الجزائر _ _ من نهال دويب _ كثرت الأسئلة واحتدم الجدل والكل ينظر ويتساءل عله يجد جواب مقنع على الاستقالة المفاجئة للأمين العام للحزب الحاكم في البلاد, جمال ولد عباس, هل هي استقالة أم إقالة ؟.
قبل عامين من اليوم, وبالتحديد يوم 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2016, تفاجأ كل من كان حاضرا داخل القاعة التي احتضنت أشغال اللجنة المركزية بفندق الأوراسى إعلان الأمين العام للحزب الحاكم حينها عمار سعداني عن استقالته من الأمانة العامة لأسباب صحية كما كشف, وكان أكثر شيء أثار استغراب الحاضرين في القاعة وأيضا الذين وجهوا أنظارهم نحو أشغال الدورة الثالثة العادية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم إسناد مهمة تسيير حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفي مهمة جد حساسة لوزير الصحة السابق جمال ولد عباس البالغ من العمر حينها 82 عاما.
جمال ولد عباس ورث حينها تركة ثقيلة جدا بالنظر إلى الصراع الذي كان قائما أنذاك بين ” الفرقاء “, وما زاد الأمور تعقيدا بالنسبة له الانتقادات اللاذعة التي وجهت لها في الانتخابات البرلمانية الماضية بسبب سيطرة ” المال السياسي ” على إعداد قوائم الحزب, حينها تحرك الغاضبون وشرعوا في جمع التوقيعات من أجل الإطاحة به.
ويعتبر ولد عباس, الذي اعتلى عرش حزب الرئيس بوتفليقة عام 2016, من أبرز عرابي الولاية الرئيس الخامسة, ودخل في مرحلة متقدمة جدا من التحضير للولاية الرئاسية الخامسة, عمل على تجريد إنجازات بوتفليقة منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 1999, لإسكات المعارضة التي تتساءل دوما عن مصير 1000 مليار دولار.
من أبرز إنجازاته ” الجبهة الشعبية الصلبة ” التي تضم أبرز داعمي الولاية الخامسة أبرزهم الاتحاد العام للعمال الجزائريين والكارتل المالي, إضافة إلى ” التحالف الرئاسي ” الذي جمعه بأويحي وغول وبن يونس.
ورغم أن الطبيب والسياسي الجزائري, الذي منح منذ مجيئه للحكم حقائب وزارية عدة ووقع عليه الاختيار لقيادة جبهة التحرير الوطني ” الافلان “, جمال ولد عباس, برر استقالته لدواع صحية, فإنه لا أحد من المراقبين والمتتبعين لشؤون الحزب اقتنع بهذا المبرر, بل راحو يبحثون عن الدوافع والأسباب التي دفعت بهذا الرجل إلى الانسحاب رغم أنه يحسب على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, بدليل توجه مؤسسة الرئاسية الجزائرية نحوه عام 2016 لتهدئة الأوضاع داخل ” الافلان ” قبل الانتخابات النيابية.
وتجمع كل الأراء على جهات عليا بالدولة هي من قررت التخلي عن ولد عباس لأسباب تتعلق بترتيبات المرحلة القادمة, كما يرى الكثير أن أزمة البرلمان الجزائري التي انتهت بخلافة معاذ بوشارب لسعيد بوحجة رئيس الغرفة الأولى المعزول, وأيضا تصريحاته حول الخلافات القائمة بين رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحي ووزير العدل الطيب لوح لها علاقة برياح التغيير التي هبت خلال الساعات الماضية على جبهة التحرير الوطني الحاكم.
ويقول الناشط السياسي, سمير بلعربي في تصريحات لـ ” ” إن ” ما حدث يوم أمس من إنهاء مهام ولد عباس على رأس الأمانة العامة للحزب الحاكم, يؤكد أن الحزب مازال يسير من خارجه ولا علاقة للمناضلين أو اللجنة المركزية أو المكتب السياسي بما يحاك في حزبهم, نفس سيناريو سعداني الذي وقع منذ سنتين يعاد هذه المرة مع ولد عباس والسبب في الأبعاد أو الاستقالة كما يروج لها صحي “.
ويعتقد بلعربي, أن ” ما يحدث من أحداث وتسارعها وتداخلها خارج الأطر القانونية والدستورية انطلاقا من سحب الثقة من رئيس البرلمان و تعويضه وصولا إلى عزل ولد عباس وتعويضه بمعاذ بوشارب هي تراكمات لغياب رؤية واضحة لأعلى هرم السلطة في رئاسيات 2019, بين من يدعو لاستمرار حكم بوتفليقة لعهدة خامسة رغم وضعه الصحي وبين من يعمل لحل البرلمان وتأجيل للرئاسيات بما يعني تمديد حكم الرئيس, لذلك يبدو أن الجزائر مقبلة على مرحلة مفتوحة على كل الاحتمالات بعيدا عن اختيار الشعب “.
ومن جهته قال المحلل السياسي أرزقي فراد, في تصريحات لـ ” ” إن ” التعجيل برحيل الأمين العام للحزب الحاكم جمال ولد عباس ناجم عن موقفه المعتدل إزاء أحمد أويحي, وما يمكن قوله إن جبهة التحرير الوطني ليس حزبا سياسي بالمعنى العلمي, بل هو مجرد آلة انتخابية تأتمر بأوامر أهل الحل والعقد ” والدليل على ذلك أنه ” لم يكن أحدا يعلم داخل الحزب الحاكم انطلاقا من أعضاء المكتب السياسي وصولا إلى نواب الحزب بالبرلمان الذين كانوا منشغلين بمشروع قانون المالية لسنة 2018, بخبر الاستقالة, فلحظات بعد تداوله على القنوات المحلية والمواقع الإلكترونية ظهر عضو المكتب السياسي الأكبر سنا لينفي صحة الخبر.