السلايدر الرئيسيتحقيقات

مخلفات المبيدات الزراعية… ظاهرة مقلقة تطارد الإنسان والبيئة في غزة

محمد عبد الرحمن

– غزة – من محمد عبد الرحمن – يلجأ العديد من المزارعين في قطاع غزة، إلى استخدام المُبيدات الزراعية بطريقة غير مسموح بها، في محاولة لتحقيق أرباح معينة على حساب التربة والإنتاج والإنسان، غير آبهين في ذات الوقت بالمخاطر التي قد تنجم عن ذلك الاستخدام.

وتُعرف المبيدات الزراعية، بأنها كل مادة الغرض منها الوقاية من أي آفة زراعية، أو القضاء عليها أو مكافحتها، وتتسبب في إحداث أضرار أو تتدخل بأي شكل من الأشكال أثناء إنتاج الأغذية والمنتجات الزراعية، والأخشاب، والأعلاف.

وعلى الرغم من تحذير الجهات المُختصة للمزارعين في قطاع غزة من استخدام أنواع المُبيدات أثناء عمليات الزراعة؛ إلا أنه وفي الآونة الأخيرة لُوحظ ازدياد استخدام تلك المُبيدات الزراعية السامة التي من شأنها أن تتسبب في أضرار صحية لمستهلكي الإنتاج الزراعي.

ويؤكد المواطن أبو محمد كايد أنه لم يدرك مدى خطورة المبيدات الحشرية التي تستخدم في حقل الزراعة؛ إلا بعد وفاة أحد المقربين منه نتيجة تناولها عن طريق الخطأ.

يشعر بالحيرة

ويقول في حديث لـ””: “توفى ابن أخي 6 أعوام إثر تناوله “مبيد النيماكور” حيث ترك والده الزجاجة بعد استخدامها في ري محاصيله الزراعية، الأمر الذي أدى إلى تسمم طفله ومن ثم وفاته بعد خضوعه للعلاج لمدة عام”، مشيراً إلا أنه عندما يتسوق يشعر بالحيرة في شراء الخضروات ويتساءل في عليها دواء أم لا”.

رش الثمار

في حين يقول أبو محمد (45 عاماً)،”أنه يلاحظ على جميع المزارعين المحيطين به يقومون برش المبيدات بشكل دوري منذ زراعة الأشتال حتى قطفها، ومنهم من يقوم برش الثمار قبل قطفها بيوم واحد، باستخدام مبيدات كيميائية تحمل روائح كريهة جداً ولا يعلم مدى خطورتها.”

يضيف” في أحد الأيام حاولت التعرف على ماهية المبيدات، وعن الأضرار الناجمة عنها فأجابني أحد المزارعين “في حد مدور أو سائل؟! وزارة نائمة والكل نائم وأنا بدي أعيش واطعمي الأولاد”.

فترات الأمان

ومن جهة أخرى يؤكد أحد تجار الخضروات والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن المزارعين لا يلتزمون بفترات الأمان اللازمة لاستخدام المبيدات، وعندما تكون أسعار الطماطم مثلاً مرتفعة يتم قطفها قبل نضوجها، وتكون غير طبيعية لأنهم يضعوا لها مبيدات تعمل على احمرارها قبل وقتها.

ويوضح أن وزارة الزراعة تتعامل مع الشكاوى، ولكن ليس هناك رقابة صارمة، ويقول “الأمور فوضى في قطاع الزراعة، ما يهم المزارع هو الربح، وفي حالة ارتفاع الأسعار يستخدموا مبيدات للتسريع في جني الثمار، أما عندما تكون أسعار الخضروات أو الفواكه وغيرها رخيصة، فيتم الالتزام بفترات الأمان وفق التعليمات المكتوبة على المبيدات.

الاستخدام غير الرشيد

ويؤكد مدير دائرة المبيدات والمختبرات في وزارة الزراعة بقطاع غزة المهندس أحمد أبو مسامح، أن المبيدات عموماً تعرف بأنها أي منتج كيماوي عضوي، أو غير عضوي مخلق أو طبيعي أو منتج إحيائي يستخدم في مكافحة الآفات، سواء كانت آفات حيوانية أو نباتية أو كائنات حية دقيقة ضارة أو فتاكة، مشيراً إلى أن المبيدات الكيميائية الأكثر استخداماً في المزروعات، حيث يكون تأثيرها أكثر شيوعاً عند الاستخدام غير الرشيد لها.

يواصل حديثه”يتم إدخال المبيدات بأذونات خاصة من وزارة الزراعة بغزة، وهناك مبيدات مقيدة يتم استخدامها تحت إشراف الوزارة وأخرى محظورة حيث أنه يتم استيراد 240 مادة مبيد حشري، والمبيدات المحظورة نمنع دخولها، مشيراً إلى أن المبيدات كلها مواد سامة، ومؤثرة على الصحة إذا لم يتم استخدامها بالشكل الصحيح.

ويلفت إلى أن المبيدات الكيميائية قد تصل إلى الإنسان عند استهلاكه لمنتجات الثروة الحيوانية المتأثرة، بالمبيدات الكيميائية عند تناولها المزروعات والأعشاب الملوثة، بالمبيدات الكيميائية حيث تترسب المبيدات في أجزاء من الحيوان كالكبد، الكلى، نخاع العظام، الطحال، ويتم إفرازها في اللبن فور إصابة الحيوان بالتسمم.

معايير علمية واضحة

ويردف قائلاً، “يتم التعامل مع المبيدات في أرجاء العالم على شكل منظم وقانون خاص بها، وأهمها تسجيل المبيد دوليا وإعطائه هوية تسمح باستخدامه، عبر أساليب محددة ومعايير علمية واضحة؛ ولكننا نحن نتقيد في قطاع غزة بما هو مسموح به من الجانب الإسرائيلي، فنسمح بإدخاله لكوننا نفتقر للأجهزة والمعدات اللازمة، لفحص جودة المبيدات وتركيبتها، ونلقي المسؤولية على دولة الكيان “.

ويؤكد الطبيب عماد الفيومي رئيس قسم الباطنة في مستشفى الشفاء أن متبقيات المبيدات في الثمار والخضراوات والتربة والمياه تؤدي، إلى العديد من المخاطر الصحية منها (العقم والإجهاض والقدرة على إنتاج أجنة سليمة، إنتاج أورام سرطانية في الأنسجة الحية للحيوان، تسمم الجهاز العصبي متضمنا المخ، تعطيل الاستجابة الطبيعية للجهاز المناعي المسؤول عن حماية الجسم من الأمراض، موت خلايا الكبد، اصفرار الجلد، وتلف خلايا الكبد، وتلف الأعصاب).

أعراض مرضية

وبين أن المبيدات الكيميائية توثر على صحة الإنسان بشكل مباشر، من خلال ظهور أعراض مرضية على المدى البعيد أو أعراض سمية على المدى القريب، لافتاً إلى أن التأثير على المدى القريب يوصف بالتأثير الحاد، ويحدث عند دخول كمية مؤثرة من المبيد جسم الإنسان، بصورة سريعة مثل تناول الثمار والخضراوات بعد قطفها قبل نهاية فترة التحريم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق