السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
بن سلمان “الضيف المثير للجدل” يصل إلى الجزائر وسط حراسة أمنية مشددة
نهال دويب
الجزائر ـ ـ من نهال دويب ـ جدل كبير وغضب عارم تفجر في الشارع الجزائري ضد دخول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أرض الوطن, هو أبرز ما ميز الساعات الأخيرة في الجزائر, بالنظر إلى توقيت هذه الزيارة التي تزامنت مع اتهامات واسعة النطاق وجهت لولي العهد بارتكاب جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
زيارة ولي العهد السعودي, إلى البلاد, أسالت الكثير من الحبر على الورق, كانت مميزة عن الزيارات السابقة لكبار المسؤولين في العالم, حظيت بمتابعة كبيرة منذ تاريخ الإعلان عنها من طرف الديوان الملكي السعودي من طرف الرأي العام المحلي, الكل في الشارع كانت يترقب وصول طائرة بن سلمان إلى الجزائر, في زيارة لم تشهد الإعدادات والتحضيرات التي سبقتها أي مظاهر احتفاء بضيف ” مثير للجدل ” و ” بدا ثقيلا ” على المعارضة السياسية بالنظر إلى بيانات التنديد التي سبقت الزيارة رغم الترحيب الرسمي الذي حظي به أيام قبل حلوله بالجزائر من طرف كبار المسؤولين في الدولة الجزائرية وأيضا من طرف معسكر الموالاة.
وصل تحت حراسة أمنية مشددة
في حدود الساعة التاسعة ليلا من مساء الأحد, ووسط ظالم حالك, حطت طائرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمطار الجزائر الدولي هواري بومدين, أين كان في استقباله الوزير الأول الجزائري أحمد أويحي رفقة كبار المسؤولية في الدولة الجزائرية, في زيارة ستدوم قرابة 24 ساعة, حينها تناقلت كل القنوات المحلية والأجنبية خبر وصوله في شريط الأخبار, فكل الأنظار وجهت نحو الجزائر ترقبا لما ستسفر عنه هذه الزيارة.
مشهد الوصول إلى الجزائر سبقته احتجاج نظمه عدد من النشاطين, في ساحة أول مايو / أيار وسط الجزائر العاصمة, تعبيرا منهم عن رفضهم لهذه الزيارة, حمل المحتجون صورا ولافتات غاضبة من استقبال بن سلمان, لكن مصالح الأمن الجزائري سارعت إلى تطويق الوقفة الاحتجاجية.
أرفق ومنذ أن وطأة أقدامه الجزائر, بحراسة أمنية مشددة, كان مصحوبا بوفد كبير من الديوان الملكي السعودي يضم العشرات من المستشارين والمرافقين له ووفد عالي المستوى يضم أعضاء في الحكومة ورجال أعمال وشخصيات سعودية بارزة.
ومباشرة بعد وصوله أجرى بن سلمان, مباحثات مع رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي, ومن المرتقب أن يلتقي اليوم الاثنين وقبل مغادرته البلاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت السبت أن “الزيارة ستسمح بإعطاء دفع جديد للتعاون الثنائي وتجسيد مشاريع الشراكة والاستثمار وفتح آفاق جديدة لرجال الأعمال من أجل رفع حجم التبادل التجاري وتوسيع الشراكة الاقتصادية بين البلدين”.
حراك شعبي ضخم رافض للزيارة
وبينما كان يفرش البساط الأحمر لولي العهد السعودي والوفد المرافق له, قاد الكثيرون بينهم مجاهدون (قدماء حرب التحرير الجزائرية) وأحزاب سياسية معارضة ومنظمات مدنية وإعلامية ودكاترة وشخصيات وطنية وثقافية بارزة, حراك شعبي ضخم رافض لهذه الزيارة.
وأصدر عدد من المثقفين والكتاب والصحافين, بيانا ظل مفتوحا لمزيد من التوقيعات, أعلنوا فيه رفضهم لزيارة بن سلمان, لمسؤوليته في مقتل ” الصحافي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، محملين الحكومة الجزائرية مسؤولية تشجيع ما وصفوها بـ”السياسات الرجعية” للرياض.
