*احمد المصري
ربما لم تهدأ بعد تداعيات مؤتمر المنامة الاقتصادي الذي عقده مبعوث الرئيس الامريكي جاريد كوشنير في العاصمة البحرينية وأطلق خلاله الشق الاقتصادي لخطته للسلام بين العرب وإسرائيل، لكن الاكيد أن الفلسطينيين بدأوا بإعادة التفكير بل وتقييم طرق حل الصراع الذي امتد ولا زال منذ أكثر من 70 عاماً.
لا شك أن من دعوا لمقاطعة خطة كوشنير ومؤتمر البحرين لديهم اسبابهم، لكن بالتأكيد هذه الاسباب لا علاقة لها بالحل ولا بالقضية الفلسطينية وإنما لها علاقة بتأزيم الوضع المتأزم اصلا، فمقاطعة الفلسطينيين الذين لم يدعوا أصلاً للعرس بالنسبة لكاتب هذه السطور وعدد كبير من الفلسطينيين كانت للحفاظ على مكتسبات مادية استشرى فسادها الذي ازكم الانوف في السلطة الوهمية في رام الله للاستمرار في “حلب” الدول الداعمة للسلطة وعلى راسها الدول العربية.
وللتذكير انه وفي اثناء دعوات سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس المنتهية ولايته لمقاطعة مؤتمر البحرين وكيل الاتهامات بل والشتائم للدول التي حضرت المؤتمر، كان وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة وعراب التنسيق الامني مع اسرائيل حسين الشيخ مجتمعين بوزير المالية الاسرائيلي موشيه كحلون في القدس، فاي نفاق سياسي هذا الذي تمارسه سلطة عباس.
اتهامات التطبيع مع اسرائيل التي طالت كل المشاركين في المؤتمر والدولة التي عقد بها على لسان عدد لا باس به من كتبة سلطة رام الله او المحسوبين على حلف “المقاومة” لم ترى تطبيع سلطة عباس اليومي بل وتبادل المعلومات الامنية مع دولة الاحتلال وتسليم المطلوبين الفلسطينيين لتل ابيب.
الاكيد ان تلك الاتهامات والشائم لن تضر الدول الموجهه لها بل ستعود بالضرر على الفلسطنيين انفسهم، والذين يسكنون ويعملون في تلك الدول، فاي غباء سياسي هذا الذي يمارسه البعض تجاه دول هي السند والداعم للقضية الفلسطينية والفلسطنيين، وقمة ذلك النفاق صدر من كتاب في الاردن ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ رغم ان الاردن لديه معاهدة سلام مع اسرائيل وتمثيل دبلوماسي متبادل فلم يرى هؤلاء الكتاب تطبيع بلادهم العلني بل فقط التطبيع العربي.
سلطة عباس صدعت رؤوسنا بأنها لم تفوض أحد للتحدث باسم الفلسطينيين او التفاوض نيابة عنهم هي نفس السلطة التي قوضت منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) بل ووأدتها وجعلتها كياناً مهمشاً لا وظيفة له ولا يمثل سوى أعضاء تلك المنظمة التي دمرت السلطة مؤسساتها لصالحها.
ومن هنا نريد أيضاً التذكير أن تلك المنظمة التي انشأت بقرار من مؤتمر القمة العربي 1964 في القاهرة كان الهدف الرئيسي من إنشائها هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح. إلا أن نفس المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية مؤقتاً في جزء من فلسطين من العام 1974 وهي نفس المنظمة التي اعترفت بدولة إسرائيل في 1988.
تلك المنظمة والتي يدعي كثيرون انها تمثل الكل الفلسطيني لا يوجد فيها ممثلين لحركتي حماس والجهاد الاسلامي فيها، إضافة الى تعليق كلاً من الجبهتين الشعبية والديمقراطية لمشاركتهما بها، وبالتالي فلا يمكن ادعاء انها تمثل الكل الفلسطيني، وخاصة اولئك الغير منتمين لاي فصيل فلسطيني ناهيك عن فلسطيني الشتات والذين يعتبرون أكثر من النصف.
ومن هنا نرى أن الطريق الى حل الصراع العربي ـ الاسرائيلي يجب ان يكون بداية بتحديد من يمثل الكل الفلسطيني وهو موضوع خلافي لا يخفى على أحد، فحركة حماس تسيطر على قطاع غزة فيما تسيطر حركة فتح على الضفة الغربية.
فلماذا لا تقوم الادارة الامريكية او جامعة الدول العربية والتي انشأت منظمة التحرير الفلسطينية بعمل استفتاء شعبي للكل الفلسطيني في الداخل والخارج وبمساعدة دول الشتات لتحديد من يمثل الفلسطينيين اولا، اضافة الى استفتاء شعبي اخر حول رؤية الشعب الفلسطيني لحل هذا الصراع الذي طال امده، فعلى سبيل المثال لا الحصر هل تؤيد دولة واحدة لشعبين؟ او دولتين؟ فدرالية او كونفدرالية مع الاردن؟ ووضع ورقة تكون بها المطالب الفلسطينية بشكل واقعي وقابل للتفيذ.
السلطة الفلسطينية التي اصبحت عبئاً على الشعب الفلسطيني وتعتاش على المساعدات التي تمنح للشعب انتهت صلاحيتها منذ زمن، وهي من اوصل القضية الفلسطينية الى ما وصلت اليه، لذلك فلا يصح أن تحاضر على العرب ولا على الغرب بالشرف، فالاولى لها أن تستر عوراتها وفسادها الذي ازكم انوف العرب قبل الفلسطينيين.