شرق أوسط

السعودية في مواجهة إعادة ترميم صورتها بعد أزمة مقتل جمال خاشقجي

– يرى محللون أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لا يزال يحكم قبضته على المملكة، لكن الغضب المتزايد إثر مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول أساء الى موقعه ونفوذه في العالم.

وحظي الأمير محمد بن سلمان (33 عاما) منذ تسلمه منصبه كولي للعهد العام الماضي بإشادات دولية بعد إدخال إصلاحات على المجتمع والاقتصاد في بلاده وبينها اعتماد سياسة انفتاح والترويج ل”إسلام معتدل” والسماح للمرأة بقيادة السيارة.

ولكن صورته تضررت إلى حد كبير منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول، على الرغم من تأكيد الرياض عدم علم السلطات بالجريمة.

ويقول الباحث حسين أبيش من معهد دول الخليج العربي في واشنطن لوكالة فرانس برس “يسود مناخ الآن يثير رغبة بالابتعاد عن السعودية والحكومة السعودية والأمير شخصيا وكأنهم مصدر سمّ”.

ويضيف “ليس واضحا إلى متى سيستمر هذا الأمر، ولكن السعودية الآن منبوذة على الساحة الدولية، وكأنها كيان ملوث على الأٌقل”.

ولا تهدد تداعيات قضية خاشقجي موقع الأمير محمد بن سلمان الذي يحكم بقبضة من حديد بعد تهميش منافسيه المحتملين، ولا يقدر أحد على إزاحته باستثناء والده العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز (82 عاما). ومن الواضح أنه ليس في هذا الوارد.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دان ما وصفه بأنه “أسوأ عملية تستر” من السعوديين على قتل خاشقجي، معتبرا أنها “إخفاق تام”، لكنه لم يقطع علاقاته مع ولي العهد.

ويقول علي الشهابي، “مدير معهد الجزيرة العربية” في واشنطن المؤيد للسعودية، إن ولي العهد الشاب “لن يذهب إلى أي مكان”.

 “أمر مبهم”

وما زال خطر فرض عقوبات أمريكية يلوح في الأفق، لكن محللين يرون أنها لن تكون قاسية على المملكة التي تعد أكبر مصدر نفط في العالم وأحد المشترين الرئيسيين للأسلحة الأمريكية وحليفا رئيسيا ضد إيران في المنطقة.

ويقول الباحث الرئيسي في مركز كارنيغي للشرق الاوسط يزيد صايغ “حتى لو أدى الأمر إلى عقوبات أشد حال ثبتت مسؤولية الأمير محمد عن الجريمة، فإنه لن ينجو فحسب، بل سيقوم باستخدام رد الفعل العنيف لترسيخ موقعه في الداخل”.

وبحسب صايغ، “عندما يتعرضون للضغوط، فإن الحكام المستبدين لا يتخلون عن السلطة، بل يقومون بتعزيز موقعهم بغض النظر عن الكلفة، ومحمد بن سلمان في وضع أفضل من معظمهم”.

وأثارت عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز هذا الأسبوع إلى السعودية الاستغراب، خصوصا بعد أن أثار جدلا في وقت سابق بانتقاده شقيقه الملك سلمان ونجله.

ولم ترغب السلطات السعودية في التعليق على أسباب عودة الأمير أحمد بعد أن أمضى أشهرا عدة في لندن، ولكن تبدو عودته مؤشرا على مسعى العائلة المالكة لرص صفوفها بعد أزمة خاشقجي.

ويؤكد الخبير في الشؤون السعودية غريغوري غوس من جامعة “إيه أند أم” في تكساس “هناك أمر يحدث في أوساط عائلة آل سعود الحاكمة”، مشيرا الى أن “عودة الأمير أحمد من لندن تشير إلى ذلك. ولكن الأمر لا يزال مبهما”.

ومع تزايد الغضب الدولي حول مقتل خاشقجي، يرى البعض أن قادة العالم قد يحاولون استغلال الأمر للحصول على تنازلات أو الاحتفاظ بالنفوذ في إطار المفاوضات الدبلوماسية.

ويؤكد أبيش أن الأمير “أصبح أضعف. والسعودية أصبحت أضعف”.

ويتابع “أصبحت هناك تكلفة إضافية.. للتعاون أو الشراكة مع السعودية بشكل عام، والحكومة بشكل خاص، خصوصا ولي العهد”.

كما سلطت قضية خاشقجي الضوء على قضايا أخرى مثل الحرب في اليمن التي تقودها السعودية منذ عام 2015. وتتعرض الرياض أيضا لانتقادات كثيرة بسبب حرب اليمن الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا، بحسب الأمم المتحدة.

ودعت الولايات المتحدة الثلاثاء عبر وزيري الدفاع والخارجية جيمس ماتيس ومارك بومبيو إلى إنهاء الحرب في اليمن في غضون شهر، مطالبة خصوصا بوقف الضربات الجوية التي يقوم بها التحالف بقيادة السعودية على المناطق المأهولة في هذا البلد الفقير.

 “تشويه صورة” السعودية

وتزايدت التكهنات أيضا حول تدخل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وراء الكواليس. وكان إردوغان تعهد في وقت سابق بأنه سيكشف عن “الحقيقة الكاملة” حول مقتل خاشقجي، لكنه لم يكشف ما لم تذكره التقارير الإعلامية من قبل.

وزادت التكهنات حول ذلك بعد أن أشاد ولي العهد السعودي بنبرة مهادنة بوضع قطر، حليفة تركيا، الاقتصادي، ما أثار تكهنات حول احتمال التوصل إلى “تسوية” أيضا مع الإمارة الصغيرة الخاضعة منذ أكثر من عام لحصار تفرضه عليها السعودية وحلفاؤها بعد اتهامها بدعم الإرهاب.

في المملكة، سعى السعوديون إلى الالتفاف حول ولي العهد مع نشر قصائد مدح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتواصل الفاعليات العامة مثل مهرجان مؤسسة المصارعة العالمية الترفيهية (دبليو دبليو إي) المقرر الجمعة.

ويبدو مقتل خاشقجي أمرا بعيدا للسعوديين. ويبدو أن وجهات نظرهم تأثرت بوسائل الاعلام المحلية التي تقول إن الأمر يندرج في إطار مؤامرة أجنبية ضد ولي العهد.

بينما صدم الكثيرون من رد الفعل العالمي الغاضب.

ويقول محلل سياسي سعودي لوكالة فرانس برس “من الطبيعي أن يلقى مقتل صحافي غضبا، ولكن الكثير من منتقدي المملكة يبدون عازمين على استغلال العملية لتشويه صورتها”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق