شمال أفريقيا
الصحراء الغربية يسيطر عليها المغرب جزئيا وتطالب بها البوليساريو
ـ جينيف ـ يسيطر المغرب على معظم أراضي الصحراء الغربية، المستعمرة الاسبانية سابقا التي تطالب بها جبهة البوليساريو الانفصالية. وتعتبر المنطقة الوحيدة في إفريقيا التي لم يحسم بعد مصيرها خلال الفترة ما بعد الاستعمارية.
ويعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني ويسيطر على 80 بالمئة من أراضيها وواجهتها المطلة على المحيط الأطلسي والتي يبلغ طولها 1000 كلم، مقترحا منحها حكما ذاتيا تحت سيادته. ومن جهتها تطالب جبهة البوليساريو بإجراء استفتاء تقرير المصير الذي تطرحه الأمم المتحدة لحل هذا النزاع، وقد وأعلنت الجبهة سنة 1976 “الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية” من جانب واحد.
وأجريت آخر جولة مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في آذار/مارس 2012 دون أن تؤدي إلى أي تقدم في ظل تشبث طرفي النزاع بمواقفهما، واستمرار الاختلافات حول وضع المنطقة وتركيبة الهيئة الناخبة التي يفترض أن تشارك في الاستفتاء.
صحراء على ساحل الأطلسي
تمتد الصحراء الغربية على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع على ساحل المحيط الأطلسي بين المغرب وموريتانيا والجزائر، ويخترقها “جدار دفاعي”، كما تسميه السلطات المغربية، من الشمال نحو الجنوب على طول 2700 كيلومتر. ويقطن المنطقة، الغنية بثروة فوسفاطية، أكثر من نصف مليون شخص، بينما تعد سواحلها غنية بالسمك.
وتعد العيون والداخلة والسمارة أهم مدن المنطقة، وتقع جميعها في المنطقة التي يخضعها المغرب لإدارته.
ويؤكد المغرب أنه عمل على إنماء المنطقة من خلال استثمارات هامة. لكن جبهة البوليساريو التي يتولى أمانتها العامة حاليا إبراهيم غالي، تعتبر أن السكان الصحراويين لا يستفيدون من ثمار هذا الإنماء وتصف استغلال الثروات الطبيعية للمنطقة من طرف المغرب بـ”النهب”.
وتقدر مصادر عدد اللاجئين المقيمين في مخيمات قرب مدينة تندوف بالجزائر بما بين 100 ألف إلى 200 ألف شخص، في ظل غياب إحصاء رسمي. وتقع تندوف جنوب غرب الجزائر العاصمة على بعد 1800 كيلومتر وهي قريبة من الحدود مع المغرب.
وقال التقرير الأخير للأمم المتحدة حول هذه القضية صدر في تشرين الأول/أكتوبر إن مشاعر “الإحباط والغضب إزاء جمود المسار السياسي” السائدين وسط سكان المخيمات “تزايدت بفعل استمرار صعوبات، مثل ارتفاع حالات سوء التغذية” المرتبطة بنقص متواصل في حجم المساعدات الإنسانية.
“جدران”
أقرت محكمة العدل الدولية في لاهاي وجود روابط بين الصحراء الغربية أثناء خضوعها للاستعمار والمغرب وموريتانيا، لكن المحكمة اعتبرت هذه الروابط غير وثيقة لتقضي في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1975 بمنح سكان المنطقة حق تقرير مصيرها.
في 6 تشرين الثاني/نوفمبر من نفسه السنة، لبى 350 ألف مغربي نداء الملك الراحل الحسن الثاني للتوجه في “مسيرة خضراء” تخترق حدود هذه المنطقة لتأكيد “انتمائها” للمملكة.
وفي السنة التالية في 1976، أعلنت جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر وكوبا وجنوب إفريقيا قيام “الجمهورية العربية الصحراوية”.
وفي 1979 سيطر المغرب على الغالبية العظمى لأراضي الصحراء الغربية بعد انسحاب موريتانيا من الجزء الذي كان يخضع لها جنوب المنطقة. وشيدت عدة “جدران” دفاعية لصد هجمات البوليساريو.
بعد 16 سنة من الحرب دخل اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 1991 مع تحديد منطقة عازلة تخضع لقوات القبعات الزرق الأممية.
توترات
تراقب بعثة الأمم المتحدة (مينورسو) احترام اتفاق وقف إطلاق النار من خلال دوريات برية وجوية، وتضم البعثة التي يوجد مقرها في مدينة العيون حوالي 230 ألف موظف.
وغالبا ما سجلت خروقات من الطرفين للاتفاق العسكري المبرم سنة 1991، وبالرغم من بعض فترات التوتر “لم يسجل أي تهديد رئيسي للسلم إلى اليوم”، استنادا للتقرير الأممي الأخير.
وجددت ولاية المينورسو مرتين هذه السنة لمدة 6 أشهر تحت ضغط من الولايات المتحدة في ظل الجمود المتواصل للمفاوضات.
حقوق الإنسان
يشير التقرير الأخير للأمم المتحدة إلى أنباء حول “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” من طرف الشرطة المغربية، تمثلت في “توقيفات عشوائية، و”حالات سوء معاملة” و”أعمال تعذيب” ضد صحراويين يناضلون من أجل تقرير المصير. كما يشير التقرير إلى “مراقبة مفرطة” يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والصحافيون.
ومن جانب البوليساريو، يعبر التقرير أيضا عن قلقه إزاء احترام حقوق اللاجئين في مخيمات تندوف.
تأثر علاقات الجوار
يؤثر النزاع سلبا على العلاقات الثنائية بين الجزائر التي تساند البوليساريو والمغرب. وما تزال الحدود البرية بين البلدين الجارين مغلقة منذ 1994، بينما يرجع تاريخ آخر لقاء بين قائدي الدولتين إلى 2005.
واقترحت الرباط مؤخرا على الجزائر إحداث “آلية للحوار” من أجل تطبيع علاقاتهما. ودون أن ترد مباشرة على هذا المقترح، طلبت الجزائر رسميا عقد اجتماع عاجل لمجلس وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي الخمسة لإحياء هذه المنظمة المشلولة بسبب النزاع بين المغرب والجزائر. (أ ف ب)