ـ من أحمد كيلاني ـ تتأرجح الأوضاع الميدانية في قطاع غزة بين مخاطر شن حرب إسرائيلية واسعة النطاق بعد تهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وبين جهود التهدئة التي يجريها الوفد الأمني المصري الذي وصل القطاع أمس الثلاثاء.
وعلى مدار الساعات الماضية، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات ضد القطاع، ما أسفر عن استشهاد فلسطيني واصابة آخرين، وجاءت الغارات عقب إطلاق صاروخ غراد من غزة باتجاه مدينة بئر السبع، وأعلن جيش الاحتلال أنه قصف 20 موقعاً لحركة “حماس”، وحملها مسؤولية إطلاق الصواريخ من القطاع.
وذكرت مصادر أمنية فلسطينية، أن طائرات الاحتلال استهدفت مواقع تتبع لـ”كتائب القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس” بالصواريخ، في حين قرر ليبرمان إغلاق معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع وحاجز بيت حانون شمال القطاع وتقليص مساحة الصيد أمام الصيادين الفلسطينيين إلى ثلاثة أميال بحرية.
وجاء التصعيد الإسرائيلي عقب تهديدات ليبرمان المتواصلة بشن عدوان ضد غزة، حيث كان ليبرمان يعتزم تقديم خطة لهجوم واسع النطاق ضد القطاع على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت” مساء اليوم الأربعاء، بذريعة الفشل في التوصل إلى تهدئة مع حركة “حماس”.
وبعد ساعات من التصعيد الذي شهده القطاع، ألغى “الكابينت” السياسي والأمني جلسة اليوم التي كانت مقررة منذ مطلع الأسبوع لبحث التطورات الأمنية.
وكان ليبرمان قد قال في تصريحات متلفزة إن “جميع جهود الوساطة عبر الأمم المتحدة ومصر وقطر، فشلت في التوصل لأي صيغة نهائية للتهدئة في غزة ولم تنجح في تعزيز الهدوء”، مشيراً إلى أنه “ليس هناك خيار سوى توجيه ضربة قاسية لحماس”.
ووسط هذه الأجواء، دانت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بينها حركة “حماس” عملية إطلاق الصواريخ الليلة الماضية من غزة باتجاه اسرائيل، معتبرة أنها “محاولة لتخريب الجهود المبذولة لإرساء الهدنة”.
ونفت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية علاقتها بالصاروخ الذي أطلق من القطاع وأصاب منزلاً في بئر السبع جنوب إسرائيل، مؤكدة أنها “جاهزة للتصدي لاعتداءات الاحتلال وأنها حين تقوم بذلك لا تختبئ خلف أي ستار، بل تعلن ذلك بوضوح في إطار مسؤوليتها الوطنية”.
كما نددت حكومة الوفاق الفلسطينية بـ”التصعيد الإسرائيلي المستمر” ضد قطاع غزة، وحمل المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود، في بيان، إسرائيل “المسؤولية عن حياة سكان غزة وعن المساس بممتلكاتهم وسياسة الانتقام والعقاب الجماعي سواء من خلال استمرار فرض الحصار الجائر أو مواصلة القصف”.
وتزامن التصعيد الإسرائيلي مع وجود الوفد الأمني المصري في قطاع غزة، وأحاديث المصادر الإسرائيلية عن ايصال الوفد المصري رسائل لحركة حماس حول رد إسرائيلي واسع وعنيف في حال لم تتوقف مسيرات العودة الأسبوعية على حدود قطاع غزة.
في الأثناء أكدت وكالة “صفا” الفلسطينية استعادة الهدوء لغزة بعد جهود مصرية حثيثة، وذكرت الوكالة نقلاً عن مصادر متعددة رفيعة المستوى ظهر اليوم الأربعاء أن “الوفد المصري استطاع خلال الساعات الأخيرة تكثيف اتصالاته بجميع الأطراف لوقف التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وأوضحت الوكالة نقلاً عن مصادرها أن “الوفد الأمني المصري الذي يترأسه اللواء أيمن بديع وكيل المخابرات العامة المصرية ويضم في عضويته العميد أحمد عبد الخالق مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات وآخرين بذلوا جهوداً كبيرة منذ ساعات الفجر من أجل إعادة الهدوء لقطاع غزة ووقف التصعيد بعد إطلاق الصواريخ على بئر السبع”.
وأضافت “أن اتصالات واسعة جرت مع قيادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية الأخرى بالإضافة إلى اتصالات موسعة على أعلى مستوى مع المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والأمنيين والجيش الإسرائيلي لمنع وقوع تصعيد وتهدئة الأوضاع الميدانية”.
وكانت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية قد قالت “نحيي الجهد المصري المبذول لتحقيق مطالب شعبنا، ونرفض كل المحاولات غير المسؤولة التي تحاول حرف البوصلة ومنها إطلاق الصواريخ الليلة الماضية”، مشيرة إلى أنها “تتصدى لكل محاولات الاحتلال لحرف المسار الجماهيري لمسيرات العودة، عبر تثبيت قواعد اشتباك رادعة معه”.