ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ استمراراً لسياسة التهجير التي يتبعها الاحتلال ضد سكان القدس، تقوم السلطات الإسرائيلية بإغلاق أبواب المسجد الأقصى بعد صلاة العشاء مباشرة، الأمر الذي يجعل ألاف المقدسيين الذين لا يوجد مدخلاً ولامخرجاً لمنازلهم، سوى الساحات الداخلية للمسجد الأقصى أن يلزموا منازلهم ولا يخرجوا منها بعد العشاء حتى صباح اليوم التالي.
ويتعرض السكان المجاورون للمسجد الأقصى إلى تفتيش بطريقة غير أخلاقية من قبل جنود الاحتلال عند بوابة الأقصى، كما يتحكمون بموعد دخولهم وخروجهم من منازلهم، وعدم السماح لهم بالتأخير، فيما يتعرض كل من يخل بقوانين الاحتلال المجحفة، لقضاء ليلته على الطرقات، إلى جانب فرض شرطة الاحتلال قوانين تعسفية تصل إلى حد التحكم بالأمور الشخصية للسكان.
ويقول الحاج أحمد أبو راضي (72 عاماً)، “إن الاحتلال يتحكم بكل تفاصيل حياتنا، فيغلق أبواب المسجد الأقصى بعد صلاة العشاء مباشرة كونها المدخل الوحيد لمنازلنا، ويلزمنا بيوتنا حتى طليعة اليوم التالي، وأيضا تتحكم الشرطة بموعد مكوثنا بالمسجد فبعد انتهاء الصلاة لا يسمحوا لنا أن نجلس بداخله”.
ويضيف “ما يزيد من كاهل معانتنا وفرض التهجير غير المباشر عندما نريد أن نذهب للطبيب في حالة الطوارئ لا يسمحوا لنا بالذهاب، إلا بعد إرسال أحد عناصرهم إلى المنزل للتأكد إن كان من وجود حالة مرضية، وذلك حتى يفتحوا أبواب الأقصى لخروج الحالة؟”.
ويمضي الحاج قائلا:” إن هذه سياسة إسرائيلية يتبعها لتهجيرنا وإخراجنا من منازلنا ولكن نقول لهم لو منعتوتنا الخروج من المنازل، وفرضتم الحظر التجول، وقطعتم عنا الماء والكهرباء فلن نستسلم ولن نركع وسنظل باقون ببقاء شجر الزيتون”.
أما الحاجة أم سليمان (60 عاما)، فتواجه صعوبة عندما تريد استبدال إسطونات غاز الطهي،حيث تمنعها عناصر الشرطة بالذهاب لوحدها، وترسل أحد عناصرها ليشرف على عملية إخراج الإسطوانة.
وتقول “إن الاحتلال يفرض علينا قوانيين لا وجود لها، فعندما نريد تحديد موعد فرح أحد من أبناء المدينة، فإنه يمعنا بتحديد الموعد بل يقوم هو بتحديد موعد الفرح ويفرض علينا عدد ساعات الفرح التي لا تتجاوز ساعتين”.
وتؤكد أم سليمان أن الاحتلال يستهدف المرابطين بالمسجد الأقصى، حيث يضغط عليهم عن طريق زيادة عدد الاعتقالات اليومية لهم، ومنعهم من الدخول، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال تسعى من خلال الكنيست، لتوفير الأمن لاقتحامات المستوطنين للأقصى بمرافقة وزراء ونواب يشرفون مباشرة على الاعتداء ضد المصلين وتأمين اقتحامات المستوطنين .
حسام أبو نصير صاحب أحد المنازل المجاورة للمسجد الأقصى يقول :”سلطات الاحتلال تتمادى في انتهاك خصوصية السكان تثبيت شريط يحتوي على مجسات إلكترونية على أسطح المنازل لمراقبة حركة المواطنين في المسجد الأقصى وحوله، مما يقيد حركة السكان بشكل كبير مشيرا أن السكان قدموا شكوى إلى الأوقاف من أجل إزالة الكاميرات والمجسات الإلكترونية، ولكن سلطات الاحتلال لا تستجيب لمثل هذه الشكاوي لأنها تعتبر نفسها صحابة القرار في مدينة القدس والمسجد الأقصى”.
ويوضح أبو نصير سبب تمسك سكان المدينة المقدسة بمنازلهم وعدم التفريط بها لأنها في موقع مميز بجوار الأقصى، وذلك ما يميز هذه المنازل بأجواء روحانية تخلق الاستقرار النفسي للسكان، مشيراً إلا أن هذه الأسباب تجعل السكان متمسكين بمنازلهم وعدم التفريط حتى لو كلفهم ذلك أرواحهم .
وفضلاً عن التحكم بأوقات الدخول والخروج إلى المنازل فإن سلطات الاحتلال تفرض إجراءات تعسفية أخرى فعائلة الفالح لاقت الأمرين عندما ترميم المنزل نظراً لقدمه وتهالكه، فالاحتلال منعهم من القيام بذلك، إلا بعد إحضار إذن رسمي من بلدية القدس التي قد يستغرق إحضارها عدة أشهر وربما سنوات.
ويقول صاحب المنزل أبو أحمد الفالح “المنزل متهالك لأنه قديم جداً وأردنا أن نقوم بعملية الترميم حتى لا ينهار على رؤوسنا، ولكن سلطات الاحتلال منعتنا من القيام، بذلك حتى الحصول على ترخيص من بلدية القدس، والتي تماطل بإعطائنا الترخيص حتى ترسل لجنة لتفقد المنزل، إذا كان يريد ترميم أم لا وهذا بدوره يستغرق عدة أشهر، وبذلك قد ينهار المنزل قبل حضورهم.
بدوره أعرب أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى عن استيائه الشديد من ممارسات الاحتلال بحق السكان المجاورين للمسجد الأقصى والتحكم بحياتهم وأمورهم الشخصية وفرض عقوبات لمن يخالف قراراتهم .
وأكد عيسى إلى أن مدينة القدس محتلة وفقا لقواعد القانون الدولي، وأن هذه الأعمال التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي غير قانونية، وتهدف إلى جعل مدينة القدس مدينة موحدة لدولة “إسرائيل” فقط، بينما تواصل استهداف سكان المدينة من مسلمين ومسيحيين وأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية.
وطالب أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات جميع الدول إلى تقديم المساندة الحقيقية لسكان مدينة القدس والمسجد الأقصى، والدفاع عنهم كونهم يعانون معاناة شديدة إثر إجراءات الاحتلال، وقوانينه التي تهدف السكان من المدينة.