شرق أوسط

السلطات السودانية تحاول التقليل من حجم القمع الدامي خلال عملية فض الاعتصام

ـ الخرطوم ـ سعت وزارة الصحة السودانية الخميس إلى التقليل من حجم القمع الدامي الذي مورس ضد المتظاهرين خلال الأيام الماضية في حين يصر قادة الاحتجاج على مواصلة تحركهم السلمي ضد المجلس العسكري على الرغم من التحول المفاجئ نحو استخدام العنف.

وفي أول حصيلة رسمية، أكدت وزارة الصحة السودانية أن حصيلة عملية فض الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم الاثنين لم تتجاوز 46 قتيلاً، بحسب ما نقلت عنها وكالة الأنباء السودانية الرسمية. ونفت الوزارة حصيلة القتلى التي نشرتها حركة الاحتجاج وبلغت 108.

وأوردت وكالة الأنباء السودانية (سونا) النفي على لسان وكيل وزارة الصحة الدكتور سليمان عبد الجبار.

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية المشاركة في تحالف “إعلان قوى الحرية والتغيير” الذي يقود التظاهرات منذ كانون الأول/ديسمبر، أعلنت الأربعاء أن الحصيلة بلغت 108 قتلى على الأقل وأكثر من 500 جريح خلال ثلاثة أيام. وقالت إن معظم الضحايا قتلوا أو أصيبوا خلال الفض العنيف للاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم.

وقالت لجنة أطباء السودان إن حصيلة هذه “المجزرة” مرشحة للارتفاع وأنه عثر على جثث أربعين من القتلى في نهر النيل، استناداً إلى شهادات أطباء في المواقع التي عثر فيها على الجثث، ولكن دون مزيد من التفاصيل.

ودانت الأم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا من بين دول أخرى القمع الدامي.

وفتحت الشوارع الرئيسة في العاصمة الخميس مع انتشار كثيف لقوات الدعم السريع، وهي قوات تابعة للأجهزة الأمنية، يقول معارضوها إنها ليست سوى نسخة عن ميليشيات الجنجويد المرهوبة الجانب المتهمة بارتكاب فظاعات في إقليم دارفور الذي يشهد نزاعاً في غرب البلاد.

وتتهم قوات الدعم السريع بأنها وراء أعمال القمع الدامية الجارية منذ الاثنين.

وبدت حركة المرور أفضل من الأيام الماضية مع مشاهدة عدد قليل من السيارات والحافلات والحافلات الصغيرة على الطرق. وفتح مزيد من المتاجر أبوابه في اليوم الثاني من عيد الفطر.

وعلى غرار اليومين الماضيين، ألغي العديد من الرحلات الجوية إلى الخرطوم ليلة الأربعاء. وفي المطار، ظلّ أقارب الركاب ينتظرون حتى وقت متأخر من الليل في صالة الوصول الصغيرة دون الحصول على معلومات عن الرحلات الجوية، وفق مراسل لوكالة فرانس برس. وهبط عدد قليل من الطائرات في المطار.

 الثورة مستمرة

ويشهد السودان منذ كانون الأول/ديسمبر انتفاضة شعبية لم يعرف لها البلد مثيلاً أشعلتها زيادة أسعار الخبز وأدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 نيسان/أبريل على يد الجيش.

ولكن التعبئة استمرت وواصل المتظاهرون الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش للمطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين.

وأثار الفض العنيف للاعتصام غير المسبوق صدمة بين المتظاهرين. ولكن على الرغم من القمع والخوف، أكد قادة الاحتجاج تصميمهم على المضي قدماً.

وقال تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الحراك إن “الثورة مستمرة وشعبنا منتصر رغم إرهاب وعنف الميليشيات”.

ودعا التجمع إلى “الإضراب المفتوح والعصيان المدني”، مع التحذير من الدعوات إلى العنف، مؤكداً أن “تمسكنا بالسلمية أقوى وأنجع في هذا الظرف بالذات”.

ويعد إغلاق الطرق السلاح “السلمي” المفضل بالنسبة للمحتجينن إذ أقام المتظاهرون حواجز مؤقتة مصنوعة من الطوب والأحجار والإطارات المحترقة التي تهدف إلى تجسيد “العصيان المدني” وتسمح لهم بحماية أنفسهم من قوات الدعم السريع المنتشرة في شوارع الخرطوم بكثافة منذ ثلاثة أيام.

في حي بحري في شمال الخرطوم، فتح الشارعان الرئيسيان، لكن المتظاهرين قطعوا الطرق الصغيرة التي تربطهما بالأحياء المجاورة. وكانوا أقاموا سابقاً حواجز في الشارعين من الحجارة وجذوع الأشجار لإعاقة الحركة.

 “أكاذيب”

وليست لدى المتظاهرين شكوك حيال هوية مرتكبي القمع الذي طال المعتصمين، إذ يحملون مسؤوليتها الى “ميليشيات” المجلس العسكري، وتحديداً “قوات الدعم السريع”.

وفي شوارع الخرطوم، يجفل السكان لدى مرور هؤلاء العسكريين الشباب بمعظمهم في سياراتهم العسكرية بملابسهم ذات اللون الترابي الفاتح وأسلحتهم الثقيلة.

وانبثقت قوات الدعم السريع في قسم كبير منها من ميليشيات الجنجويد العربية التي نشطت في دارفور بعد اندلاع النزاع فيه بعد العام 2005. وتلقت المحافل الدولية، لا سيما مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، تقارير عدة عن الانتهاكات التي نفذها عناصر هذه الميليشيات ضد مدنيين.

وأكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي” والذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس المجلس العسكري، أنه يقف إلى جانب “الثوار”. لكنه قال إنه لن يسمح بأن ينزلق البلد إلى الفوضى.

وفي بيان، دافع المجلس العسكري عن قوات الدعم السريع ضد ما وصفه بأنه “حملة إعلامية منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بها جهات مغرضة هدفها إشاعة الأكاذيب وتلفيق التهم ودمغ قوات الدعم السريع بالأباطيل وهي منها براء”.

ولا يزال موقعا “فيسبوك” و”تويتر” أداتين أساسيتين في يد حركة الاحتجاج. وفي الأيام الأخيرة، شارك مستخدمو الإنترنت العديد من مقاطع الفيديو التي تُظهر رجالاً يرتدون الزي الرسمي لقوات الدعم السريع وهم يضربون مدنيين عزل.

وقطع الإنترنت عبر الهاتف النقال منذ يوم الاثنين.

وقال المجلس العسكري في بيانه “عندما تفجرت ثورة الشباب الفتية في السادس من نيسان/أبريل، كانت للدعم السريع وقفتها التاريخية الصلبة عندما انحازت لخيار الشعب وإرادته الحرة رافضة أوامر النظام السابق الرامية إلى فض المعتصمين بالقوة، معبرة بذلك عن حكمة عظيمة وقيادة رشيدة. ولولا هذا القرار الصائب لوقع في بلادنا ما لا يحمد عقباه من انزلاق أمني وفوضى عارمة”.

ودعا المجلس العسكري المواطنين الى الابتعاد عن المواقع والمنشآت العسكرية دون تقديم أي مبرر أو شرح لتوجيهاته هذه.(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق