مال و أعمال

إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للارهاب تعيق تطور اقتصاده

  – رسم رجل الاعمال السوداني سمير أحمد قاسم لنفسه صورة زاهية عن بلاده عندما رفعت واشنطن قبل عام عقوبات اقتصادية فرضتها لمدة عقدين من الزمن على الخرطوم، لكن التدهور الذي حدث منذ ذلك الوقت جعله يتخلص من عشرات العمال في مصنعه.

ويقول قاسم من داخل مؤسسته التي تصنع المواد الغذائية والعصائر “الآن مصنعنا يعمل لثماني ساعات فقط مقارنة بأربع وعشرين ساعة في السابق”.

وبرزت توقعات بأن يتجاوز الاقتصاد السوداني أزمته عقب إلغاء العقوبات في الثاني عشر من تشرين الاول/أكتوبر 2017.

لكن رجال أعمال سودانيين يؤكدون أن بقاء السودان في “قائمة الدول الراعية للارهاب “حطم هذه الآمال.

ويقول سمير “أجبرتنا ارتفاع تكاليف الإنتاج على تسريح العديد من عمالنا”.

وبينما عمال مصنعه منهمكون في تغليف قطع حلوى داخل آنية بلاستيكية، وهم يضعون كمامات ويغطون أيديهم بقفازات، يشير الى أن مئات المصانع أغلقت أبوابها.

ويوضح مسؤولون، أنه على الرغم من زوال العوائق القانونية أمام الاستثمار في السودان، إلا أن المصارف الدولية والمؤسسات المالية العالمية والمستثمرين لا يزالون يخشون القيام بتعاملات تجارية مع بلد تدرجه واشنطن على قائمتها السوداء.

ويقول أسامه داود عبد الطيف، رئيس مجموعة شركات “دال” الأكبر في السودان، “فقدنا فرص تمويل تبحث عن مشروعات جيدة”.

ويضيف عبد الطيف ذو السبعة والستين عاما والذي يدير استثمارات تتجاوز 1,5 مليار دولار في مجالات مختلفة من الزراعة الى العقارات، “المشكلة في القيود”.

ويؤكد أن بقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب حرمه من موارد دولية كانت ستساعد الاقتصاد على التعافي من التدهور.

ويتابع أسامه لوكالة فرانس برس خلال وجوده في ملعبه للغولف في ضاحية الخرطوم “من مصلحة واشنطن والخرطوم الخروج من هذا النفق، لكن من سوء الحظ أن الولايات المتحدة تغير أهدافها كل مرة، ما يصعب الوصول الى حل نهائي”.

في عام 1993، وضعت واشنطن الخرطوم ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب بحجة مساندتها لمجموعات إسلامية متشددة، وقصفت بالصواريخ في عام 1998 منشآت صناعية بالخرطوم.

وعاش مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامه بن لادن في السودان خلال الفترة الممتدة من 1992 الى 1996.

– “ضياع الفرص” –

وازدادت وطأة أزمة السودان الاقتصادية منذ كانون الثاني/يناير الماضي، وأصبحت رؤية طوابير الحصول على وقود السيارات ورغيف الخبز وأشياء ضرورية أخرى، أمرا عاديا في شوارع الخرطوم.

كما أدى وضع البلاد على القائمة الى نقص في العملات الاجنبية، إذ أحجمت المصارف الدولية عن إجراء التحويلات من المصارف السودانية.

وفي حين ظل اقتصاد البلاد على مدى عقد من الزمن وحتى عام 2008، يسجل نموا بلغ 6%، أخذ في التراجع بعد ذلك. وبرزت الأزمة عقب عام 2011 عندما انفصل جنوب السودان عن بقية البلاد وأخذ معه عائدات النفط وتراجع الاحتياط من العملات الأجنبية.

ووفق لصندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد السوداني نما بنسبة 3,2 في المئة في العام 2017 في ظل دين خارجي بلغ حوالى 55 مليار دولار.

ومنذ كانون الثاني/يناير الماضي، تضاعفت أسعار المواد الغذائية واقترب معدل التضخم من 70%، وتسبب ذلك في خروج تظاهرات ضد الحكومة.

ويقول أحمد أمين، رئيس مجموعة شركات “سي تي سي”، واحدة من كبريات الشركات بالبلاد، “العجز التجاري 60%وأثر ذلك مباشرة في تراجع قيمة الجنيه السوداني”.

ويشير الى أن رفع اسم السودان من قائمة واشنطن سيكون رسالة الى المستثمرين ما وراء البحار مفادها “الآن يمكنكم دعم السودان”.

بيد أن أسامه عبد اللطيف يشير الى أن اقتصاد السودان لم يتأثر فقط بما فعلته واشنطن بل بما فعله السودان نفسه الذي “ضيع فرصا” لزيادة نموه عندما كان يستمتع بحوافز عائدات النفط.

ويضيف “أعتقد أنه كان علينا أن نعمل أكثر في قطاع الزراعة باستخدام الدخل الذي استمتعنا به من النفط”.

– دفع أمريكي –

ويستورد السودان ملايين الأطنان من القمح وحبوبا أخرى، رغم أن المنتجات الزراعية هي صادراته الرئيسية. ولديه ثروة حيوانية تصل الى حوالى 120 مليون رأس واحتياطي من الذهب والحديد.

ويقول رئيس بعثة واشنطن الدبلوماسية لدى الخرطوم ستيفن كوستيس لوكالة فرانس برس إن الطريق ما زال شاقا أمام السودان.

ويؤكد أن وضع السودان في القائمة السوداء وضع قيودا على نمو الاقتصاد، لكنه شدد على أن السودان “كانت له خيارات اقتصادية سيئة لأعوام”.

ويتابع كوستيس من داخل مقر بعثته “من جانب الولايات المتحدة، أكبر وأهم شي يمكن القيام به، هو الوصول الى مكان يسمح لها بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب”، مضيفا أن “جزءا من أجندتي خلال فترة وجودي هنا هو مساعدة السودان لتحقيق الشروط” التي تتيح له ذلك.

ويشدد عبد الطيف على وجوب أن يقوم السودان بعدد من الإصلاحات في اقتصاده مثل توحيد سعر صرف العملة بين القيمة الرسمية وفي السوق السوداء.

ويقول رجل الأعمال المخضرم “الكلمات الطيبة وحدها لن تساعد الناس. علينا إيجاد سبيل لمساعدتهم. آخر ما تنيده هو وجود أناس جوعى”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق