السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

العلاقات المغربية السعودية تمر بأسوأ مراحلها عبر التاريخ… عقب رفض الرباط استقبال محمد بن سلمان

فاطمة الزهراء كريم الله

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ لا حديث في وسائل إعلام عربية ودولية إلا عن ما بات يعرف بالأزمة الصامتة بين المغرب والسعودية والتي كشفت عنها الجولة التي بدأها الامير محمد بن سلمان يوم الخميس الماضي، و استثنى منها المغرب، حيث زار تونس قادماً من مصر والبحرين والإمارات، قبل أن يصل إلى الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين، ليستأنف جولته المغاربية بزيارة الجزائر وموريتانيا.

وفي الوقت الذي ذكرت فيه بعض الوسائل الإعلامية أن المغرب رفض زيارة بن سلمان، قالت وسائل إعلامية أخرى إن الرباط اقترحت أن يستقبل الأمير رشيد، شقيق الملك محمد السادس، ولي العهد السعودي بدلاً من الملك، ما دفع بن سلمان “للتشطيب” على المغرب من لائحة زياراته. الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات حول وجود أزمة دبلوماسية بين الرياض و الرباط.

ويرى مراقبون، أن عدم توجه ولي العهد السعودي، إلى المغرب يأتي في سياق التوتر أو الجفاء بين البلدين. وذلك راجع إلى الموقف المغربي الأخير من الأزمة الخليجية، الذي رفض التماشي مع دول مقاطعة قطر وتبنيه موقفاً حيادياً ودعوته إلى الحوار، الموقف الذي لم ينل رضا الجانب السعودي. وأنه من بين القراءات التي قد تؤخذ من هذا الموضوع عدم رغبة المغرب في خلق نوع من التوتر داخل الرأي العام الوطني، واعتماد مبدأ “كم من حاجة قضيناها بتركها”، خاصة أن الناطق باسم الحكومة سبق أن رفض في وقت سابق التعليق على مقتل خاشقجي، باعتباره ملفاً معروضاً على القضاء”.

وفي حديث عن الموضوع قال المحلل السياسي ادريس الكنبوري في تصريح لصحيفة ” ” : ” أعتقد أن الرفض المغربي استقبال ولي العهد السعودي يرجع أساسا إلى الضجة الإعلامية العالمية حول مقتل خاشقجي، و بالإضافة إلى الحملة الدولية في كبريات الصحف العالمية المؤثرة على مواقع القرار في أوروبا وأمريكا، ما يعني أن ولي العهد ربما لم يعد مرغوبا فيه كحليف محتمل للأوروبيين والأمريكيين في المستقبل بالنظر إلى المشكلات التي أثارها منذ توليه منصبه، لكن القرار المغربي تجب قراءته من خلال الخطاب الملكي في القمة الخلبجية المغربية عام 2016 بالرياض، فقد صرح الملك بأن المغرب لديه سياسته الخارجية المستقلة وأن لا أحد يمكن أن يملي عليه خياراته الديبلوماسية، بمعنى آخر، هناك تحالف استراتيجي بين المغرب والخليج بشكل عام لكن هناك مصالح تتطلب تكتيكا معينا من لدن المغرب بما يتماشى مع حفظ مصالحه، ولذلك رأينا سحب طائراته من التحالف العربي في اليمن، بعد أن تحولت الحرب هناك إلى مأزق”.

وأضاف الكنبوري، أن “نفس الأمر بالنسبة للأزمة بين الخليجيين، أي قطر والدول الأخرى، فالمغرب أراد إمساك العصا من الوسط، دون التضحية بأي الطرفين، لكن هذا الموقف بالطبع لا يرضي الطرف الثاني . فخلاصة الأمر، أعتقد أن المغرب يريد علاقات قوية مع بلدان الخليج وعلى رأسها السعودية لكن دون اصطفاف غير مشروط”.

وعن فرضية أن تكون الجزائر أصبحت بديلا للمغرب كحليف للسعودية في شمال افريقيا في ظل التعنت المغربي في عدة ملفات، من بينها رفض المغرب الإنضمام إلى مجالس التعاون إلى الإنسحام من الحرب في اليمن وصولا إلى رفض زيارة بن سلمان.

قال نوفل البوعمري، الباحث في شؤون قضية الصحراء، في اتصال مع صحيفة “” : المغرب أكد أن له خط دبلوماسي واضح يعتمد على تنويع شراكاته في إطار دبلوماسية الحزم مع الخصوم و الوضوح مع الأصدقاء في كل ذلك لم يحشر نفسه في زوايا ضيقة بل كان أفقه الدبلوماسي جد واسع و متنوع هذا التنوع برز في علاقته بدول الخليج عندما رفض الانضمام لحملة الحصار على قطر و أن علاقته بالسعودية القوية آنذاك لم تمنعه من اتخاذ مسافة من الموقف الذي اتخذ في مواجهة قطر في إطار استقلالية قراره السياسي و السيادي.

أما بخصوص عدم زيارة بن سلمان للمغرب يضيف البوعمري، لحدود اللحظة ليس هناك أي بلاغ رسمي يؤكد رفض المغرب لاستقباله هناك عدة تقارير إعلامية صدرت في الموضوع لكن لم نشهد أي موقف رسمي لا من السعودية و لا من المغرب مع العلم ان هناك حالة فتور في العلاقة بين البلدين خاصة منذ تصويت السعودية على أمريكا في إختيار البلد المضيف لاحتضان كأس العالم لتدخل العلاقة بين البلدين في حالة فتور بسبب الموقف السعودي الغير المفهوم آنذاك و دون أن تقدم السعودية أية توضيحات آنذاك للمغرب حول موقفها و هو ما عبر المغرب عن رفضه آنذاك لهذه الخطوة و رد عليها بخطوات دبلوماسية فهم منها أن المغرب لا يقبل ألا يتم التعامل بشكل ندي”.

وتابع البوعمري قائلا: “نحن الآن في مرحلة دبلوماسية شبه رمادية على المستوى شبه الرسمي و لو بشكل غير معلن، المغرب اختار في العديد من المناسبات أن ينأى بنفسه عن بعض الملفات الحارقة كملف اغتيال خاشقجي إذ على المستوى الرسمي لم يبدي أي موقف، محترما التحقيق و إجراءاته المتخذة في الملف و لم يكن له أن ينحاز لهذا الطرف أو ذاك في ملف متشعب انعكاساته الدولية كانت جد قوية. وبالتالي لا يمكن أن نصل للحد الذى نصف فيه الجزائر كونها بديل للمغرب لعدة اعتبارات أولها أن المغرب لم ينسج علاقته الدبلوماسية مع السعودية على حساب أي طرف و لن تزعجه زيارة ولي العهد السعودي للجزائر لأنها لا تهدد مصالحه كما أن المغرب لا ينسج علاقاته الدولية من منطلق الحسابات الضيقة بل في الكثير من الأحيان يبحث عن تحقيق المكاسب له و لمختلف أصدقائه و جيرانه، كما أنها زيارة تأتي في إطار سياق سعودي داخلي و خارجي معلوم خاصة مع أزمة اغتيال خاشقجي و رغبة ولي العهد السعودي الظهور بمظهر الرجل القوي في السعودية و هي حسابات داخلية بالسعودية المغرب لا يمكن له أن يكون طرفا فيها”.

وكانت صحيفة ” فانغارديا” الإسبانية، قد أشارت في تقرير لها إلى أن العلاقات بين المملكتين المغربية والسعودية “تمر بأسوأ مراحلها عبر التاريخ”، بعد مرحلة فتور غير مسبوقة أثرت على العلاقات بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية.

ويشار إلى أن الرباط، لم تعبِّر الرباط عن أي موقف تجاه أزمة السعودية مع كندا، بخلاف باقي الدول العربية التي اصطفّت إلى جانب السعودية، بعد طرد السفير الكندي من الرياض واتهام كندا بالتدخل في شؤون المملكة العربية السعودية. ولم تصدر الخارجية المغربية أي بيان يخص أزمة السعودية مع كندا، وهو ما يعكس التوتر في العلاقات بين المملكتين. بالإضافة إلى الموقف السعودي بالتصويت لصالح الولايات المتحدة في احتضان كأس العالم رفقة كندا والمكسيك، وهو موقف لم تتفهمه الرباط حتى الآن.

و الجدير بالذكر، أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا مهما في قضية الصحراء خلال السنوات الأخيرة، وذلك عبر الدعم الدبلوماسي والمالي الكبير للمغرب ظهر ذلك الدعم بشكل واضح في مارس / آذار 2016، حين قال السفير السعودي بالمغرب، عبد العزيز خوجة إن: “المملكة السعودية تدعم الوحدة الترابية للمغرب بكل ما تملك، وإن زيارة مرتقبة لرجال أعمال سعوديين للأقاليم الجنوبية تعد رسالة قوية تؤكد السعودية من خلالها دعمها للوحدة الترابية للمغرب”. بالإضافة إلى تأكيد البيان الختامي للقمة الخليجية المغربية، على أن قادة دول الخليج يؤكدون أن قضية الصحراء هي قضية دول مجلس التعاون ويدعمون الرباط في ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق