تحقيقات
فيسبوك وتويتر الأداتان الأساسيتان لـ”الثورة” في العراق
ـ بغداد ـ في ساحة التحرير بوسط بغداد، أصبحت أجهزة الكمبيوتر المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي الأداة الأولى لـ”الثورة” العراقية ضد الطبقة السياسية، لتمكين المحتجين من التواصل بين بعضهم البعض ولإيصال صوتهم الى العالم.
وبشكل مفاجىء بعد الاول من تشرين الاول/أكتوبر تغير مضمون صفحة الفيسبوك الخاصة بعلي جاسب البالغ الثامنة والعشرين من العمر وخريج كلية العلوم الاجتماعية.
فاختفت صور لاعبي كرة القدم وأعلام الأندية الأوروبية التي كان ينشرها، وباتت صفحته مليئة بصور ومقاطع فيديو خاصة بالمتظاهرين وهم يقعون جرحى أو يتخبطون بسبب الغازات المسيلة للدموع او يئنون من الوجع في المستشفيات.
الرقابة والتهديدات
وحتى عندما قطعت السلطات الإنترنت لمدة أسبوعين وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي، تمكن المحتجون من التحايل على هذه الاجراءات من خلال تطبيقات “في بي أن”.
وعلي جاسب من بين هؤلاء، فهو ينشر صوره وأشرطة الفيديو الخاصة بالمحتجين من ساحة التحرير نفسها في بغداد، حيث يطالب المتظاهرون بإسقاط النظام في بلد يعتبر من الأكثر فسادا في العالم، وحيث تتوزع مناصب الحكومة وفقا للمحاصصة الطائفية والعرقية.
يقول علي جاسب “أنشر كل ما اشاهده من قلب الحدث، لكي يعرف الناس ما يجري في العراق بشكل مباشر”.
ويؤكد أنه حريص على توثيق الأحداث في الوقت الحقيقي كون “السلطات الحكومية تعمل على تشويه أخبار التظاهرات لبث حالة ذعر قد تقلل من عدد المشاركين في الاحتجاجات”.
ومن اجل نشر معلوماتهم التي تتناقض مع الرواية الرسمية، يعمد الكثير من الشبان الى استخدام هواتفهم المحمولة للتصوير والنشر، ولا يترددون أحيانا عن شحن بطارياتها من سيارات الإسعاف وحتى من سيارات الشرطة لمواصلة توثيق الأحداث.
وقال القاسم العبادي وهو طبيب أسنان ومدون يبلغ من العمر 29 عامًا “نحن نتحمل مسؤولية نشر الحقيقة في حين أن وسائل الإعلام التقليدية لا تقوم بذلك”.
واتهم الشاب الذي يرتدي قناعا مضاد للغازات المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات مكافحة الشغب بكثافة “جهات حكومية وجهات مجهولة الهوية بالسعي الى منع وسائل الاعلام المحلية من نقل ما يجري في ساحة التحرير”.
ويقول علي جاسب إنه مستهدف بسبب مقاطع الفيديو التي ينشرها، وكذلك بسبب تعليقاته القاسية ضد الزعماء السياسيين العراقيين وايران صاحبة النفوذ الكبير في البلاد.
وقال “يوم امس الساعة الخامسة صباحا اتصل بي شخص وقال لي +سنقتل والدتك ما لم تتوقف+، والسبب أن غالبية تعليقاتي هي ضد عملاء إيران وضد الميليشيات التي تسيطر على الحكم”.
ويؤكد هذا الناشط انه احيانا ينشر باللغة الانكليزية “حتى يعرف الناس في الخارج ماذا يحصل عندنا عبر نقل مباشر”.
بدوره يقول القاسم العبادي إنه إضافة الى نقل المواجهات والتظاهرات الدامية “ننقل أيضا صورة الحياة اليومية والهتافات التي تطلق وكيفية توزيع الطعام” في ساحة التحرير.
ضمير مرتاح
ولان الكثيرين من الشبان خاصة باتوا يتجاهلون المحطات التلفزيونية المحلية التقليدية، بات الواتساب والفيسبوك وتويتر وانستغرام المصادر الرئيسية لنقل المعلومات.
فمن خلال تطبيق تويتر علم المتظاهرون على سبيل المثال أن صوت الانفجار الذي سمعوه الاربعاء، كان صاروخا سقط للتو بالقرب من السفارة الامريكية، فسارع بعضهم الى وضع علامة عاجل مع تغريداتهم.
ومرة اخرى وجهت دعوات ليلة الاربعاء الخميس على شبكات التواصل الاجتماعي “للحفاظ على سلمية التظاهرات” بعد أن حاول متظاهرون ازالة الحواجز من على اثنين من الجسور إلمؤدية الى المنطقة الخضراء.
ويضيف علي جاسب “الكثيرون من المحتجين يوجهون لي رسائل على فيسبوك مطالبين بتأمين أقنعة واقية من الغازات أو اشياء اخرى”.
ويقوم جاسب بنشر هذه النداءات، وبما أن عدد متابعيه كبير يقوم مجهولون أحيانا كثيرة بتلبية هذه النداءات والعمل على أيصال اقنعة أو أطعمة وأدوية يحتاجها المحتجون.
وبعد أيام واليال طويلة قضاها بين المتظاهرين عاملا على نقل معاناتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يقول “فقط عندم أقوم بما أقوم به، استطيع أن أنام وضميري مرتاح”. (أ ف ب)