– باريس – من أحمد كيلاني – تتجه الأنظار يوم غد الجمعة إلى قطاع غزة حيث ستشكل مسيرات العودة الأسبوعية اختباراً حقيقاً لإمكانية صمود قرار وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس مع حكومة بنيامين نتنياهو بجهود الوسيط المصري، في حين أدخلت استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الحكومة الإسرائيلية في أزمة كبيرة.
ويعول الوسيط المصري على استمرار وقف إطلاق النار الذي أبرم قبل يومين بهدف تهيئة الأجواء لاستكمال الجهود التي كان يبذلها من أجل إبرام هدنة طويلة الأمد تقود إلى تخفيف إجراءات الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة تدريجياً وصولاً إلى رفعه، مقابل وقف حركة حماس لمسيرات العودة الأسبوعية.
وشهد القطاع يوم أمس هدوءاً نسبياً، لكن جيش الاحتلال واصل اعتداءاته ضد الفلسطينيين الأمر الذي أسفر عن استشهاد صياد فلسطيني برصاص إسرائيلي شمال بلدة بيت لاهيا أثناء إلقائه شباكه في البحر في منطقة حدودية وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وثمة مخاوف كبيرة لدى العديد من المراقبين أن تتحول مسيرات العودة يوم غد الجمعة إلى اشتباكات عنيفة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قد يستغل الأمر بهدف استكمال عدوانه ضد الفلسطينيين في القطاع، واتخاذ تلك المسيرات ذريعة تنم عن عدم التزام الجانب الفلسطيني بقرار وقف إطلاق النار الذي أبرم برعاية مصرية.
الأمر الذي قد يفرض على حركة حماس مسؤولية عدم تحويل تلك المسيرات إلى مواجهات كبيرة تقود إلى مواجهات واسعة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على حدود القطاع.
في المقابل، يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غارقاً في الأزمة التي دخلت بها حكومته بعد استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان احتجاجاً على وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
فقد قوبل وقف إطلاق النار بمعارضة كبيرة داخل حكومة نتنياهو، إضافة للمستوطنين الذين يعيشون بالقرب من القطاع والذين واصلوا تظاهراتهم أمس الأربعاء مطالبين بمواصلة الغارات ضد حركة حماس وباستقالة نتنياهو ووزير التعليم نفتالي بينت.
وأدخلت استقالة ليبرمان الحكومة الإسرائيلية في أزمة كبيرة أجبرت نتنياهو إلى إجراء مشاورات سياسية مع أعضاء الائتلاف الحكومي بهدف تقييم الأوضاع المستجدة، إذ أسفرت استقالة ليبرمان عن خسارة ائتلاف نتنياهو البرلماني خمسة مقاعد في الكنيست، حيث انخفض عدد النواب المؤيدين لها إلى 61 نائياً من أصل 120، أي بغالبية صوت واحد.
ويرى بعض المراقبين أن حكومة نتنياهو تستطيع البقاء حتى نهاية ولايتها المحددة بأربع سنوات نظرياً، لكنها في الوقت نفسه غدت تحت رحمة مصالح أحزاب الائتلاف الحكومي.
ولم تمض ساعات قليلة، حتى سارعت رئيسة كتلة حزب “البيت اليهودي”، شولي معلم، إلى المطالبة بأن يتولى رئيس الحزب نفتالي بينت “الذي يشغل حالياً منصب وزير التعليم” حقيبة الدفاع، مهددة بان الكتلة لن تبقى شريكاً في الائتلاف الحكومي ما لم يتولى بينت حقيبة الدفاع.
لكن تهديد رئيسة كتلة “البيت اليهودي” بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، لم يلق على ما يبدو حتى الآن آذاناً صاغية لدى نتنياهو، إذ ترجح الأوساط الإسرائيلية رفض نتنياهو اسناد حقيبة الدفاع إلى بينت الذي يعتبر واحداً من منافسيه الرئيسيين في صفوف اليمين.
وقال مسؤول في حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو انه “يمكن للحكومة ان تكمل فترتها الزمنية، وعلى المدى القصير سيتولى رئيس الوزراء حقيبة الدفاع مؤقتاً”.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية عن مصدر مقرب من نتنياهو ان الهدف الأولي الآن هو ضمان استقرار الائتلاف الحكومي لتمكينه من المضي قدماً في عمله، وأضاف المصدر “أن رئيس الوزراء يجري محادثات مع رؤساء أحزاب الائتلاف بهدف الامتناع عن تبكير الانتخابات”.
وبينما كانت أوساط نتنياهو تؤكد أهمية استمرار الائتلاف الحكومي في عمله، كانت بعض التسريبات تتحدث عن أن نتنياهو قد يختار إجراء انتخابات مبكرة خصوصاً بعد أن أوصت الشرطة بتوجيه اتهامات له في قضيتي فساد، حيث من المتوقع أن يقرر النائب العام ما إذا كان سيوجه له التهم في الأشهر المقبل.