وأكد المثقفون الجزائريون في بيانهم، أنه “بصفتنا مواطني ومثقفي بلد كان دوماً في مقدمة النضال ضد الظلم والظلامية، نرفع صوتنا عالياً، وبكل قوة، لنقول لا لهذه الزيارة غير المواتية وغير المبررة، سواء من الجانب السياسي أو حتى من الجانب الأخلاقي”.
ووصف البيان مقتل خاشقجي بـ”الجريمة الفظيعة التي لن نجد لها مثيلاً في تاريخ البشرية المتحضرة، وبربرية وقاسية فوق الخيال على يد أتباع ولي العهد، ما يظهر وجهه الحقيقي الكاتم لأي إحساس إنساني، الذي يزيد به إرسال فرق الموت إلى اليمن من أجل قنبلة السكان العُزّل. وهو مثال آخر يؤشر على السيرة القاسية غير الإنسانية. سيرة لا يمكن لغير الرئيس الأميركي ترامب تحيته عليها كأمير مصلح”.
ووقع البيان عدد من أبرز الكتاب والمثقفين في الجزائر, بينهم الروائي رشيد بوجدرة والكاتب كمال داود، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق قسوم والكاتب الصحافي واحميدة عياشي، والباحث في علم الاجتماع ناصر جابي، والناشطة الحقوقية جابرية نايلي حميد زناز مفكر، والمؤرخ أحمد رواجعية، والباحث عمار قصاب، والكاتب الصحافي مصطفى بلفوضيل، والناقد مخلوف عامر، والكاتبان محمد ساري ومحمد زتيلي، والمنتج التلفزيوني عبد القادر جريو، والمخرج السينمائي الزاوي محمد.
هل تحولت الجزائر إلى “جمهورية الرز”
وأصدر زعيم ” إخوان الجزائر “, عبد الرزاق مقري, اليوم الاثنين, بيانا شديد اللهجة, ندد فيه باستقبال المسؤولين, لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، متسائلا هل تحلت الجزائر لبى “جمهورية الرز” و”مسافة السكة”، أم أنها طبقت أوامر ترامب.
وقال مقري: “حكامنا! دمروا اقتصاد البلد ثم لما أغرقهم بن سلمان في أزمتهم المالية بخفض أسعار النفط استجابة لأوامر ترامب فقدوا “النخوة” و”الرجولة الجزائرية ” فقبلوا أن يعوضهم قاتل الأطفال في اليمن بدولاراته الحرام التي يأخذها بالسطو على خيرات الجزيرة العربية بعد سجن الأحرار وقتلهم من مواطنيه”. ثم تسائل قائلا “هل تحولت الجزائر إلى ” جمهورية الرز” و” مسافة السكة” أم أنها صارت تأتمر هي الأخرى بأوامر ترامب.
جولة بن سلمان موجهة لكسر الحضر
وعن هذه الزيارة يقول الأستاذ بجامعة الجزائر, يحي جعفري, في تصريح لـ ” ” إن الزيارة موجهة لكسر الحضر الذي ينفذه الإعلام العالمي بحق بن سلمان “, وقال إنها ” ستكون محاولة منه لملئ متطلبات الإعلام الداخلي السعودي بمادة إعلامية لتحركات الرجل تظهره انه ما يزال رقم مهم، له قيمة في الخارج ومخافة في الداخل بما يرمم الصورة المهشمة لولي العهد ولا يضر بالعهد محليا ودوليا ثم الادعاء بأن ولي العهد ليس وحده وإنما وراءه شعوب ودول ونخب “.
ويعتقد يحي جعفري أن ” الإضرار به يمكن أن يضر بمصالح أوروبا في العالم العربي والإسلامي وليس السعودية فحسب “.
الزيارة تصب في خانة ولي العهد
ومن جهته يقول القيادي في حركة النهضة الجزائرية, ونائب سابق في البرلمان, يوسف خبابة, في تصريح لـ ” ” إن هذه الزيارة تأتي في ظروف استثنائية يمر بها النظام السعودي خاصة ولي العهد “, ويرى المتحدث أن هذه الزيارة تصب في خانة وخدمة ولي العهد السعودي ولا تخدم الجزائر بالنظر للاتهامات التي يواجهها من المجتمع الدولي, ويؤكد يوسف خبابة أن ولي العهد السعودي يحاول تلميع وتسويق شخصه في محاولة للخروج من قفص الاتهام.