_ القاهرة _من شوقي عصام _ يصل خلال الساعات المقبلة إلى العاصمة المصرية القاهرة، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي ترحب به القيادة المصرية وعدد من الأوساط الرسمية والسياسية، في إطار التحالف الرابط بين القاهرة والرياض، والذي يحمل أيضاً أبو ظبي، والمنامة، وهي زيارة تنضم إلى جدول الأوقات العصيبة بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، والممتدة من العصر الملكي حتى الآن، والتي شهدت بعض سحابات الصيف، ولكنها تعود سريعاً.
“الأوقات العصيبة”، هي الأزمات التي يتعرض لها أحد البلدين، ودائماً ما يكون الدعم متبادلاً بين القاهرة والرياض، كل منهما مع الآخر في أزماته، الدعم ليس بالزيارات فقط، ولكن بالدعم السياسي والدبلوماسي والاستراتيجي، الذي كثيراً ما يخرج من دائرة الإقليم، وفي زيارة “بن سلمان” الحالية إلى القاهرة، يأتي الترحيب كنوع من الدعم للأسرة الحاكمة في المملكة وولي العهد.
“بن سلمان”، يقوم حالياً بأول خروج من المملكة منذ أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في تركيا، والمتهم فيها عدد من المسؤولين والموظفين السعوديين، وسط تقارير غربية تمثل ضغوطاً على العائلة الحاكمة باتهام ولي العهد، بإصدار الأوامر بتنفيذ التصفية لـ”خاشقجي”، وهو الأمر الذي تراه القاهرة “مؤامرة” ضد الرياض ونظام الحكم في المملكة، لتكون على خط الدعم مع الرياض، منذ اليوم الأول للأزمة، وتحسن الاستقبال والترحيب بـ”بن سلمان”، كرسالة من القاهرة إلى المجتمع الدولي بدعم المملكة وولي عهدها.
حملت العقود السابقة أوقات دعم متبادل بين البلدين في أزماتهم، ودائماً ما تكون المساندة بصدق، في ظل اقتناع القيادتين منذ أكثر من نصف قرن، أن كلاً منهما يجب أن يظل صامداً وألا يتعرض أحد منهما للانهيار، وسط اقتناع من القاهرة والرياض، أن السعودية ومصر هما رمانة ميزان المنطقة وجناحا العالم العربي، وذلك على الرغم من أن كثيراً ما يكون هناك صراع بين البلدين على الزعامة الإقليمية، ولكن في وقت الأزمات يكون الغطاء من أحدهما للآخر، ونقدم هنا حالات من الدعم المتبادل في أوقات الأزمات
حرب أكتوبر ومساندة الملك فيصل
على الرغم من أن الملك فيصل بن عبد العزيز، كان صاحب نواة الصدام المصري- السعودي ، هو والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في بداية الستينيات على زعامة المنطقة العربية، إلا أن الوضع تغير بعد تعرض مصر لنكسة 1967، وأصبح هناك دعم سعودي، ظل يكبر ويتعاظم، إلى أن جاءت حرب أكتوبر ، فكانت مبادرته بقطع البترول عن الغرب لدعم الجيش المصري بالنفط، ثم التوجه إلى الجبهة مع الرئيس المصري الراحل، أنور السادات في حرب أكتوبر، كرسالة دعم وتأييد في المعركة.
حرب الخليج ودعم مبارك
الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، توجه في حرب الخليج، عند اجتياح العراق للكويت إلى المملكة في عدة زيارات قد تصل إلى 5 مرات في بضعة أشهر، كنوع من الدعم السياسي للمملكة، وقت حكم الملك فهد بن عبد العزيز، فضلاً عن توجيه جزء من قواته التي دخلت حرب الخليج، إلى شمال المملكة لمنع أي تهديد عراقي.
شراسة الملك عبد الله في منع سقوط مصر في 2013
لم يشهد التاريخ المصري- السعودي، دعماً من المملكة إلى مصر، مثلما حدث في الجمعة 16 أغسطس 2013، بعد فض اعتصام رابعة لجماعة الإخوان المسلمين بيومين، حيث كان التحرك من جانب بعض التيارات السلفية، للنزول لدعم الإخوان في الشارع، في الوقت الذي كانت قوات الشرطة المصرية فيه منهكة من المواجهة مع الجماعة لأكثر من يومين، في حين كان الجيش يؤمن الحدود، ويواجه التنظيمات الإرهابية في سيناء، وكان النزول السلفي لدعم الإخوان، بمثابة ضربة للدولة المصرية، فخرج الملك عبد الله بن عبد العزيز، معلناً دعم الدولة المصرية بكل ما تمتلكه الرياض وبكل قدرتها، مما كان بمثابة رسالة أعادت السلفيين إلى أماكنهم من جهة، ومن جهة أخرى، رسالة دعم دولي، في الوقت الذي كانت تتجه فيه أوروبا وأمريكا لفرض عقوبات على مصر، وتحركت أدوات المملكة الدبلوماسية والمالية بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم الدولة المصرية، في جولات مكوكية شهيرة لوزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، ومعه وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد.