السلايدر الرئيسيشرق أوسط
فتح الطرقات في لبنان في ظل استمرار الأزمة غداة استقالة الحكومة
ـ بيروت ـ فُتحت الطرقات في معظم المناطق اللبنانية صباح الأربعاء بعد أن أغلقها المتظاهرون على مدى أسبوعين، غداة إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالة حكومته بعد 13 يوماً من احتجاجات شعبية غير مسبوقة عمّت كافة المناطق اللبنانية.
وعلى الرغم من عودة الوضع في البلاد تدريجياً إلى طبيعته، شدّد بعض المحتجّين على أن الاستقالة لا تكفي ليخرجوا من الشارع، وذلك في ظلّ غموض يحيط بالمرحلة المقبلة سياسياً.
من الناحية الدستورية، تدخل الحكومة الحالية مرحلة تصريف الأعمال، على أن تبدأ استشارات نيابية لتكليف شخص جديد تشكيل حكومة جديدة.
على الأرض، استجاب بعض المعتصمين لدعوة قيادة الجيش الأربعاء إلى “فتح ما تبقى من طرق مقفلة لإعادة الحياة لطبيعتها”، وفتحوا الطرقات بأنفسهم. في مدينة جبيل على بعد نحو 40 كيلومتراً إلى شمال العاصمة، أزال المعتصمون سواتر ترابية كانوا وضعوها وسط الطريق على مدى أيام.
لكن في منطقة جل الديب شمال بيروت، عمد الجيش على فتح مسلكي الطريق السريع عبر إزالة الخيم والأغراض التابعة للمحتجّين، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
وقال متظاهر رفض الكشف عن هويته من المنطقة لوكالة فرانس برس إن الجيش “فتح الطريق بالقوة وتعرض أحدهم للضرب، كان الأجدى بهم أن يتكلموا معنا، نحن كنا نتشاور في ما بيننا لفتح الطريق”.
ومعظم الطرقات التي قطعت هي طرق رئيسية تربط مناطق في شمال وجنوب لبنان بالعاصمة. ولجأ المعتصمون إلى هذه الطريقة في الاحتجاج لزيادة مستوى الضغط على السلطة للاستجابة إلى مطالبهم، لكنها أثارت استياء بعض المارة.
وعلى جسر الرينغ الذي يصل غرب بيروت بشرقها، رفضت مجموعة من المتظاهرين فتح الطريق رغم مفاوضات مع قوى الأمن التي طوّقتهم بشريط أصفر وأبعدت وسائل الإعلام عنهم، وفق ما أفاد مصوّر في فرانس برس. لكن مجموعة أخرى من المعتصمين نجحت بإقناعهم وفُتحت الطريق أخيراً.
ولا تزال المصارف والمدارس والجامعات الأربعاء مقفلة منذ أكثر من عشرة أيام.
“الاستقالة لا تكفي”
في ساحة الشهداء تجمع العشرات صباح الأربعاء حيث كان عددهم أقل من الأيام الماضية، كما أن الساحة تغيرت معالمها وتراجع عدد الخيم فيها.
والثلاثاء، هاجم معارضون للحراك من أنصار حزب الله وحركة أمل الشيعيتين مركزين للمحتجين في ساحتي رياض الصلح والشهداء قرب مقر رئاسة الحكومة واعتدوا بالضرب على من كانوا متواجدين في المكان وأحرقوا خيما ومزّقوا لافتات قبيل كلمة الحريري.
لكن صباح الأربعاء، وضع المتظاهرون حطام الخيم التي تم تكسيرها بالأمس تحت مجسّم يرمز إلى الثورة شُيّد في الساحة. وراحت شابات ينظّفن الساحة، فيما أعاد المحتجون تشييد خيم جديدة وجلسوا فيها، وفق مراسل فرانس برس.
وقال شربل (26 عاماً)، وهو متظاهر في ساحة الشهداء، واضعاً العلم اللبناني على كتفيه، إن “الاستقالة ليست كافية لنخرج من الشارع، لكن تكفي لنعيد فتح الطرقات”، مشدداً على ضرورة “مواصلة الضغط” إلى جانب انتظار “ما ستكون عليه الحكومة الجديدة وما الذي ستقوم به”.
وكان الموقف نفسه سائداً في أوساط المتظاهرين بعد إعلان الاستقالة الثلاثاء. وانعكس ذلك في احتفالات عمت مدناً تعدّ خزاناً لتيار المستقبل الذي يرأسه الحريري.
وفي طرابلس شمالاً، احتفل المتظاهرون في ساحة النور كما في ضواحي هذه المدينة الواقعة في شمال لبنان، بالاستقالة معتبرين أنها انتصار كبير سجلته ثورتهم.
وأكد محمد (32 عاماً) من طرابلس لفرانس برس أن ما “حصل اليوم إنجاز كبير للثورة في لبنان”، مشدداً في الوقت نفسه على أنهم “باقون في الشارع لتحقيق كامل المطالب”، مثل “وضع قانون انتخابي جديد وتشكيل حكومة اختصاصيين ولجنة لمكافحة الفساد”.
أما في صيدا مسقط رأس الحريري، فقد سادت أجواء من البهجة في أعقاب إعلان الاستقالة. لكن أكد متظاهرون على أنهم لن يغادروا الشارع حتى تحقيق كافة المطالب.
وفيما قد تختلف المطالب بين منطقة وأخرى وأحياناً بين شخص وآخر، إلا أن معظم المتظاهرين يرون أن المرحلة المقبلة يجب أن تتضمن أولاً تشكيل حكومة اختصاصيين وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وإقرار قوانين استعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد.
مرحلة “خطيرة”
مطلع الأسبوع الماضي، أعلن الحريري ورقة إصلاحات اقتصادية في محاولة لامتصاص غضب الشارع. كما دعا الرئيس اللبناني ميشال عون في كلمة له الى إعادة النظر بالواقع الحكومي.
لكنّ المتظاهرين اعتبروا أن ورقة الاصلاحات جاءت متأخرة ولا تلبي طموحاتهم وواصلوا قطع الطرق والمطالبة برحيل كافة مكونات الطبقة السياسية.
وغداة الاستقالة، بدت معالم المرحلة المقبلة غامضة تماماً.
واعتبرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من حزب الله أن استقالة الحريري أدخلت لبنان في مرحلة “خطيرة”. وقالت مصادر من فريق 8 آذار للصحيفة إن خطوة الحريري نابعة من ضغوط خارجية، وحاول بعضها ثنيه عن هذه الخطوة.
أما صحيفة “النهار” اللبنانية، فأشارت إلى أن “استقالة الحريري قد لا تُخرج البلد من الأزمة في ظل السقف المرتفع للانتفاضة الشعبية”.
ورأى مدير ملف لبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمان أن الوقت غير متاح الآن “للألاعيب السياسية القديمة”، بسبب “ضغط الشارع” و”الخشية من انهيار اقتصادي”.
واعتبر أن هذا الأمر سيفرض “تشكيل حكومة سريعاً”، مؤلفة من اختصاصيين، وخالية “من الحرس القديم”.
على الصعيد الدولي، دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبو الثلاثاء القادة السياسيين في لبنان إلى “الإسراع” بتشكيل حكومة جديدة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن إعلان الحريري استقالته “يفاقم الأزمة”. (أ ف ب)