السلايدر الرئيسيشرق أوسط
هل تتفق أجهزة الأمن المصري مع مبدأ “علمانية” الدولة الذي أطلقه “السيسي”؟
شوقي عصام
– القاهرة – من شوقي عصام – في ذروة أزمة النقاب، التي يجتاح جدلها الشارع المصري، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ما يعتبر ضمنياً بـ”علمانية الدولة”، عندما أعلن في منتدى الشباب العالمي، أنه من حق المواطن فى عبادة ما يشاء، أو لا يعبد، وأن هذا الأمر كدولة لا تتدخل فيه، ولكن هل تنفذ أجهزة الدولة الأمنية والسيادية هذا المبدأ وتعمل به؟!، لا سيما أن هناك تحديات رسمية وشعبية تواجه ذلك، خاصه أن الدستور المصري يضع الدولة تحت غطاء دينياً في إطار ما تنص عليه المادة الثانية، بأن دين الدولة الإسلام، وهي المادة التي وضعت في الدستور الدائم في عام 1971، ولم تمس سواء في وضع دستورين جديدين، أو إجراء عدة تعديلات في العقود السابقة.
كون دين الدولة هو الإسلام، فرسمياً منذ إلزاق هذه المادة في الدستور وعدم الاقتراب منها، تنوعت في عقود سابقة، وقائع تتعلق بملاحقة أجهزة الأمن بشكل رسمي معلن، من يدينون بديانات أخرى، سواء كانت سماوية أو وضعية، وأيضاً كانت الملاحقة بشكل رسمي لتجمعات اللادينيين والملحدين، وفي سنوات سابقة، كان يلاحق أحياناً من كان يُضبط معهم كتب للديانة المسيحية، ويوجه لهم تهمة التبشير.
وسط كل ذلك، كانت تعلن الدولة دائماً مبدأ أن “الدين لله والوطن للجميع”، فهو أمر يتم إعلاؤه في خطب رنانة منذ العهد الملكي، وكان مطبقاً إلى حد كبير في هذا العصر ، ولكن تعرض لبعض المساس في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وتصاعد الأمر في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، الذي كان يعلن في كل المحافل أنه الرئيس المؤمن، وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، كان واضحاً دور أجهزة الأمن في وقائع تتعلق بملاحقة من هم أصحاب ديانات وضعية أو ملحدين وأيضاً تهم التبشير.
من المؤكد أن التحديات ستتنوع أمام الرئيس المصري في حالة رغبته في إعلاء مبدأ علمانية الدولة بهذا الشكل، والمتعلق بحرية العبادة، لدرجة تصل إلى حماية معتقدات من لا يعبد، منها مؤسسات الدولة الدينية، وأيضاً المجتمع المصري، الذي لا يزال يشهد حوادث فتن طائفية في الصعيد، فضلاً عن مخاوف استغلال جماعة “الإخوان” والسلفيين، هذا التوجه في حماية حرية العبادة ضد شعبية “السيسي”، ولكن كيف يتعامل الأمن مع هذا المبدأ؟!
وفي هذا الإطار، يقول مساعد وزير الداخلية السابق، اللواء محمود نور الدين، إن أية تحركات أمنية سابقة تتعلق بحرية العبادة، كانت تخضع لبعض الأفكار الشخصية، سواء لبعض القادة الشرطيين أو الضباط، ولم يكن توجهاً عاماً، ولكن الأمن يتحرك في إطار القانون، عندما تحمل حرية العبادة أي تعدٍ أو سخرية على أي دين أو معتقد أو حض على الكراهية، على أساس ديني أو من يحرف في الأديان في إطار ممارسة معتقدة، لافتاً إلى أنه غير ذلك، لا يكون هناك أي تحرك من ضباط الداخلية، ضد أي شخص حتى لو كان ملحداً، المهم ألا يتعدى أو يسيء لأي دين آخر.
وأوضح “نور الدين” في تصريحات خاصة لـ””، أن هذا التوجه لا يتعارض مع كون أن مصر دولة إسلامية، لأن الدين الإسلامي ذاته يقول: “لكم دينكم ولي دين”، و”من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.
وتابع: “حتى الحملات الأمنية الخاصة بملاحقة من يجهرون بالإفطار في رمضان، كان نتيجة ضغوط حملة صحفية حول من يجلسون على المقاهي، واستجابت بعض القيادات غير الواعية”، لافتاً إلى أنه عندما تحركت هذه الحملات، كانت تجد المجاهرين بالإفطار على المقاهي، من هو مسيحي، من هو مريض، فوجدنا أن الحصيلة شابان، وأن ملاحقة الجاهرين بالإفطار في رمضان ليس بالأمر القانوني.
وأشار “نور الدين” إلى أنه لم يخنه التعبير ، و”السيسي” رجل مؤمن، ويتحدث في إطار القرآن، عن أن هذا اختيار حر، وأن الإنسان ليس له حكم على آخر في العبادات، وصاحب الأمر هو الله فقط.
أما عضو مجلس النواب المصري، محمد أبو حامد، فيقول إن الرئيس رمز للدولة ورئيس للسلطة التنفيذية، بما فيها الأجهزة الأمنية، ويعبر عن سياسة عامة، ولا يملك أي جهاز عمل ضد هذه السياسة، وحتى إذا كان هناك بعض الممارسات، من جانب بعض الأجهزة تتناقض مع توجهات الدولة، سواء بشكل فردي أو غيره، فهذا لا يعني أننا نقدم توجهات ولا تنفذ، ولكن المهم أن السير يتم في ملفات صعبة، لم يتم التطرق لها من قبل، وهي ملفات تحرك المياه الراكدة، وعملياً من الطبيعي أن يكون سيرها ببطء، لا سيما في الملفات التي لها علاقة بعناصر الحريات والمعتقدات.
وأشار “أبو حامد” في تصريحات خاصة لـ””، إلى أنه بعد ثورتين في أقل من 3 سنوات، نسير في اتجاهات، غالباً لا يقبلها المجتمع، ويعتبر تجاوزها خطوطاً حمراء، مثل قانون بناء الكنائس في الصيغة الحالية، لم يحقق ما هو مرجو، والأمل في أن تكون القوانين واحدة للمساجد والكنائس، ولكن التحريك لملف بهذا الشكل خطوة مهمة، ومن المؤكد أنها تحتاج لتطوير في المستقبل.