منذ بدايات عام 2016 بدأت العملية الرسمية للتصويت على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وكان ذلك بمثابة بريق الأمل بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. بعد ان ظهر عليه القلق أثناء زيارته للمملكة المتحدة.
ولم يكن ما يقلق ترامب هم اولئك المتظاهرون الذين ينتظرون في كل محطة، أو بأي مكان بلندن، حتى يتمكنوا من ازعاج الرئيس غير أن جل ما أزعجه هو حقيقة وجود فعلي لقوة عظمى قامت –بدورها-بتحويل صعوده إلى السلطة من حالة القوة إلى حالة ضعف.
كان ترامب قد عبر بالفعل عن انزعاجه حيث صرح بان المملكة المتحدة تمر بحالة من “الاضطراب” اثناء مغادرته واشنطن، متهماً -على هامش حوار أجراه مع صحيفة التابلويد صن، “رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي بمحاولة عرقلة وإفساد عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مرجحاً أن يتسبب الموقف المتخذ لإتمام عملية الخروج في القضاء على احتمالية التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر سوق للتصدير في بلد واحد في بريطانيا، على الرغم من وقوفها بجانب الاتحاد الأوروبي، حيث تذهب نحو 43 % من صادرات المملكة المتحدة من السلع والخدمات، وذلك بنسبة 54 % من الواردات. لكن من الصعب تصديق أهمية ذلك الامر لدى ترامب حيث.
تقوم الولايات المتحدة بالتوسع في التجارة مع كندا والمكسيك والصين ما سيجعل اتفاقية التجارة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة امرا من الامور الجيدة، التي يمكن تقديمها كمكافأة على الدعم الأمني البريطاني،
وعلى العكس فان ترامب لديه سبب وجيه للتركيز على تفاصيل الخروج البريطاني وذلك السبب يمثل في المشكلات الخاصة بالعديد من مشاريعه الكبرى –الحدود الفاصلة المكسيكية، حروبه التجارية، ونزع السلاح النووي في كوريا الشمالية
وقد أصبح واضحًا الآن للبريطانيين أن المكاسب الناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن تتحقق على الأرجح، وأن أفضل الامنيات المرجوة هي تسوية شروط الانفصال عن أوروبا التي تقلل من مساوئ المغادرة.
وقد يبدأ هنا الأمريكيون في التفكير في الشيء نفسه حول “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”. حيث كانت كل الشعارات المستخدمة-مستحدثة من بها الخارجيين: ولهذا قابل ترامب ذلك الامر بإعلانه الحرب على المهاجرين والمقيمين بسواحل واشنطن،
إذا استطاعت تلك الحملة أن تحشد الناس ضد مضايقة الأوروبيين في بروكسل، فمن المؤكد أن ترامب قد يحظى بتأييد الأمريكيين إلى جانبه أيضاً. مثل ترشيحه، حيث نجحت حملته في مواجهة الكثير من الصعاب.
لكن حلم خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي، كما قال وزير الخارجية السابق بوريس جونسون في خطاب استقالته، يتلاشى وينتهي؛ حيث من الصعب تخيل طريق العودة إلى وقت ما قبل الاستفتاء.
حيث قامت حكومة ماي بنشر أول وثيقة مفصلة تتضمن مقترحات العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي.
وتحدث الكثيرين حول وضع السوق الأوروبية الموحدة واستعادة السيطرة القانونية، ولكن في حقيقة الامر باتت هناك حاجة للوصول الى اتفاق يراعي فيه الكثير من الترتيبات القائمة في محاولة للحفاظ على تدفق التجارة ومنع الخسائر الاقتصادية. ولاحظ “ترامب، أن قطاع الخدمات المالية في بريطانيا يعاني حالة من التوتر.
كان المفهوم الأساسي لمن قادوا حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي يعتمد على فكرة أن الاستفتاء يمثل هدفاً واضحاً.
والحقيقة ان مجلس الوزراء البريطاني لا يمكنه حتى الاتفاق على نتائج مغادرة الاتحاد الأوروبي حيث انهم لا يملكون فكره واضحة عن ذلك الامر حتى الأن.
وقد عبر كل من ترامب ومؤيدو خروج بريطانيا عن عدم رضاهما عن الوضع الراهن. غير أنهما لا يملكان اية رؤية عملية لنظام جديد. حيث يواجه ترامب الكثير من الثغرات اثناء محاولته السيطرة على الحدود والتعريفة الجمركية. وبنفس الطريقة، لا يفكر البريطانيون في رؤية قابلة للتطبيق، كما أشار الوزير البريطاني الجديد دومينيك رااب.
في نهاية المطاف لا يمكن غض الطرف عن حقيقة أن هناك فرق واحد كبير: فالرئيس ترامب هو رئيس الولايات المتحدة ولديه بعض القوى التي لا يمكن إنكارها ابدا. واما الاخرين فهم شركاء أصغر في الائتلاف في حكومة ضعيفة تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي. ويوضح موقف الحكومة التفاوضي مدى هزالة الحلم الذي باعه المؤيدون للخروج إلى الناخبين. من المؤكد أن هذا سيجعل ترامب منزعج.