شرق أوسط
شبكة أنفاق وكهوف حفرتها الفصائل المعارضة في شمال سوريا وشكلت ملجأ لها
ـ اللطامنة ـ تصل أنفاق تمتد مئات الأمتار بين كهوف محفورة في الصخر لتشكل شبكة واسعة كانت تستخدمها الفصائل المعارضة مقراً لها قرب بلدة اللطامنة السورية، وفق ما يقول الجيش السوري وحلفاؤه الروس.
وعلى هامش جولة نظمها الجيش الروسي لصحافيين، نزل فريق فرانس برس إلى شبكة الانفاق والكهوف على بعد كيلومتر من بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي، والتي سيطرت القوات الحكومية عليها في آب/اغسطس الفائت.
على جانبي الطريق المؤدية لمدخل الأنفاق المحفورة تحت جبل صخري، انتشرت هياكل آليات عسكرية وسيارات محترقة أو مدمرة لا تزال شاهدة على المعارك العنيفة التي شهدتها المنطقة لأسابيع طويلة.
ويرجح الجيش الروسي أن هذه الشبكة كانت تتسع لحوالى خمسة آلاف شخص.
ويقول قيادي في الجيش السوري للصحافيين “نعتقد أن الشبكة حفرت قبل نحو أربع سنوات باستخدام آليات متطورة من طراز غير متوافر في سوريا”.
ويوضح القيادي، الذي يتجول برفقة الصحافيين داخل الشبكة مع خبراء روس في نزع الألغام، أن المقاتلين “الذين قاتلوا هنا انسحبوا باتجاه الشمال، بداية إلى خان شيخون” قبل أن ينتقلوا إلى مناطق أبعد بعد سيطرة القوات الحكومية على المدينة الواقعة في ريف إدلب الجنوبي.
وداخل احد الكهوف، لا تزال راية فصيل “جيش العزة” المعارض، الذي كان ينشط في شمال حماة، معلقة على احد الجدران.
وإثر عملية عسكرية بدأتها في نهاية نيسان/أبريل، سيطرت قوات النظام السوري بدعم روسي الشهر الماضي على بلدات وقرى عدة في شمال حماة وريف إدلب الجنوبي. وبعد أسابيع من القصف العنيف التي سقط ضحيته مئات المدنيين، يسري في إدلب منذ نهاية آب/أغسطس اتفاق هدنة لا يخلو من الانتهاكات.
ومحافظة إدلب ومحيطها مشمولان باتفاق أبرمته روسيا وتركيا في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018 ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، على أن تنسحب منها المجموعات الارهابية. إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذه.
وتتهم دمشق أنقرة بالتلكؤ بتنفيذ الاتفاق، كما أنها تعهدت مراراً استعادة كامل إدلب.
شبكة الطائرات المسيرة
رغم أنها تمتد مئات الأمتار، بدت الأنفاق ضيقة جداً في بعض المناطق، لكنها تربط بين غرف عدة حفرت في الصخر، إحداها خصصت للصلاة، وأخرى كانت عبارة عن سجن وثالثة كانت تستخدم كورشة لصناعة الطائرات المسيرة، وفق ما يقول العسكريون الروس والسوريون.
ولم يجر حتى الآن تحديد مساحة الشبكة بالكامل، إلا أن القوات الحكومية والروسية وجدت فيها ذخائرة وأسلحة تركتها الفصائل خلفها.
ويرجح عسكريون أن الشبكة كانت تستخدم أيضاً من قبل فصائل ارهابية على رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب ومحيطها.
وكانت تلك الأنفاق والكهوف تشكل ملجأ للمقاتلين تحميهم من القصف العنيف الذي كان يلاحقهم من الطائرات الحربية السورية والروسية.
ولا تزال الأنفاق والكهوف شاهدة على أيام قضاها المقاتلون فيها، إذ تنتشر فيها عبوات المياه البلاستيكية الفارغة ومعلبات الطعام وحتى الثياب. وجرى تجهيز إحدى الغرف بتلفزيون وأشرطة كهربائية للإضاءة.
وعلى بعد 400 متر من مدخل الشبكة، شاهد مراسل فرانس بقع دماء على الأرض وزنازين مغلقة بأبواب حديد صدئة يعتقد عسكريون سوريون إنها كانت عبارة عن سجن.
وقد عثر الجيش الروسي، وفق قوله، حتى الآن على عشر شبكات أنفاق تحت الأرض في شمال غرب سوريا وأخرى في منطقة تدمر، التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، في وسط البلاد.
ويعتقد عسكريون أن شبكة اللطامنة كانت تُشكل إحدى الورش الأساسية لصناعة الطائرات المسيرة التي تستخدمها الفصائل المعارضة لشن هجمات على قوات النظام أو على قاعدة حميميم الجوية الروسية في غرب اللاذقية. (أ ف ب)