طوني فرنسيس
أعيد فتح المعبر الحدودي «نصيب» بين الأردن وسورية بعد إقفال شامل للحدود بين البلدين استمر منذ عام 2015، ولم يتطلب الأمر زيارة يقوم بها العاهل الأردني إلى دمشق، أو زيارة رئيس وزرائه، أو حتى وزير النقل في حكومته. تم حل مسائل تقنية وأمنية تتعلق بأمن الجانب الأردني أولاً ثم تم فتح المعبر الذي يسهل حركة التنقل المضبوط بين البلدين.
قبل نصيب أعيد فتح معبر القنيطرة بين إسرائيل وسورية، ليصل الجولان المحتل بالجولان غير المحتل، رتب الروس العملية بموافقة الأميركيين والإسرائيليين والنظام السوري وتولت إخراجها الأمم المتحدة، وسيتيح هذا المعبر دخول بضائع زراعية من الجولان المحتل إلى سورية ووفود من إسرائيل، تأتي في صيغ مختلفة، إلى لقاءات متعددة الصفات والمواصفات في الجانب الآخر من الحدود.
وغير نصيب والقنيطرة، لا تزال المعابر السورية مع العراق مقفلة، إلا لضرورات عمل الحشد الشعبي والاستشاريين الإيرانيين، تضاف إليهم قوات التحالف الدولي بقيادة القوات الأميركية، وأحد أهداف زيارة إبراهيم الجعفري إلى دمشق كان البحث في إمكان فتح المنافذ المتاحة بين البلدين للتبادل والمرور الطبيعي.
وفي الناحية التركية لا معابر سورية «شرعية»، الدخول والخروج هو في يد الاتراك، والطرق توصل إلى مناطق الميليشيات التي تدعمها تركيا من شمال حلب إلى غرب إدلب.
وحدها الحدود اللبنانية السورية بقيت مفتوحة ومشرعة أمام سورية النظام وسورية المعارضة، دخلها جيئةً مئات ألوف الهاربين من القتل والدمار، ومعهم الآلاف من أنصار النظام، عسكريين ومدنيين، مئات الألوف كانوا يبحثون عن مأوى، وجماعة النظام يبحثون عن أعمال وطبابة ومحطة سفر. وذهاباً ظلت الحدود مفتوحة أمام الألوف من عناصر «حزب الله» بعتادهم وأسلحتهم وقد هبوا للدفاع عن الأسد وحكمه. وتم ذلك بحرية تامة ومن دون قيود فيما كان لبنانيون كثر، بينهم وزراء وسياسيون يواصلون زياراتهم دمشق لأعمالهم الخاصة أو تأكيد الولاء والاطمئنان إلى أوضاع السادة السابقين. مع ذلك، لم تثر ضجة عن ضرورة البحث المباشر بين حكومتي البلدين كما أثيرت في الحديث عن العلاقات السورية- اللبنانية.
لم يحصل ذلك في الأردن ولا في العراق ولا مع تركيا ولا حتى مع إسرائيل. بدت الاشتراطات على معبر نصيب وكأنها مسألة لبنانية. صار التعامل اللبناني مع النظام السوري شرطاً لاستفادة أصحاب الشاحنات من المعبر، مثلما جعل النظام السوري من مصافحة لبنان الرسمي الأسد شرطاً لعودة مواطنيه إلى سورية. إنه الابتزاز الفاقع الذي يعتقد بعض الساسة في لبنان أنه يحسّن مواقعهم في مواجهة خصومهم المحليين، ويمارسه سوريو الوصاية بحكم تطبعهم وطبعهم، والطبع عادة ما يغلب التطبع.
إلا أن الأمور أبسط من ذلك، والدليل أن المعبر الأردني فتح برعاية لجنة فنية أمنية، وأن المعابر اللبنانية لم تغلق ليعاد فتحها. والقول بالحاجة إلى لقاء القيادة السورية كي تتم عودة اللاجئين السوريين، احتقار إضافي لهؤلاء من الذي يتولى شأنهم، ولنا في عودة لاجئي حرب تموز في لبنان العبرة الأكبر: لقد عادوا إلى قراهم المحطمة فور وقف إطلاق النار وبنداء من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله وبدعم من حكومتهم. فلماذا لا يوجه الأسد نداء مماثلاً بدل التلهي بمماحكات لبنانية؟
الحياة اللندنية