– باريس – من أحمد كيلاني – تطرقت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى إعلان العاهل الأردني عبد الله الثاني بأن بلاده تريد استعادة أراضي الباقورة والغمر التي كان لإسرائيل حق التصرف بها لمدة 25 عاماً ضمن ملحقات معاهدة السلام الموقعة بينهما عام 1994.
وقالت “لوموند” إن القضية تتجاوز إلى حد كبير أرضين زراعيتين، مشيرة إلى أن العاهل الأردني عبد الله الثاني تسبب في إثارة ضجة في دوائر السلطة الإسرائيلية أمس الأحد، بعد إعلانه رفض تجديد ملحقين لمعاهدة السلام منذ إنشائها عام 1994.
وذكرت الصحيفة أنه منذ توقيع المعاهدة فإن هذه الأراضي الحدودية “منطقة الغمر والباقورة”، تحت السيادة الأردنية، لكن تم الاتفاق ان تكون متاحة مجاناً للمزارعين الإسرائيليين لمدة 25 عاماً، وقبل عام واحد من نهاية الاتفاق أعلن الملك عبد الله الثاني انه لا يريد تجديد الاتفاق.
وأضافت الصحيفة أنه على غير المعتاد، برر الحاكم موقفه على موقع “تويتر “، مشدداً على رغبته في “اتخاذ جميع القرارات في خدمة الأردن والأردنيين”، مشيرة إلى أن ما يقرب من 80 نائباً أردنياً دعوا إلى عدم تجديد بقاء هذه الاراضي تحت تصرف إسرائيل.
وأوضحت “لوموند”، أن هذه الخطوة تسمح للملك بإرسال رسالة للإسرائيليين عن طريق فرض ثمن نتيجة ابتعادهم عن حل الدولتين والسلوك الأحادي من قبلهم على المواقع المقدسة في القدس المحتلة، مشيرة إلى أن الملك لديه مزيد من الفسحة للتحرك لأنه لم يعد مجبراً على التنسيق عن كثب مع الإسرائيليين لدعم المتمردين جنوب سوريا بعد أن أعادت دمشق سيطرتها على هذه المنطقة.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل تفخر بالعلاقة الوثيقة والمأمونة التي أقامتها مع مصر والأردن بعد إبرام معاهدة سلام مع كل منهما، وتجعل من ذلك نموذجاً يحتذى في المصالحة خلف الكواليس مع دول أخرى من الكتلة السُنية “المعتدلة”، مضيفة أن الدولة العبرية تساعد القاهرة سراً لمحاربة الجهاديين المنتمين إلى تنظيم “داعش” في صحراء سيناء، أما بالنسبة للأردن، فإن إسرائيل لا تريد الإساءة إلى المملكة، التي اضطررت إلى استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين بسبب الحرب.
وأضافت “لوموند” أن المسؤولين الإسرائيليين يعتمدون الآن على السنة القادمة، التي لا تزال المرفقات سارية خلالها، لإيجاد ترتيب جديد مع الأردن.
وذكرت الصحيفة أنه ليس للأردن مصلحة في مواصلة تحدي معاهدة السلام بين البلدين، لكن في السنوات الأخيرة، كان لدى عمان العديد من الأسباب للاستياء من حكومة بنيامين نتنياهو، السبب الأول هو عدم وجود أي مفاوضات سياسية جادة مع الفلسطينيين، واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أدى إلى تسريع هذا التدهور، مما وضع الملك الأردني تحت ضغوط قوية.
وأوضحت “لوموند” أن الانزعاج الأردني مرتبط أيضاً وبشكل خاص بإنهاء الولايات المتحدة الأمريكية تمويلها لوكالة “الأونروا”.
وقالت الصحيفة إن الأردن متضامن دائماً مع الفلسطينيين خوفاً من زعزعة الاستقرار الداخلي على أرضه، وان الأردن يبقى مرتبطاً بشكل عميق بحل الدولتين، القائم على حدود 1967، والقدس عاصمة للفلسطينيين حيث كان الاعتراف الأحادي الجانب بالقدس كعاصمة لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة في ديسمبر 2017 بمثابة الصدمة للمشهد السياسي الأردني.
وأشارت الصحيفة إلى إن الدافع الثاني للغضب الأردني يتعلق بإدارة الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، التي يعتبر الأردن مسؤولاً عنها، إذ يزداد اقتحام المتطرفين الإسرائيليين للأماكن المقدس تحت إشراف الشرطة الإسرائيلية وحمايتها.