*فادي عيد
بعد الزلزال التى أحدثته فى ميلانو بعد اجتماع حشود رهيبة العدد من اليمين المتطرف بحضور ستيف بانون مستشار ترامب الاسبق، مارين لوبان ذات الاصول المصرية وصاحبة الشخصية الفرنسية بحق تعود للمشهد بقوة، فقد تكون رئيسة حزب التجمع الوطني الفرنسي رئيسة للدولة الفرنسية بل وزعيمة لاوروبا، ولما لا وانجيلا ميركل (المانيا قاطرة اوروبا) لن تترشح مجددا لمنصبها بعد حروب وضغوط عليها بأيدي خارجية، وتيريزا ماي متأزمة تنتظر طوق نجاه من ترامب منتصف الشهر المقبل، فى ظل ندم روتشيلد وجورج سورس فى الرهان على شخص مثل ماكرون.
ونذكركم بما قلناه منذ اليوم الاول عند فوزه، وما كررنا عند زيارته الاخيرة لمصر، ماكرون دخل الاليزيه كشاب وسيخرج منه كطفل، وعلى نفس المستوى ستخرج فرنسا من سوريا.
ستنتصر مارين لوبان بدعم من بوتين وترامب معا بجانب قوى اقليمية، وتخيلوا معي شكل العالم والصورة كالاتي :
لوبان فى باريس (وتداعيات ذلك على القارة العجوز وليس فرنسا فقط)، ترامب فى واشنطن، بوتين فى موسكو، شين بينغ فى بكين الى ما لا نهاية ونفس الحال بدول الشرق الاوسط جمعاء.
بالطبع ما ذكر اعلى قد لا يشغل بال الشارع العربي بقدر الاهتمام بما يدور بمنطقة الخليج، بحكم التطورات التى تحدث على الساحة الايرانية، وهذا طبيعي ومتوقع، ولكن الحال ليس ببعيد، والمعادلات متشابهة بما ذكر اعلى فى كلامنا عن اوروبا، وكلها حلقات متصلة ببعض، فلن تحدث حرب على ايران الا بعلم الروسي، أي بعد اتفاق بين ترامب وبوتين، ولو كنت مكان بوتين لجلست مع ترامب على “طاولة التقسيم” التى يعيد التاريخ تشغيلها كل مئة عام مرة، وسلمت ايران لترامب واليهود الذين يقفون حوله، كما تقف الضباع الجائعة حول الاسد منتظرين التهام بواقي الفريسة التى ستسقط من فمه مقابل تركيا.
فتركيا الاقتصادية التى يمر منها انابيب الغاز الروسي (سلاحها الاستراتيجي للوي ذراع اوروبا، واساس اقتصادها)، وتركيا التاريخية (القسطنطينية) والجيوسياسية أهم بكثير للروسي من ايران، ولكن …..، وبتأكيد لهذا الامر حسابات معقدة اخرى يطول شرحها.
وأيا ما كانت تلك الحسابات، فحتى اللحظة الحقيقة الاعمق هي ان بوتين يلاعب الانجلوسكون بتركيا (منظومة اس400) والعكس، ويقرص أذن ايران (الذى كان طموحها الزائد فى سوريا مشكلة لموسكو قبل تل أبيب نفسها) بالانجلوسكسون، والعكس أيضا بتحضير ايران كفيتنام اخرى وليس كعراق.
وعلى نفس المنوال كان الامر بين فرنسا وقطر، ففرنسا التى رفضت تأييد الرباعية العربية (مصر، السعودية، الامارات، البحرين) ضد تنظيم الحمدين الارهابي عند بداية اشتعال الازمة بين الطرفين، كي لا تكون هزيمة لها ضد ترامب فى الشرق الاوسط، الان بدأت فى رفع الغطاء عن قطر، فجاء فتح اولى صفحات كتاب فساد المسؤولين القطريين، فجائت البداية بمالك نادي باريس سان جيرمان وشريكه ناصر العبيدي المدير التنفيذي لشبكة قنوات بي ان سبورت، بعد أن رفضت قطر تنفيذ نصائح فرنسا لها بالابتعاد عن تركيا التى تعد الداعم الاول لارهابيين ومرتزقة طرابلس، ومن هنا كان جوهر لقاء المشير خليفة حفتر والرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون، وقوة تصريح حفتر عندما قال “أن الفرصة لم تعد مواتية لوقف اطلاق النار فى طرابلس”.
نعم فحفتر فى باريس جدد الدعم لطوفان الكرامة، على عكس ما كانوا يتوقعوا قسم المحللين الليبيين التابعين لحكومة الوفاق او حكومة الفرقاطة ان دق التعبير، العاملين تحت وصايا بعض الاجنحة للدولة العميقة بالولايات المتحدة.
خلاصة القول العالم بدأ منذ فترة فى التخلص من المراهقين، وشهور ولن يكون هناك مكان غير للكبار، ولشديدي الذكاء اولا وثانيا وثالثا، أيا كان تاريخهم وجغرافيتهم، أيا كان عمرهم وحجمهم، أيا كان مذهبهم وايدولوجيتهم.
ملحوظة هذه المقالة بها من التحليل والمعلومات والخيال والتمني معا، وكلاهما لم يعد ضد الاخر، فى ظل ما نعيشه من واقع سياسي عالمي تعدى حدود الخيال.
*باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا
[email protected]