شرق أوسط
معارك في شوارع حي سكني في مدينة الحديدة اليمنية للمرة الأولى
– اندلعت حرب شوارع للمرة الأولى الأحد في حي سكني في شرق الحديدة اليمنية بعدما تمكّنت القوات الموالية للحكومة من دخوله في خضم معارك عنيفة مع المتمردين، في المدينة التي تضم ميناء يشكّل شريان حياة لملايين السكان.
وأعربت منظمات انسانية مرارا عن خشيتها من سقوط ضحايا مدنيين في هجوم الحديدة.
وقالت مروة التي تسكن في جنوب المدينة عبر الهاتف لوكالة “فرانس برس” ان أصوات الاشتباكات والانفجارات لم تتوقف طوال الليل، وقد تكثّفت منذ صباح الاحد.
وأوضحت مروة التي طلبت تغيير اسمها خوفا من الملاحقة “تم اسعاف ثلاثة من جيراننا خلال نهاية الاسبوع (الجمعة والسبت) بعدما أصيبوا بشظايا”، مضيفة “نحن متعبون جدا. الوضع غير آمن، ولم نعد نملك المال”.
وتابعت “هذه المرة، لا يقدر أحد على المغادرة. لا نستطيع تحمل تكاليف ذلك والوضع خطير جدا”.
ومنذ 2014، تخضع مدينة الحديدة لسيطرة المتمرّدين، وتحاول القوات الحكومية بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية استعادتها منذ حزيران/يونيو الماضي بهدف السيطرة خصوصاً على مينائها الاستراتيجي.
واشتدّت المواجهات في الحديدة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، ونجحت القوات الموالية للحكومة الخميس الماضي في اختراق دفاعات المتمردين والتوغل في شرق وجنوب المدينة المطلة على البحر الاحمر.
وقالت منسّقة عمليات منظمة “سيف ذي تشيلدرن” في مدينة الحديدة مريم الدوغاني في اتصال هاتفي مع وكالة “فرانس برس” إن “القتال مستمر، والوضع صعب جدا. هناك خوف كبير بين السكان”.
وقتل في هذه المعارك 443 مقاتلا من الطرفين غالبيتهم من المتمردين، بينهم 43 حوثيا و18 جنديا في القوات الموالية للحكومة لقوا مصرعهم في الساعات ال24 الأخيرة، بحسب مصادر طبية وعسكرية.
– الميناء مفتوح –
قال مسؤولون عسكريون في القوات الموالية للحكومة الأحد، إن هذه القوات عملت الأحد على “تطهير” المناطق السكنية التي دخلتها في شرق المدينة من المتمردين الحوثيين.
وهذه المرة الاولى التي تندلع فيها معارك في حي سكني في مدينة الحديدة منذ بداية العملية العسكرية على ساحل البحر الاحمر.
ويقع حي 22 مايو السكني جنوب مستشفى “22 مايو”، الأكبر في المدينة والذي سيطرت عليه القوات الموالية للحكومة السبت، وشمال طريق سريع رئيسي يربط وسط المدينة الساحلية بالعاصمة صنعاء.
وفي الحي سوق كبير للخضار والفواكه تسعى القوات الحكومية للسيطرة عليه. كما أنّه يقع على مقربة من حي آخر يطلق عليه اسم “سبعة يوليو” ويمثّل معقل المتمردين الرئيسي في المدينة.
وفي جنوب غرب المدينة، اشتدّت مساء الأحد المعارك مع سعي القوات الحكومية للتقدم على الطريق الساحلي شمالا باتجاه الميناء، حسبما أفاد المسؤولون العسكريون.
وبحسب المسؤولين، فإن المتمردين يستخدمون القناصة ويعتمدون على الألغام وعلى القصف المكثّف بقذائف الهاون لوقف تقدم القوات المهاجمة. وقال سكان لوكالة “فرانس برس” ان الحوثيين يستخدمون أيضا المدفعية.
في المقابل، تشن القوات الموالية للحكومة هجماتها بدعم من طائرات ومروحيات التحالف العسكري، وخصوصا الامارات، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف والتي كانت جمعت في بداية العام ثلاث مجموعات عسكرية لمهاجمة الحديدة.
وعبر ميناء الحديدة تمر غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان للبقاء على قيد الحياة في بلد يواجه نحو نصفه سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة، وفقا للامم المتحدة.
لكن رغم الهجوم، لا يزال الميناء الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين يعمل “بشكل طبيعي”، بحسب نائب مديره يحيى شرف الدين.
وقال المسؤول لوكالة “فرانس برس” في اتصال هاتفي “الميناء مفتوح حتى الآن، الجميع هنا ونحن نعمل بشكل طبيعي”.
-“لا يمكننا أن نتنبّأ” –
بدأت حرب اليمن في 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.
وأبدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه السبت غضبها إزاء “الخسائر غير المعقولة” نتيجة تصاعد الأعمال القتالية في الحديدة والتي استهدفت سكانا “خائفين للغاية من الجوع” في اليمن.
وتهدّد المعركة من أجل السيطرة على الحديدة إمدادات الغذاء لملايين السكان في حال تعطّلت الحركة في ميناء المدينة أو في حال فرضت القوات المهاجمة حصارا على كافة مداخل ومخارج المدينة.
وقال نائب مدير الميناء لوكالة “فرانس برس” “لا يمكننا أن نتنبّأ بما يمكن أن يحدث في المستقبل، لكن في الوقت الحالي لا يوجد أي إشكال”.
وعلى وقع التصعيد في الحديدة، أعلن التحالف الذي تقوده الرياض ليل الجمعة السبت أنه طلب من الولايات المتحدة وقف عمليات تزويد طائراته بالوقود في الجو، مؤكدا أنه بات قادرا على تأمين ذلك بنفسه.
وجاء التصعيد بالتزامن مع دعوة الولايات المتحدة ومبعوث الامم المتحدة مارتن غريفيث الى إجراء مفاوضات في تشرين الثاني/نوفمبر. لكن غريفيث عاد وقال ان المفاوضات قد لا تنعقد قبل نهاية العام.
والأحد، أكّد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني المهلة الجديدة لعقد المفاوضات.
وقال حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية “سبأ” ان حكومته ملتزمة “بدعم جهود المبعوث الأممي (…) لعقد دورة المشاورات القادمة قبل نهاية العام الحالي”.
وفي الرياض، أعلن وزير الاعلام في حكومة المتمردين عبد السلام جابر انشقاقه عن الحوثيين، في مؤتمر صحافي الأحد، قائلا “شعبنا سيلتحم للخلاص من هذا الظلام”، داعيا إلى “الالتحاق بركب الشرعية”، في إشارة الى الحكومة المعترف بها دوليا.
(أ ف ب)