أوروباالسلايدر الرئيسي

ماكرون يسعى لتهدئة احتجاجات “السترات الصفراء”

أحمد كيلاني

– باريس – أحمد كيلاني – يسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لتهدئة الاحتجاجات التي تقوم بها ما بات يعرف بحركة “السترات الصفراء”. ومن المقرر أن يلقي ماكرون خطاباً يوم غد الثلاثاء يعلن فيه عن سلسلة من التدابير الهادفة لامتصاص الغضب في الشارع الفرنسي قبيل مغادرته إلى الأرجنتين بعد غد الأربعاء لحضور قمة مجموعة العشرين.

وأفادت وسائل إعلام فرنسية أن ماكرون سيعلن خلال الخطاب المرتقب تشكيل فريق عمل لتقييم الوضع الراهن نتيجة احتجاجات “السترات الصفراء”، والأحداث العنيفة التي شهدتها منطقة الشانزليزيه يوم السبت، إلا أن صحيفة “جورنال دو ديمانش” أشارت إلى أن ماكرون يعتزم الإبقاء على الزيادات المخطط لها في الضرائب على البنزين والديزل.

وقالت الصحيفة نقلاً عن مصدر حكومي لم تذكر اسمه، إن الفريق الذي سيتم إعلان تشكيلته غداً الثلاثاء، سيجري مشاورات مع النقابات والمزارعين وغير ذلك من الأطراف التي شكت من استثنائها من مشاورات صياغة سياسة الطاقة.

وذكرت الصحيفة أن الفريق سيضم لورانس توبيانا ممثلة فرنسا في محادثات باريس للتغير المناخي، وباسكال كانفين رئيس الفرع الفرنسي للصندوق العالمي للحياة البرية.

وكانت حركة احتجاجات “السترات الصفراء” قد توجت تحركاتها يوم السبت بسلسلة من التظاهرات في منطقة الشانزليزيه، وحاول المتظاهرون الوصول إلى قصر الاليزيه لكن قوات الأمن الفرنسية أغلقت جميع المنافذ المؤدية إليه، وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف استخدمت خلالها القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى القصر الرئاسي، واعتقلت 101 شخصاً بتهم التسبب في أعمال العنف.

وعلى مدى الأسابيع الماضية، تزايدت الضغوط على الرئيس ماكرون جراء التدهور الكبير والمتسارع في شعبيته نتيجة السياسات الاقتصادية للحكومة، وجاءت حركة “السترات الصفراء” لتزيد من تلك الضغوط، وتدخل البلاد في أزمة جديدة لا يعرف أحد حتى الآن إلى أين ستمضي.

وأفاد آخر استطلاع للرأي نشرته صحيفة “لاتريبون” قبل يومين أن 73 في المئة من الفرنسيين لديهم رأي سلبي في ماكرون، بينما عبر 72 في المئة عن تأييدهم لمطالب حركة “السترات الصفراء”.

ووفقاً للاستطلاع الذي أجرته “لاتريبون” بالتعاون BVA-Orange-RTL فقد بلغت نسبة الذين عبروا عن رأي إيجابي برئيس الدولة 26 في المئة في شهر نوفمبر، وهي نسبة تشكل أقل بثلاث نقاط عن نسبة الشهر الماضي.

وتراوحت المواقف الرسمية بشأن حركة “السترات الصفراء” خلال الأيام الماضية بين اتهامها بالتطرف حيناً، والدعوة إلى الحوار مع ناشطي الحركة حيناً آخر، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول التخبط الذي أصاب الحكومة الفرنسية بشأن الاحتجاجات، والطريقة المثلى للتعامل مع تظاهرات الحركة.

لكن تلك التساؤلات لم تقتصر فقط على موقف الحكومة الفرنسية، بل امتدت لتشمل أيضاً حركة “السترات الصفراء” وطريقة عملها، حيث عبر أكثر من نصف المستطلعين حسب صحيفة “لاتريبون” عن عدم موافقتهم على طريقة عمل “السترات الصفراء”، بينما عبر 46 في المئة عن موافقتهم، ولفتت “لاتريبون” إلى أن المطالب التي تم التعبير عنها خلال الاحتجاجات تتوافق مع مخاوف الفرنسيين.

وتتساءل الأوساط الشعبية والرسمية الفرنسية عن مستقبل حركة “السترات الصفراء” خلال الفترة المقبلة، ومدى قدرتها على تعبئة المجتمع الفرنسي ومواصلة الاحتجاجات في أنحاء مختلفة من فرنسا، بينما تحاول الحكومة الفرنسية امتصاص الغضب الذي فجرته تظاهرات الحركة، من خلال الإعلان المنتظر للرئيس ماكرون عن تشكيل فريق عمل لمتابعة الوضع الراهن، وتعول الحكومة الفرنسية على الزمن وإصابة ناشطي الحركة بالتعب والإرهاق وفقدان القدرة على تعبئة المواطنين من أجل المشاركة في التظاهرات في مختلف المدن.

وقالت صحيفة “لوفيغارو” إن الرئيس ماكرون اعترف أمس الأحد خلال مشاركته في قمة بروكسل بضرورة “مواجهة تحدي بناء نموذج جديد للتنمية الاقتصادية الشاملة”، مشيراً إلى أنه “لا يوجد مشروع اجتماعي ولا مشروع سياسي على المستوى الوطني والأوروبي إذا لم نقدم إجابات واضحة للطبقة المتوسطة والعاملة”.

وتترقب حركة “السترات الصفراء” خطاب ماكرون غداً بهدف معرفة استراتيجية الرئيس الجديدة بشأن التعامل مع احتجاجات الحركة ومدى تجاوب الرئيس مع مطالبها. وبناء على ما سيقوله ماكرون في خطابه، ستقرر الحركة أنشطتها المقبلة وما إذا كانت ستعلن عن تعبئة جديدة ليوم السبت المقبل في باريس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق