السلايدر الرئيسيشرق أوسط
قاطني الكرفانات بغزة: قلوبهم تؤمن باللاعودة وسط الوعود الباهتة
محمد عبد الرحمن
ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ للعام الرابع على التوالي، يستقبل المواطن هيثم زعرب “47 عاماً” هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد، فصل الشتاء داخل كرفان أقامه على أنقاض منزله الذي دمره الاحتلال خلال عدوان عام 2014.
صعب جدا
ويشتكي المواطن من سوء الأوضاع التي يعيشها هو وجيرانه الذين يسكنون الكرفانات, نتيجة البرد الشديد وسوء الخدمات وضيق المساحة، وتساقط مياه الأمطار عليهم وهم نائمون.
مازال ينتظر المواطن زعرب إعادة بناء منزله المدمر، ليأمن مسكنه مع أفراد عائلته المكونة من سبعة أفراد.
انتظار العودة
وقال مستجمعا نفسه بقوة :”أرتقب أنا وعائلتي عبثا ظهور أفق لإعادة بناء منزلنا الذي دمر كلياً، فلا يوجد لدينا سوى الغضب بعد أن نفذ صبرنا في تحمل انتظار العودة لمنزلنا مجدداً، ووجدنا كل ما تلقيناه من عودة مجرد أوهام”.
وحمل المواطن مصلح حكومة الوفاق الوطني والسلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن تأخر تنفيذ مشاريع الإعمار، مؤكداً أن الخلافات السياسية بين حركتي “فتح وحماس” إضافة للجانب الإسرائيلي, هما العقبة الأولى أمام الإعمار وتعويض متضرري الحرب وأن التصريحات التي صدرت عن المسئولين في الحكومة أدخلت أمل بسيط بإمكانية التعويض والبدء ببناء منزله المدمر.
وتسبب العدوان الذي شنته قوات الاحتلال في مثل هذه الأيام خلال حرب صيف عام 2014 ، استشهاد 2165 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، بحسب مصادر طبية فلسطينية، فضلاً عن تدمير 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
ويذكر أن هيئة الأعمال الخيرية في غزة قامت بتوزيع 100 منزل متنقل للمدمرة بيوتهم بخانيونس بعدة عدة أشهر من انتعاء العدوان، فيما وضعت وزارة الأشغال حجر الأساس لألف كرفان في حي الشجاعية وبيت حانون، بالإضافة إلى المنحة العمانية التي شملت 3000 ‘كرفان’ المقدمة من سلطنة عمان إلى قطاع غزة عبر وزارة الأشغال العامة والإسكان عام 2015.
وفي الحي الشرقي من القطاع “الشجاعية” يسكن المواطن سعيد الحداد في كرافان حديدي بعد هدم منزله بشكل كامل اذ يقول” منذ انتهاء الحرب وحتى هذه اللحظة وانا أتلقى فقط وعود ببناء منزلي، فلم أحصل سوى على “3000 دولار” من وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” إعمار غزة ،وتلقينا وعودات بأن يتم صرف مواد بناء لإعادة بناء المنزل ولكن حتى الآن لم نحصل على شيء ما وعدنا به .
وعودات لم تصدق
وبتنهيدة حزينة تساءل :”إلى متى سنبقى نتلقى وعودات كاذبة، ففي كل مرة نسأل عن موعد إعادة الإعمار، يكون الرد “عندما يسمح الاحتلال بإدخال مواد البناء”، فمضى عامين بأكملهم على انتهاء الحرب ونحن لا نسمع سوي “هذه العبارات “حتى مللنا منها.
ويتابع :”أسرتي تتكون من ثمانية أفراد نعيش في كرافان صغير لا يتجاوز الخمسين متراً ونعاني من حر الصيف وبرد الشتاء إضافة الى تساقط الأمطار، و لم أتمكن من استئجار بيت بسبب ضيق الحال وعدم تعهد أي جهة بدفع الإيجار”.
ذكريات
ويضيف متحسراً،” إن قلوبنا تعتصر ألما لمشاهد الدمار التي نشاهدها، فهذه منازل الآباء والأجداد التي ورثناها عنهم، وقضينا فيها العديد من الذكريات، ولكنها اليوم أصبحت جزءا من الماضي، ولم نعد نملك منها أي شيء سوى “الأنقاض المتناثرة” مطالباً المسئولين في حكومة الوفاق والجهات المسئولة بإعادة إعمار منزله ومنازل المواطنين لإنهاء معاناتهم.
في حين يعاني أصحاب المنازل المدمرة الذين يسكنون في بيوت بالإيجار، من عدم التزام وكالة الأونروا من دفع بدل الإيجار، فقد أعلنوا أنهم قرروا العودة للسكن في مدارس وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، اعتباراً من الأسبوع المقبل.
وأكد أصحاب المنازل المدمرة اليوم السبت أنهم سيعودون هم وأطفالهم للمدارس بسبب عدم دفع “الأونروا” بدل الإيجار منذ عدة شهور وإعلانها أنها قررت ذلك بشكل نهائي.
يذكر أن نحو 1612 أسرة ممن هدمت منازلهم في العام 2014 لا يزالون دون مأوى ولم يُعد بناء منازلهم من جديد وكانوا يقطنون في منازل مستأجرة طيلة الأعوام الأربعة الماضية، في حين كانت تقوم “الأونروا” بتسديد بدل الإيجار إلا أنها توقفت عن ذلك منذ عدة شهور ما فاقم معاناتهم وأوضاعهم الصعبة.
ووصف أصحاب المنازل المدمرة أوضاعهم بالكارثة فهم لا يستطيعون دفع الإيجار واضطر غالبيتهم إلى ترك المنازل المستأجرة بعد قرار “الأونروا” التوقف نهائياً عن الدفع، محملين الوكالة الدولية المسؤولية الكاملة عن هذا القرار وتبعاته.
وناشد المتضررين، القوى الوطنية والإسلامية ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية من أجل العمل على حل المشكلة وتفادي الكارثة، لاسيما وأن الطلبة في مدارس “الأونروا” على أبواب الامتحانات النهائية.
قطاع غزة يحتضر
واعتبر المحلل الاقتصادي من غزة ماهر الطباع، أن قطاع غزة “يحتضر” بعد أربعة أعوام من بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير “في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية كارثية تمر على سكانه لم يسبق لها مثيل منذ عقود”.
وقال: الطباع إن قطاع غزة “ما يزال محاصرا والأوضاع الاقتصادية فيه تزداد سوء، فيما كافة المؤشرات الاقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية والمحلية تحذر من الانهيار القادم للقطاع”.
قيود صارمة
وأشار: إلى أن معظم ما تسمح إسرائيل بإدخاله إلى قطاع غزة هو من السلع الاستهلاكية والإغاثية، فيما تواصل فرض قيود صارمة على العديد من السلع الأولية من المواد الخام اللازمة للقطاع الصناعي.
وما زالت قضية اعمار غزة في حالة سكون مخيفة، أرهقت أصحابها الانتظار في ظل اشتداد الحصار على القطاع، لا تزال آلاف العائلات الغزيّة تنتظر أن تنتهي معاناتهم ويعودوا لرياض منازلهم.