تحقيقات

العوامل الاقتصادية الكامنة خلف الحراك الاحتجاجي في لبنان

ـ بيروت ـ يشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر حراكاً شعبياً غير مسبوق مناهضاً للسلطة السياسية التي يعتبرها المحتجون فاسدة وغير قادرة على توفير حلول للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

وحرّك التراجع في مقومات المعيشة والخدمات العامة المتردية في لبنان المتظاهرين في مختلف المناطق، وفي ما يلي أبرز العوامل الاقتصادية الكامنة خلف غضب الشارع.

خدمات عامة متردية

يعاني لبنان من انقطاع يومي للكهرباء وشبه يومي للمياه، وفي بعض المناطق يصل قطع التيار الكهربائي إلى 12 ساعةً يومياً.

وللتعويض عن نقص الكهرباء، يعتمد اللبنانيون على مزودين خاصين للتيار الكهربائي عبر محركات تغطي حياً واحداً على الأقل، لكن اشتراكها الشهري باهظ الثمن.

وبحسب تقرير لشركة “ماكنزي” للاستشارات الإدارية، فلبنان هو رابع أسوأ بلد في العالم من حيث شبكة الكهرباء.

واعتمدت خطط عدة لتحديث القطاع الكهربائي في البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية (1975-1990)، آخرها في آذار/مارس 2019، لكنها بقيت حبراً على ورق حتى الآن.

وفاتورة مياه اللبنانيين مقسمة إلى ثلاثة مصادر، فهم يدفعون ثمن المياه التي توفرها الدولة، ومياه الشرب التي يبتاعونها من المتاجر وتوفرها شركات خاصة، وتلك التي يحصلون عليها عبر صهاريج تابعة أيضاً لأشخاص أو مؤسسات خاصة.

فقر وبطالة

كان أكثر من ربع السكان يعيشون تحت خط الفقر في عام 2012، وفق البنك الدولي، الذي يقدّر بمئتي ألف عدد اللبنانيين الذين أضيفوا أيضا الى هذه الشريحة من الفقراء منذ بدء النزاع في سوريا المجاورة عام 2011.

ونزح إلى هذا البلد الصغير ذي الموارد المحدودة نحو مليون و500 ألف سوري هرباً من الحرب.

وفي طرابلس التي شهدت تظاهرات حاشدة، يعيش 57% من العائلات عند خط الفقر أو دونه، وفق الأمم المتحدة.

ويعاني لبنان أيضاً من معدّل بطالة مرتفع غالباً ما تقلل السلطات من حجمه.

وقدّر البنك الدولي نسبة البطالة بـ6,2%،

لكن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن معدل البطالة العام الحالي يساوي 20%، ويصل إلى 30% عند فئة الشباب.

ويذكر البنك الدولي أن ما بين 250 ألف و300 ألف لبناني قد خسروا أعمالهم في أعقاب النزاع السوري الذي أثر على مناطق بأكملها في لبنان.

ووفق منظمة “مختبر دراسة أوجه التفاوت العالمية”، فإن 1% من السكان الأكثر ثراء في البلاد يحتكرون 25% من العائدات الوطنية، فيما يتلقى الـ50% الأكثر فقراً نسبة أقل من 10% من تلك العائدات.

نمو متدهور وديون هائلة

بلغت نسبة النمو الاقتصادي في لبنان 0,2% عام 2018 وفق صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن تبقى على حالها في عام 2019.

وكان النمو قد تطوّر بمعدّل 1,4% بين عامي 2014 و2018، مقابل 8% في عام 2010، وأكثر من 10% في عام 2009.

ويبلغ الدين العام في البلاد 86 مليار دولار أي ما يعادل نسبة 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من المعدلات الأكثر ارتفاعاً في العالم.

وبين عامي 2006 و2017، لم يتمّ إقرار موازنة عامة للبلاد، لكن لبنان اعتمد واحدةً في عام 2018 لكن لم ينجح في تحقيق الهدف المحدد فقد بلغ العجز العام 6,2 مليار دولار أي 11,2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتتوقع موازنة عام 2019، التي اعتمدت متأخرة سبعة أشهر، أن يبلغ العجز 7,6%.

مخاوف نقدية

يرتبط سعر صرف الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي منذ عام 1997.

ومنذ مطلع آب/أغسطس، زادت الخشية من تدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وبالتالي المخاوف من تفقير إضافي للسكان، نتيجة قيود مصرفية على سحب الدولار، وارتفاع سعر صرف العملة في السوق السوداء.

فساد وتعليق مساعدات دولية

وفق منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، يحتلّ لبنان المرتبة 42 عالمياً على لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم.

في نيسان/ابريل 2018، بدأ لبنان بالعمل على اعتماد إصلاحات هيكلية، من بينها خفض العجز، وذلك خلال مؤتمر سيدر الدولي برعاية فرنسية في باريس، مقابل وعود بقروض وهبات دولية بقيمة 11,6 مليار دولار.

ولم يتم الإفراج بعد عن تلك الأموال بسبب عدم تمكن البلاد من تحقيق تقدّم في إطار الإصلاحات.

وبعد ثلاثة مؤتمرات دولية لدعم لبنان، خصوصاً باريس 2 (2002) وباريس 3 (2007)، حصل لبنان على بعض التمويلات لكنه لم يتمكن من الوفاء بالتزاماته المقابلة خاصة على مستوى الاصلاحات. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق