معتصم الحارث الضوّي
لا شك أن الخطوة التي أقدمت عليها سلطنة عُمان بالإعلان الرسمي عن زيارة رئيس وزراء العدو الصهيوني، بينامين نتنياهو، إلى أراضيها كانت محسوبة العواقب، إذ أن عمُان قد عُرفت عبر حكم السلطان قابوس بن سعيد، والذي تقترب ولايته من الخمس عقود بعدم اتخاذ القرارات ذات الصلة بسياستها الخارجية إلا بعد دراسة متأنية ومحسوبة العواقب، وحينها فإنها لا تكترث بردود الأفعال، بل تمضي في طريقها لا تلوي على شيء.
لهذه الزيارة/ الخطوة بلا شك دلالات مهمة على الساحة العُمانية، والخليجية، والعربية، والإقليمية، بل والدولية على حد سواء، ولكن فهمنا لدقائق الوضع ونتائجه المرتقبة لن يحدث إلا بمحاولة العثور على إجابات شافية للتساؤلات التالية، وربما يتطلب الأمر سبر مسائل أخرى قد يتكشف النقاب عنها لاحقا.
1. لماذا هذه الخطوة، وما دلالة اختيار هذا التوقيت بالذات؟
2. ما “الثمن” السياسي الذي ستحصل عليه عُمان نظير هذا التطبيع، خاصة وأن عُمان قد عُرفت بسياسة عدم اصطناع الأعداء؟
3. ما المقابل الذي سيحصل عليه الجانب الصهيوني سياسيا واقتصاديا؟
4. هل نبعت الخطوة العُمانية من مبادرة فردية مستقلة، أم أن السلطنة حصلت على التحفيز/ الضوء الأخضر من قوى إقليمية ودولية؟
5. هل كانت عُمان أم العدو الصهيوني هو الجهة المبادرة؟
6. هل ستتخذ الدول الخليجية موقفا رافضا، أم أنها كانت تعلم مسبقا وموافقة ضمنا؟
7. هل الخطوة تمهيد لتطبيع مماثل من جانب دول خليجية، وتمهيد/ فتح للطريق أمامها من منظور “عُمان سبقتنا إليها.. لماذا تهاجموننا؟”.
8. الموقف الإيراني الرسمي جاء رافضا للخطوة، ولكن ما حقيقة الأمر، وذلك أخذا في الاعتبار العلاقة الوطيدة بينها وعُمان؟ هل كانت إيران على علم مسبق، وإذا كانت الإجابة بنعم، فما موقفها الحقيقي؟
9. هل سيحدث تنسيق صهيوني ـ إيراني عبر بوابة عُمان ذات العلاقة الجيدة بالطرفين؟
10. مضيق باب السلام (هُرمز في المصطلح الإيراني). كيف ستؤثر حالة الدفء بين عُمان والعدو الصهيوني على معادلة/ أمن تصدير البترول الخليجي؟ هل وما إذا كان تصدير النفط الإيراني (المسروق من الأحواز) سيتأثر جراء هذه الخطوة؟
11. كيف ستتأثر معادلات القوة العسكرية في منطقة الخليج، وخاصة في ظل وجود قواعد أجنبية متعددة في دولها؟
12. هل تعني هذه الخطوة خروج عُمان من سياسة النأي بالنفس “علنا” عن المشكلات العربية والإقليمية؟
13. ما التحولات المرتقبة في صياغة العلاقات الخليجية إثر هذه الخطوة، وهل لها من تأثير على الأزمة الخليجية الحالية بين كتلة الإمارات والسعودية من جهة، وقطر على الجانب الآخر؟
14. ما التحولات المرتقبة في مسار الصراع العربي الصهيوني في ظل هذه الخطوة؟ وهل سيتم الاستعاضة عن مبادرة الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ والتي حازت إجماعا عربيا بصيغ مستحدثة؟
الأيام أو الشهور القادمة قد تحمل للقارئ إجابات على هذه التساؤلات الحائرة ولكنها فائقة الأهمية، ولكن من الضرورة بمكان أن تكتمل قطع اللغز حتى تكتمل الصورة، وحينها فقط يمكن إصدار تقييم نهائي لصيرورة الأوضاع.
نسأل الله الستر!
* كاتب وإعلامي مقيم في لندن