أقلام يورابيا

أنقذوا تونس منكم أيها السياسيون

ليلى العياري

ليلى العياري

هناك ضبابية شديدة تغطي على كل فضاء المشهد السياسي في تونس، وتلك الضبابية ليست نابعة من عمليات تكثف فيزيائية تعقبها أمطار بقدر ما هو ضباب دخاني قاتم يخلق حالة من العمى السياسي في كل تونس.
الحزب الحاكم في تونس وقد مر عليه أربع سنوات وهو في السلطة لم يستطع حل مشاكل الدولة التونسية لأنه منشغل حد الانهماك الشديد في فض مشاكله الداخلية بين مجاميع أنصاره المنقسمين وقيادته المفصولة عن الواقع وهو ما ادى إلى انقسامات في الحزب نفسه وفي كتله البرلمانية، حتى وصلنا في تونس إلى حالة بالغة السخرية في قلب الأدوار، فبدلا من أن يقوم الحزب كتيار سياسي بتقديم حلول ناجحة لأزمات المواطن في دولته، نرى ان المواطن يسعى لحل أزمات الحزب بيأس ليستعيد شيئا من دولته.

باختصار، لم يعد الحزب حزبا وقد تم إفراغ محتواه السياسي الوطني الشامل إلى صراع “حومات” وانتهى بذلك حلم التونسيين لديه وقد دخل الحزب حالة موت سريري.

إن هوة الخلاف تتسع بين رئيس الحكومة المستعد – على ما يبدو- للتحالف مع الشيطان نفسه لضمان بقائه في السلطة، وابن الرئيس الذي تحول إلى فقاعة مائية ضخمة اعتقد بعدها أنه يمتلك الحزب والدولة ليست إلا لعبة بين يديه، ويتشظى الخلاف أكثر بين أطراف عديدة ومصلحية ولا خاسر إلا الدولة التونسية.

أيها السادة السياسيون، بما فيكم الهواة الذين يسعون للظهور الإعلامي وعروض الفهلوة السياسية:
هنالك دولة اسمها تونس، ممتدة في التاريخ القديم والحديث، وهذه الدولة – بفضل عروضكم البهلوانية- هي على حافة الانهيار الاقتصادي والإداري والاجتماعي، فهل باعتقادكم وأنتم سادة المشهد أن الواقع السياسي سيصمد أمام كل تجاذباتكم السياسية العقيمة والتي تسير بنا جميعا نحو تفجير لا يحمد عقباه؟

مهمة الدولة هي تقديم الخدمات وإدارتها بالشكل الأمثل للمواطن المغلوب على امره في صراعاتكم، هذاالمواطن الذي يفتقد كرامة العيش بالحد الأدنى، وقد ازدادت البطالة وارتفع الغلاء ونقصت احتياجاته اليومية من غذاء ودواء بينما الحزب الحاكم منشغل بصراعاته الحزبية مما يذكرنا بجدل نخب بيزنطة حين اشتد عليها الحصار وتلك النخب مشغولة بصراعاتها الفكرية حول جنس الملائكة!!

بدون حسابات تحتاج إلى عبقرية وذكاء، يمكن القول أن مسعى الحزب الحاكم لتعطيل العمل الحكومي من خلال تغيير الحكومة قد يأخذ من وقت الدولة التونسية فترة ثلاث أشهر، لتعطيل كل مناحي الحياة فيها، وهذا لوحده كاف لتعميق الأزمة الاقتصادية مما يضع الوطن امام أزمات وشيطة في مواجهة موسم سياحي قادم واستحقاق انتخابي مكلف.

إن فشل الحكومة صار الجميع يقر به، و لكن أي تغيير كلي للحكومة هو عملية خداع للمواطن حتى لا تتم الانتخابات في موعدها فقد كان يفترض ان يتم ذلك قبل 6 أو 7 أشهر ولكن الان هو عملية انتحار للدولة و تلاعب أفعواني بمطالب شعب فقد ثقته في الاحزاب السياسية الموجودة على الساحة الان و التي فشلت في ادارة البلاد و اثبتوا انهم مراهقين سياسيين لا يهمهم سوى البقاء في السلطة.

إن أبسط الحلول التي يمكن اللجوء إليها انقاذا للموقف ، هو تحوير وزاري عميق قائم على أولويات مصلحة الدولة، اما عملية مشروع اسقاط الحكومة باكملها فهذا تصرف غير مسؤول و هروب من مواجهة واقع مرير لشعب يتجرع الخيبة تلو الخيبة بسبب مراهقة سياسيين لا يعنيهم مصلحة شعب و مصلحة وطن كل منهم يبحث عن مصالح شخصية!

أيها السادة البهلوانيون:

بعد كل الخيبات لا زلتم تتصارعون على مكاسب الحكم! فأي حكم هذا وقد نصبح على دولة فاشلة لا سمح الله؟
أنقذوا تونس منكم أولا..ثم تدبروا الحلول فيما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق