السلايدر الرئيسيصحف
“لوموند”: هل ستبقى استثمارات السعودية مهمة للمجتمعات الغربية في ظل قضية خاشقجي
أحمد كيلاني
– باريس – من أحمد كيلاني – قالت صحيفة “لوموند” إنه قبل أربع سنوات، ظهر أمير شاب في صحراء شبه الجزيرة العربية وكان يمكن أن يكون بداية حكاية ألف ليلة وليلة، حيث كان بن سلمان يمثل الآمال في إحياء الديناميكية الاقتصادية في المملكة بالنسبة لمجتمع الأعمال التجارية مع العديد من الوعود بالاستثمارات الضخمة.
وأوضحت الصحيفة أنه مع محمد بن سلمان ابن الملك سلمان الذي تسلم السلطة في يناير 2015 بعدما توفي الملك عبد الله، وجد “عرب المستقبل” في مشروع رؤية 2030 وسائل علاج قادرة على شفاء البلد المريض من اعتماده على النفط، وفتح الاقتصاد أمام الشركات الأجنبية حتى في القطاعات التي تحظرها الصرامة الوهابية، مثل السياحة والترفيه.
وأشارت “لوموند” إلى أن الصور الأولى لمحمد بن سلمان لم تكن مبهرة، موضحة أنه رجل غير مستقر وليس لديه معرفة كافية بما يحدث خارج المملكة، ومع ذلك أظهر عالم رجال الأعمال تساهلاً مع هذا الشاب الطموح، الذي وضعه والده المريض في المرتبة الأولى في ترتيب الخلافة في عام 2017.
وأضافت الصحيفة أن الإخفاق الدبلوماسي في اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري و 10000 آلاف قتيل في الحرب الدامية في اليمن، والحصار على قطر، كل ذلك كان محرجاً للغاية، ولكن ليس من المرجح أن يسيء كثيراً استغلال المستقبل الذي كتب ببلايين الدولارات.
وقالت “لوموند”، إن السعودية شهدت بعد ذلك تطوراً خجولاً لصالح النساء تم تنظيمه بذكاء، وجرى الوعد بتدمير التطرف الديني من أجل العودة إلى إسلام معتدل ومتسامح ومنفتح على العالم.
وتساءلت الصحيفة من هو الرئيس الذي يستطيع ان يتخيل أن محمد بن سلمان سوف يوصي بعملية قتل بربرية مثل تلك العملية التي حصلت للصحفي المعارض جمال خاشقجي؟
وأوضحت “لوموند”، أنه كإجراء وقائي، وتحت ضغط موظفيهم وضغط المنظمات غير الحكومية، ألغت الشركات الرأسمالية الكبرى مشاركتها بمنتدى المستثمرين الذي نظمه الأمير محمد بن سلمان من 23 إلى 25 أكتوبر في الرياض.
وأضافت أن بعض المستثمرين يدعمون خطة رؤية 2030 مثل رئيس شركة سيمنز جو كيسر، الذي أوجز الأمر بالقول ان سيمنز هي شريك موثوق وملتزم بالمملكة ورؤيتها 2030 ولكن في الوقت الراهن يجب اكتشاف الحقيقة وتطبيق العدالة.
وتساءلت الصحيفة هل سيعود رؤساء شركات الاستثمار للسعودية بمجرد تلاشي استياءهم وسقوط الموجة الإعلامية ؟ موضحة أن التساؤل غير مجدي لأن مجموعاتهم لم تغادر البلد، وإذا لم يكونوا موجودين بالفعل، فإنهم ينوون الحصول على الأسواق.
وأكدت “لوموند”، أنه بالنسبة لفرنسا من المستبعد تغيير سياساتها، مشيرة إلى انزعاج الرئيس الفرنسي ايمانويل الفرنسي من تذكيره بالأمر حيث باعت فرنسا إلى الرياض العديد من المعدات العسكرية بين أعوام 2008 و 2017، مقابل 11 مليار يورو.
وأضافت الصحيفة أن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير كرر خلال إعلانه الانسحاب من منتدى الاستثمار السعودي بشكل لا لبس فيه أن المملكة العربية السعودية تظل شريكاً استراتيجياً، كما ينوي الرئيس ماكرون تأكيد هذه السياسة في غضون الأسابيع المقبلة.
وقالت الصحيفة إن الرياض لا تزال لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط، من دون أن تكون قادرة على إملاء قوانينها مثلما حدث في حقبة السبعينات أثناء صدمات النفط، مضيفة أن المملكة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى رأس مال أجنبي من أجل تنميتها واستقرارها السياسي، ولا أمل في نجاح خطة رؤية 2030 التي توجت بتأجيل الاكتتاب في شركة النفط السعودية أرامكو.
وأكدت “لوموند” أن قضية خاشقجي هزت الثقة في المملكة العربية السعودية، وقد جاءت في أسوأ لحظة للمستثمرين، مشيرة إلى أن العقوبات الأمريكية ضد الشركات التي تعمل مع إيران سوف تدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر القادم، نتيجة رفض الرئيس الأمريكي للاتفاق النووي مع إيران، وسوف تخسر إيران سوق مستهلكين يقدر عدده بـ 82 مليون مستهلك، وستحصل الصين وروسيا على جزء من هؤلاء المستهلكين، وذلك يعني أن فرص العمل في المملكة العربية السعودية التي ترتبط بشكل متزايد مع الصين من الناحية الاقتصادية، ستظل ذات قيمة للمجتمعات الغربية.