د. عادل عبد الناصر
تتزايد معدلات زيادة السكان بشكل غير عادي في مصر حتى أصبحت الزيادة مليونين نسمة كل عام، وذلك رغم قلة الموارد حيث يتركز السكان في وادي النيل فقط، وهي نسبة تعادل خمسة في المائة فقط من مساحة مصر، وللعلم كان عدد سكان مصر سنة 1952 قرابة 18 مليون فقط.
تعود الزيادة إلى عدة أسباب عدة منها:
سبب اقتصادي حيث يرى الفلاح أن زيادة الذرية ستعود عليه بفوائد اقتصادية كبيرة، كما أن غياب التعليم والوعي والثقافة عنصر مهم في قضية زيادة النسل، إضافة إلى التحريم الذي يراه البعض في تقييد الإنجاب من الناحية الشرعية.
رغم أن زيادة عدد السكان أصبحت مشكلة في مصر لكنها تحولت إلى إيجابية في الصين، فلولا إجراءات تنظيم النسل لكان مستحيلا على الصين أن تطعم هذا العدد الكبير من السكان، والذي يصل إلى خُمس تعداد العالم من السكان، بل إنها تسهم أيضا بتقديم مساعدات لبعض دول العالم المحتاجة، ولولا هذه الإجراءات لما تمكنت الصين من تحقيق نمو اقتصادي أدهش العالم أجمع، إضافة إلى مساهمة الصين في خفض زيادة تقدر ب 300 مليون نسمة عبر تطبيق هذه السياسة، مما جعل أنصارها يصممون عليها ويقاومون أي محاولة لتغييرها.
لكن من المؤسف أن زيادة السكان في مصر تهدم كل الآثار الإيجابية لعملية التنمية التي تقوم بها الحكومة المصرية حيث تلتهم كل نمو اقتصادي، علما بأن عدد سكان مصر في الداخل يصل إلى 95 مليون نسمة اليوم.
هذا يعني أن عدد السكان قد زاد مليون نسمة خلال الستة أشهر المنصرمة فحسب، ولذا يمكن القول إن النمو السكاني يعد حاليا أهم وأخطر التحديات التي تواجه المجتمع المصري، حيث بلغ 2,4% عام 2015، وهو أكبر خمسة أضعاف المعدل في الدول المتقدمة ونحو ضعف معدل الدول النامية، وبالتحديد ثـمانية أضعاف معدل النمو السكاني بكوريا الجنوبية، وخمسة أضعاف معدل النمو بالصين.
كما أن بيانات السكان في مصر تشير إلى أن القاهرة على رأس المحافظات التي يوجد بها زيادة سكانية، حيث تأتي كأكبر المحافظات بنسبة 10,45% وبعدد سكان 9,51 مليون نسمة.
وفي استعراض لزيادة السكان في مصر وأسبابه.
فقد جرى أول تعداد للسكان في عام 1800 أثناء الحملة الفرنسية قبل أكثر من 200 عام، وبلغ عدد السكان حينها 2,5 مليون نسمة، وفي عهد محمد علي جرى تعداد آخر للسكان بلغ 3 ملايين نسمة، وفي 1850 بلغ عدد السكان 4,5 مليون نسمة، وفي عهد الملك فؤاد الأول زاد عدد السكان إلى 4 ملايين نسمة، ليصل العدد في 1917 إلى 12, 7 مليون نسمة، وفي شباط/فبراير 2015 أعلن مؤشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وصول عدد السكان إلى 88 مليون نسمة، وفي كانون الاول/ديسمبر2015 وصل تعداد السكان إلى 90 مليون نسمة.
لكن من ناحية تاريخية، فإن المعلومات التي تحتفظ بها الهيئة العامة للاستعلامات في مصر تؤكد أن مصر القديمة عرفت التسجيل المنتظم للمواليد والوفيات في سجلات رسمية أطلق عليها اسم سجلات الحياة، وكشفت أوراق البردي أنه قد تم إجراء تعداد للسكان في حوالي سنة 3340 قبل الميلاد، كما تم إجراء تعداد آخر حوالي 3050 قبل الميلاد.
وتوضح بعض البرديات القديمة أنه تم إجراء إحصاء لعدد السكان وأعمارهم ومحل إقامتهم في عهد هشام بن عبدالملك بن مروان عام 600 ميلادية واستمر إجراؤه ستة أشهر.
هناك مواقف طيبة من الحكومة المصرية حيال هذه المشكلة، إذ تستعين بالمؤسسات الدينية لمواجهة طريقة التفكير التقليدية التي تحبذ كثرة الإنجاب، كما أفتى الأزهر بأن تنظيم الأسرة حلال، وقالت وزارة الأوقاف إن زيادة المواليد دون توفير حياة كريمة لهم محرمة شرعا.
ذلك التيار الديني الرسمي المؤيد لضرورة خفض الإنجاب يواجهه تيار متشدد يرى في كثرة الإنجاب خيرا، ويعمل بضراوة لمواجهة أي دعاوى لتخفيض النسل بدعوى تحريمه شرعا.
مؤخرا صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء مؤتمر شباب العالم أن أكبر خطرين تواجههما مصر الإرهاب والزيادة السكانية.
نقرع ناقوس الخطر.