السلايدر الرئيسيشرق أوسط

العدوان الإسرائيلي على غزة يدخل جهود التهدئة في نفق مظلم

أحمد كيلاني

– من أحمد كيلاني – ضرب التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة عرض الحائط جهود التهدئة التي تبذلها عدة أطراف إقليمية من بينها مصر وقطر بهدف التوصل إلى هدنة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، فبينما كانت الأنظار تتجه إلى قرب التوصل إلى الهدنة جاء التصعيد الإسرائيلي ليطيح بكل تلك الجهود.

قبل أيام قليلة، سمحت السلطات الإسرائيلية لقطر بادخال 15 مليون دولار إلى قطاع غزة، من أجل دفع رواتب موظفي حركة حماس وتعويض المتظاهرين المصابين، الأمر الذي أثار خلافات داخلية إسرائيلية، إذ اعتبر البعض الخطوة بأنها تمثل رضوخاً لحركة حماس سيمكنها من تعزيز نفوذها في القطاع.

لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو برر الإجراء بانه يساهم في إعادة الهدوء على الحدود مع غزة، حيث قال نتنياهو إن هذه الدفعات ستخفض من حدة التوتر، الأمر الذي انعكس إيجاباً بعض الشيء في تظاهرات يوم الجمعة الماضي التي شهدت تراجعاً نسبياً لحدة المواجهات مع قوات الاحتلال عند السياج الحدودي الفاصل مع قطاع غزة.

في المقابل وصف وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت الأموال بأنها “أموال حماية مدفوعة لمجرمين”، مضيفاً “ربما تشتري هدوءا قصير الأجل، لكنك تجعل الجانب الآخر يعتاد على ممارسة العنف كطريقة لدفع مصالحه للأمام”.

وغداة توزيع حماس لرواتب الموظفين، حصلت العملية العسكرية للقوات الإسرائيلية الخاصة في شرق خان يونس والتي أسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين بينهم القيادي في كتاب القسام نور الدين بركة، في حين قتل ضباط إسرائيلي، وأجبرت العملية نتنياهو إلى إلغاء اجتماع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس والعودة إلى إسرائيل ليترأس اجتماعاً ضم وزير الدفاع افيغدور ليبرمان والمسؤولين الأمنيين.

وبينما أعلنت إسرائيل على لسان المتحدث العسكري رونين مانليس أن هدف العملية كان “جمع معلومات استخباراتية وليس عملية اغتيال أو اختطاف وأن المهمة لم تجر كما كان مخططا لها وأسفرت عن اشتباكات”، تبنت كتائب القسام في بيان لها مساء الاثنين إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل وقالت إن “الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة تعلن عن بدء قصف مواقع ومستوطنات العدو بعشرات الصواريخ رداً على جريمة الأحد”.

واثر ذلك قامت إسرائيل بشن غارات عنيفة ضد قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وتدمير مبنى قناة الأقصى التابعة لحركة حماس وعدة أبنية أخرى، في حين توالت ردود الأفعال على التصعيد الإسرائيلي حيث دعت السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية إلى وقف العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة وحماية الفلسطينيين في القطاع.

وعلى الرغم من التحذيرات المتوالية من خطورة انزلاق الأوضاع إلى حرب واسعة، إلا أن بعض المراقبين يرون أن جولة التصعيد الجديدة ستنتهي قريباً كون إسرائيل وحركة حماس لا ترغبان بالانجرار نحو حرب واسعة.

وتسعى حركة حماس إلى تحقيق توازن ردع في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية حيث لم تستطع الحركة الوقوف متفرجة دون رد على العملية الإسرائيلية في خان يونس، لكنها في الوقت نفسه تحاول على أكثر من صعيد الوصول إلى هدنة تخفف إجراءات الحصار الإسرائيلي تدريجياً وصولاً إلى رفعه، وتعمل الحركة مع الجانب المصري والقطري بهدف تحقيق ذلك.

في المقابل، وكلما لاحت في الأفق فرص التقدم بملف التهدئة، تعمل إسرائيل على إفشال تلك الفرص من خلال الاقدام على عمليات عسكرية تقود إلى الدخول في دوامة تصعيد جديدة يدفع ثمنها المدنيون في قطاع غزة، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل لا تزال غير راغبة في عقد هدنة مع حركة حماس تقود إلى رفع الحصار عن القطاع ما لم توقف حماس مسيرات العودة الأسبوعية.

كما تتجنب إسرائيل شن حرب واسعة كتلك الحروب التي شنتها في أعوام 2008 و2012 و2014، كونها تدرك بأن الحرب لن تقود إلى تدمير حركة حماس ولا حتى لوقف مسيرات العودة، إضافة إلى أن نتنياهو يأخذ بالحسبان الانتخابات الإسرائيلية المقررة العام المقبل، إذ لا يريد الدخول في حرب قد تقود إلى خسارة حزبه لتلك الانتخابات.

وانطلاقاً من ذلك، يعتبر بعض المراقبين أن العدوان الإسرائيلي المتجدد ضد قطاع غزة لن يقود إلى حرب واسعة، لكن وفي الوقت نفسه، فإن وساطات التهدئة دخلت في نفق مظلم نتيجة للتصعيد الإسرائيلي الذي أرسل رسالة واضحة لجميع الوسطاء بأن إسرائيل غير راغبة بعقد تلك الهدنة مع حماس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق