شرق أوسط
مصر تكثف وساطتها للتوصل الى هدنة في غزة في إطار من الكتمان
– كثفت مصر أخيرا وساطتها بين الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى هدنة في غزة ووقف أعمال العنف التي يشهدها القطاع منذ شهور ولكنها تحرص على أن تظل جهودها طي الكتمان.
والجمعة شهدت الحدود بين قطاع غزة واسرائيل يوما من أكثر الايام هدوءا بعد شهور من التظاهرات التي ظل الفلسطينيون ينظمونها أسبوعيا أيام الجمعة وكانت تشهد مواجهات دامية مع الجنود الاسرائيليين.
وأعلن خليل الحيّة القيادي في حماس أنّ الجهود المصرية توشك على النجاح.
وقال للمتظاهرين الجمعة “توشك الجهود على النجاح قريباً” فيما قالت وسائل اعلام محلية في غزة إن حركة حماس سعت إلى السيطرة على التظاهرات كبادرة حسن نيّة حيال جهود مصر والأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق.
ومنذ 30 آذار/مارس، قتل 218 فلسطينيا على الأقل، بحسب حصيلة لفرانس برس.
وأثارت موجة العنف هذه مخاوف من اندلاع نزاع مسلح جديد بين حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، والدولة العبرية.
وتهدف الجهود الدبلوماسية الى إبرام اتفاق تتعهد بموجبه حماس العمل على وقف التظاهرات على الحدود مقابل تخفيف الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يظل دور الوساطة الذي تقوم به مصر ضروريا.
“استنباط”
هذه المفاوضات غير المباشرة بين الدولة العبرية وحركة حماس تجري في اطار من الكتمان ولا ترشح عنها أي معلومات الا نادرا.
والصحافة المصرية، بما في ذلك وسائل الاعلام المقربة من الجهاز الامني، تستند الى مصادر فلسطينية او اسرائيلية، لنشر أخبار هذه المحادثات.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش المنتدى الدولي للشباب الذي يستضيفه في منتجع شرم الشيخ ان مصر تتحرك “دائما حتى لا يحصل نزاع مسلح بشكل أو بآخر في قطاع غزة أو في الضفة الغربية”.
وأضاف “نحن حريصون عل تهدئة الأوضاع ما أمكن في قطاع غزة”.
وقال مصدر في حماس طلب عدم كشف هويته “إن مصر تواصل جهودها للتوصل الى تهدئة دائمة”، مضيفا أنه “عقدت عدة اجتماعات مع قيادات حماس والفصائل (الفلسطينية) لهذا الغرض”.
وأكد دبلوماسي مصري طالبا عدم كشف هويته لفرانس برس أن “كل الجهات المصرية تعمل على هذا الملف”.
وقال إن “السلطات المصرية لا تعطي معلومات لأن المفاوضات لا تزال جارية”.
ووصف الأخبار التي تنشرها الصحف منسوبة الى مصادر فلسطينية بأنها مجرد “استنباط”.
-الأولوية للأمن-
من الجانب المصري، يتولى جهاز المخابرات المصرية الملف الفلسطيني منذ سنوات رغم أن وزارة الخارجية هي المعنية في الاصل بقضايا السياسة الخارجية.
ويفسر خبير الشؤون الامنية في الشرق الأوسط بمركز سي ان ايه الأميركي الباحث زاك غولد هذا الوضع قائلا “هناك بالطبع عوامل سياسية ودبلوماسية (في الملف الفلسطيني-الاسرائيلي) ولكن من وجهة نظرهم (المصريون) فإن الاوضاع في غزة قضية أمنية وينبغي التعامل معها على هذا الأساس”.
ومنذ إطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في العام 2013 من قبل الجيش، تشهد منطقة شمال سيناء القريبة من الحدود مع قطاع غزة هجمات مسلحة يشنها جهاديون بايعوا تنظيم الدولة الاسلامية.
وأطلقت مصر في شباط/فبراير الماضي حملة عسكرية واسعة النطاق لانهاء وجود الجهاديين في شمال سيناء وتعتبر أن قطاع غزة إمتداد لهذه المنطقة وأن الوضع فيه يشكل أولوية أمنية.
وفي هذا السياق، حرصت مصر على الإحتفاظ بدورها كوسيط بين مسؤولي غزة واسرائيل ونجحت في إنهاء آخر حرب وقعت في القطاع عام 2014 اذ رعت المفاوضات غير المباشرة التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين.
ورغم عدم ثقة المسؤولين المصريين بحركة حماس، التي يعتبرون أنها خرجت من عباءة الاخوان المسلمين وترتبط بصلات معها، إلا أن السلطات المصرية ترسل بانتظام وفودا أمنية الى غزة.
ويقول الدبلوماسي المصري إنه بخلاف مسألة وقف اطلاق النار مع اسرائيل، فإن المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس تظل مسألة رئيسية بالنسبة الى مصر.
ولكن الجهود المصرية لم تؤت ثمارا حتى الان حول المصالحة أو التهدئة في غزة “حتى لو كانت تمنع تدهور الموقف”، وفق زاك غولد.
وفي تشرين الأول/اكتوبر 2017، وفي ظهور إعلامي نادر، احتفلت المخابرات المصرية في مقرها بالقاهرة بتوقيع اتفاق مصالحة بين حماس وفتح التي طردت من القطاع في العام 2006 اثر اقتتال بين الجانبين.
ولكن هذا الاتفاق ظل مثل اتفاقات سابقة مشابهة حبرا على ورق.
في هذا السياق “ليس هناك سبب لأن تحيط مصر وساطتها في غزة بأي دعاية طالما أنها لم تأت بأي نتيجة مثمرة بعد”. (أ ف ب)