مال و أعمال
اقتصاد كاتالونيا يستوعب صدمة إعلان الاستقلال
– يشهد إقليم كاتالونيا نمواً اقتصادياً ثابتاً منذ محاولة الانفصال عن إسبانيا العام الماضي وسط توقعات حينها بأن التحرك غير محسوب العواقب قد يترك تاثيرات سيئة.
وهز إعلان برلمان كاتالونيا الاستقلال في تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي أوساط المال والأعمال حيث أثار أسوأ أزمة سياسية في إسبانيا منذ أربعة عقود.
لكن اقتصاد الإقليم الذي يساهم بنحو خمس ناتج إسبانيا الاقتصادي حقق نمواً بنسبة 3,1 بالمئة في الربع الثاني من العام 2018، متفوقاً على إسبانيا حيث لم يتجاوز النمو 2,5 بالمئة، وذلك بفضل جاذبية عاصمته برشلونة.
وأثارت محاولة الانفصال العام الماضي “صدمة ثقة” وتراجعاً في الاستهلاك في تشرين الأول/اكتوبر 2017، وفق ما أفاد خبير الاقتصاد لدى “جامعة برشلونة المستقلة” جوزيب أوليفر ألونسو وكالة “فرانس برس”.
ونقلت نحو 3700 شركة مقارها القانونية من كاتالونيا إلى مناطق أخرى في إسبانيا بين تشرين الأول 2017 وتموز/يوليو 2018، بما في ذلك مصرف “كايشا بنك”، وفق أرقام صادرة عن الحكومة الكاتالونية.
لكن محركي الاقتصاد الكاتالوني الرئيسيان — السياحة والصادرات –لم يتأثرا بالأزمة السياسية.
وشهد قطاع السياحة الذي يساهم بـ12 بالمئة من ناتج كاتالونيا الاقتصادي تراجعا بنسبة 12 بالمئة في عدد الزوار في تشرين الأول/أكتوبر 2017 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق حيث دفعت صور التظاهرات الحاشدة السياح إلى الابتعاد عن الإقليم.
إلا أن القطاع “تعافى” في 2018، وفق مدير عام جمعية أصحاب الفنادق في برشلونة مانيل كاسالز نظراً إلى أن “النقاشات السياسية تجري حيث يجب — في البرلمان” لا في الشوارع رغم تأكيده “خسارة بعض الفرص”.
وأوضحت مديرة مجموعة الضغط في مجال المال والأعمال في كاتالونيا سيركيولو دي إيكونوميا أنه ليس من الممكن بعد حسبان “عدد الفرص التي ضاعت وأي استثمارات فشل إتمامها” جراء أزمة الانفصال.
وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 41 بالمئة في الربع الثاني من العام لكن محللين أشاروا إلى أن هذه الاحصائيات تتباين بشكل واسع عادة وهو ما يستدعي التعاطي بحذر مع هذا الرقم.
– العديد من “المواهب” –
ويعد خلق فرص العمل نقطة ضعف أخرى.
وذكرت دراسة نشرها مصرف “بي بي في ايه” الإسباني الثلاثاء أن عدد العمال الجدد الذين سجلوا في نظام الضمان الاجتماعي ارتفع 2,5 بالمئة في كاتالونيا في أيلول/سبتمبر مقارنة بالعام السابق، وهي نسبة أقل من الزيادة البالغة 2,9 بالمئة التي تم تسجيلها في الفترة ذاتها على صعيد إسبانيا كاملة.
وحمل مصرف الإقراض “الأحداث الاستثنائية المتعددة” التي شهدتها كاتالونيا في 2017 مسؤولية تراجع معدل خلق الوظائف، انطلاقا من الاعتداء الجهادي في آب/اغسطس العام الماضي وصولا إلى أزمة الانفصال.
ورغم التوترات السياسية، استقبلت كاتالونيا شركات متعددة الجنسيات على غرار “أمازون” التي افتتحت مركزاً جديداً في كاتالونيا في نيسان/أبريل بينما تخطط لفتح مركز أبحاث لدراسة الآلات في الإقليم.
وقال ناطق باسم الشركة لوكالة “فرانس برس” إن “أمازون” تتخذ قراراتها “استناداً إلى معايير تجارية لا سياسية”.
ولدى “كينغ ديجيتال انترتينمنت” البريطانية التي تنتج ألعابا لمواقع التواصل الاجتماعي على غرار “كاندي كراش ساغا” الرائجة ثلاثة استوديوهات في برشلونة حيث أكدت أن المدينة الساحلية تعد خياراً “رائعاً في المجال التقني وتوفر مساحة للتوسع والنمو”.
وأشار ماركو بريسان من شركة “ساتيلوجيك” الأرجنتينية لتحليل البيانات والتي وسعت العام الماضي مكتبها الذي افتتحته في برشلونة في أيار/مايو 2017، وهو الأول لها في أوروبا، “إلى أن لدى عاصمة كاتالونيا العديد من “المواهب” بفضل “شبكة جامعاتها”.
وقال إن مستوى المعيشة في المدينة المتوسطية يجعل من “السهل جدا إقناع اي شخص في بلد آخر بالمجيء والعيش” في برشلونة.
وكان لدى مكتب الشركة في برشلونة خمسة موظفين في 1 تشرين الأول، أكتوبر 2017 عندما أجرت كاتالونيا استفتاءها المحظور على الاستقلال ليرتفع عددهم الآن إلى 20.
– “أجندة مزدوجة” –
وقال ألونسو إن هذه الاستثمارات تظهر أن الشركات الأجنبية لا تتوقع استقلالا بعواقب “صادمة” في الأمد القريب كخروج كاتالونيا من الاتحاد الأوروبي أو تخليها عن العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”.
لكن الأحزاب الانفصالية ستبقى بالسلطة في كاتالونيا حيث تبدو أكثر تركيزا على التوصل إلى حق تقرير المصير منها على السياسات الاقتصادية.
وخيب رئيس كاتالونيا كيم تورا آمال أصحاب المشاريع عندما تخلى عن حضور قمة في أيلول/سبتمبر تتعلق بسكك حديد في ساحل إسبانيا المطل على المتوسط طالما طالبت به شركات كاتالونية.
وفي هذا السياق، أكد المستشار الاقتصادي لدى حكومة إقليم كاتالونيا ألبيرت بويغ “لدينا أجندة مزدوجة عظيمة لمحاور المستقبل” كتقرير المصير وأخرى “أصغر للشؤون اليومية” كالاقتصاد.
ونوه إلى أن الحكومة الكاتالونية أنفقت 213 مليون يورو (244 مليون دولار) خلال النصف الأول من 2018 لمساعدة 746 عملا تجارياً، معظمها صغيرة ومتوسطة الحجم.
(أ ف ب)