام المدعوين، بل حتى وعرضها أمام الكاميرا، لكنني جوبهت بالرفض الشديد وأذكر أن أمي أخبرتني أن عرسي سيكون بلا هيبة إن هم فعلوا ذلك”،

وتواصل حديثها : “بصراحة كل ما كنت أفكر فيه آنذاك هو أن المصوغات الذهبية ستفسد شكل فستان الفرح، والتناسق الذي سعيت إلى إيجاده في ليلتي تلك، ولكن بعد حفل الزفاف تستوعب العروس أن الكثير من الأمور التي تعطيها أهمية كبيرة ليست كذلك مقابل الفرحة والفخر في عيون الأهل”.

تعاون تلقائي

من جهته يؤكد أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الإسلامية الدكتور وليد شبير أن النقوط بجميع أشكاله الحالية هو تطور طبيعي للتعاون التلقائي الذي كان يجمع الناس في أوقات معينة من السنة، كمناسبات الحصاد والزفاف، ويقول “في المدن مثلاً حيث كانت تسود إلى جانب أهمية العائلة أهمية الجيران في الحارة الواحدة كانت الجارات يتساعدن في تجهيز العروس، ويخطن لها أثواباً جديدة بعد أن تزودهن الأم بالقماش”.

وحول الأشكال الجديدة للنقوط يقول شبير “لا أجد ضيرا في الأساليب الجديدة كقائمة الزواج، خصوصا مع الصعوبات المادية المرافقة لعناء الخوض في تكاليف الزواج، فالزواج هو المشروع الذي لم يتنازل المجتمع عن ميزات الفتاة المادية فيه على الرغم من تغير شكل الاقتصاد وانتقال الفتاة من كونها مهيأة لتصبح ربة منزل فقط لتكون امرأة عاملة كذلك”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق