شرق أوسط
مقتل خاشقجي يوقع الدول المصدرة للسلاح في مأزق
– يتوجب على الدول الغربية المصدرة للأسلحة إلى السعودية أن تختار بين رغبتها بالضغط على الرياض من جهة، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية من جهة أخرى، إثر قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول.
ولا يقيم البعض وزنا للمشاعر، كالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال “لدينا (عقود) بقيمة 450 مليار دولار، بينها 110 مليارات دولار لطلبيات عسكرية، من عتاد وأمور أخرى طلبتها السعودية”.
وتابع “أعتقد أنّ هذه (العقود العسكرية) تمثّل أكثر من مليون فرصة عمل وبالتالي فإنّه ليس أمراً بنّاءً بالنسبة إلينا أن نلغي طلبية مماثلة”.
وشدّد الرئيس الأمريكي على أنّ تعليق هذه العقود “سيضيرنا أكثر بكثير ممّا سيضيرهم”.
وبرّر ترامب عدم رغبته بتعليق هذه العقود بالقول إنّه “بالنسبة إلى العتاد العسكري يمكنهم (السعوديون) أن يتوجّهوا إلى الصين، يمكنهم أن يتوجّهوا إلى روسيا. حتى وإن لم يكن لديهما عتاد جيد بقدر عتادنا. لا أحد لديه ذلك. يمكنهم شراء عتادهم من أماكن أخرى”.
أما رئيس الوزراء الاسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز فقد افصح عن أن اولويته تكمن “في الدفاع عن مصالح إسبانيا وعمل قطاعات استراتيجية أغلبها موجود في مناطق متضررة للغاية جراء مأساة البطالة”، مستنكرا في الوقت نفسه “الاغتيال المروع” للصحافي السعودي.
كما أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، من جهته، أنّه “من الصعب للغاية” أن تلغي بلاده صفقة أسلحة ضخمة للرياض “دون الاضطرار إلى دفع غرامات باهظة”.
وفي باريس، اختارت السلطات الفرنسية التريث.
وذكر مصدر من الرئاسة الفرنسية “لن نتخذ اي قرار متسرع حول علاقتنا مع السعودية طالما لم يتم الكشف عن الوقائع”.
وأشار المتحدث باسم الحكومة بنجامين غريفو إلى أن باريس ستعمل على اتخاذ “تدابير عقابية” في حال “ثبت” أن للرياض دوراً في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، دون ان يشير بوضوح الى تاثير ذلك على العقود الضخمة المبرمة لتصدير الأسلحة.
-موسكو وبكين-
حتى اللحظة، تعد المانيا الدولة الوحيدة التي اعلنت صراحة نيتها وقف تصدير معداتها العسكرية، إلى السعودية.
إلا ان وزير الاقتصاد الألماني أقر “لن يكون هناك أي تأثير إيجابي إذا أوقفنا وحدنا الصادرات واستمرت الدول الأخرى بسد النقص”.
ورأى برونو تيرتيه من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية انه “يجب على الحكومات الغربية أن توازن بين المصالح التجارية والاستراتيجية من ناحية والبعد الأخلاقي من جهة أخرى، وخاصة في ظل غياب اليقين بشأن كيفية استخدام هذه المعدات”.
وأطلقت منظمات غير حكومية بينها العفو الدولية واوكسفام وغرينبيس، منذ بداية العام، دعوات من اجل الوقف الفوري لاي عملية بيع سلاح للسعودية يمكن ان تستخدمه في النزاع في اليمن والذي أسفر عن مقتل مدنيين.
وقال طوني فورتن من مرصد التسلح “انه بغض النظر عن قضية خاشقجي، يطرح العديد من البلدان مسألة بيع الأسلحة للرياض وللإمارات العربية المتحدة، كذلك” مشيرا إلى “أن الجدال حاد للغاية في المانيا والسويد والنرويج وفنلندا”.
وأضاف “لقد تم تقديم شكاوى ضد عمليات البيع هذه في المملكة المتحدة وإيطاليا وهولندا (…) وهذا يسلط الضوء على علاقتنا مع الرياض” موضحا “هل يمكننا الاستمرار في علاقتنا الاستراتيجية مع نظام يقوم بتعذيب معارضيه ويطبق الخناق على المدنيين في اليمن ويقطع صحفيا إربا، بالمعنى الحرفي للكلمة؟”
وأعلنت إسبانيا عزمها إلغاء بيع 400 قنبلة مسيرة بالليزر الى السعودية لكنها عدلت عن قرارها لأن من شانه أن يهدد بوضوح صفقة أهم بقيمة 1,8 مليار يورو تشتري بموجبها الرياض خمس بوارج، وقد أنعشت الصفقة شركة أحواض بناء السفن الاسبانية العامة “نافانسيا” الواقعة في منطقة تعاني من نسبة بطالة عالية.
ويرى خبراء لدى نشرة “انتليجانس اون لاين”، ان بلادا اخرى، كالصين وروسيا على سبيل المثال، ستكون مسرورة بسد النقص المحتمل الذي سيخلفه امتناع المزودين الغربيين عن توريد الأسلحة بقرار من سلطاتهم السياسية.
وذكرت النشرة الأربعاء انه “على المدى البعيد، فان رد الفعل الأميركي على مقتل خاشقجي سيسرع من تقارب الرياض مع الشركاء الذين لم يبدوا أي احتجاج حول القضية، وفي المقام الأول بكين وموسكو”، مشيرة إلى ان “الصين تحتل المرتبة الاولى في الشراكة النفطية مع الرياض منذ عامين وبدأت بدخول الأسواق المتعلقة بالأمن، وبخاصة الطائرات من دون طيار”.
(أ ف ب)