– تونس – يقود الاتحاد التونسي للشغل- أكبر منظمة نقابية في تونس- حشدا نقابيا استعدادا لتنفيذ الإضراب العام المقرر في 24 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بالقطاع الحكومي احتجاجا على تعثر مفاوضات الزيادة في أجور الموظفين، ورفضا لخطط حكومية بخصخصة شركات عمومية.
من جهتها، تسعى حكومة يوسف الشاهد الى تجاوز الخلافات مع المنظمة النقابية وذلك بالجلوس على طاولة التفاوض من خلال لجنة المفاوضات العليا خمسة زائد خمسة، قصد الغاء الدعوة للإضراب العام في وقت تعيش فيه تونس أزمة سياسية حادة.
واشتدت الأزمة السياسية الحالية بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل، بعد تصعيد أكبر منظمة نقابية في البلاد خطابها تجاه الحكومة، ووجهت لها انتقادات لاذعة بسبب “ضعف أدائها السياسي”، مطالبا بتغييرها.
ضمانات حكومية
وشدد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي ، بقوله إن المنظمة مستعدة للتراجع عن خوض الإضراب العام شرط ضمانات حكومية بالتخلي عن خصخصة الشركات العمومية والزيادة في أجور العمال.
ويعمل في القطاع العام بتونس، أكثر من 600 ألف موظف، وبين عامي 2010 و2016، زاد عدد موظفي القطاع العام في تونس بنسبة 50 بالمئة.
هذا وتخطط الحكومة لخصخصة شركات عامة بسبب تنامي عجز الموازنة وتفاقم مشكلة الديون، وكان رئيس الوزراء يوسف الشاهد قد صرح ان بيع بعض الشركات العامة حل لتمويل الميزانية العاجزة.
بدوره، أكد أمين العام المساعد لاتحاد الشغل سامي الطاهري ان رئيس الحكومة تعهد بتقديم مقترحاته بخصوص مجمل مطالب الاتحاد خلال اجتماع لجنة خمسة زائد خمسة، وبناء على مخرجات المفاوضات سيحدد ما إذا سيلغى الإضراب ام لا.
ويستمد الاتحاد العام التونسي للشغل ثقله النقابي من 500.000 منخرط حسب أخر إحصائية لسنة 2017 يتوزعون على معظم القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية، وهو رقم يصعب لأي منظمة أخرى أو حزب سياسي في تونس من تسجيله.
حملات مضادة
الدعوة للإضراب في القطاع العمومي، قابلتها حملات مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل وضع اقتصادي صعب تمر به البلاد، يتطلب مضاعفة الجهد والإنتاج في العمل بدل اللجوء إلى اختبار الإضراب العام.
واعتبر أحد معارضي الإضراب الكاتب والصحفي الاقتصادي زياد الهاني في حديثه ل أن الإضراب هو حق يكفله الدستور..بيد أن هذا الحق عليه أن يمر مسبقا عبر لجنة المصالحة ومن ثم مرحلة التحكيم، مبديا استغرابه من عدم اللجوء إلى هذه الآليات في الأزمة الحالية بين الحكومة والمنظمة النقابية، على حد تعبيره.
ويرى زياد الهاني أن الحديث عن مطالب تحسين القدرة الشرائية بزيادة اجور الشغالين هي “قولا اريد به باطل”، معللا قوله بأن زيادة الأجور منذ عام 2011 لم تحسن مطلقا في الظروف المعيشية ولا معنى لهذه الزيادة في غياب زيادة الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى مزيد التداين وفرض مزيد من الضرائب.
ويتابع الهاني بقوله ان الأولوية هي المطالبة بمحاربة التضخم الذي وصل إلى أعلى معدل له منذ عام 1990 عندما سجل 7.1 بالمئة، بينما تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى ما يعادل 75 يوما من الواردات فقط.
وجهة تونس الاستثمارية على المحك
من جهة أخرى، يتخوف خبراء اقتصاديون من تداعيات هذا الإضراب العام على الدولة التونسية، ويقول محمد صالح جنون ل انه في حال تنفيذ هذا الإضراب ستكون الانعكاسات وخيمة على الاقتصاد التونسي ، إذ ستبلغ الخسائر 120 مليون دينار نظرا للتعطيل في المؤسسات العمومية، وايضا بالمؤسسات الخاصة المرتبطة بها.
وأعرب عن خشيته من تضرر سمعة تونس الاستثمارية جراء هذا الإضراب سواء من الداخل أو الخارج، مشيرا الى أن عامل الاستقرار الاجتماعي مهم جدا بنظر المستثمرين، وأن الإضرابات والاحتجاجات بجميع أشكالها كانت سببا في هروب الاستثمار.
أيام قليلة تفصل تونس عن فصل جديد من صراع مفتوح بين حكومة الشاهد وعمال تونس، في مشهد سياسي متقلب قد ينذر بشتاء تونسي ساخن.