شرق أوسط

وزير الدفاع الأمريكي في مرمى الانتقادات بسبب موقفه من قضية خاشقجي

ـ واشنطن ـ يواجه وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، الذي لطالما تمتع بدعم من الحزبين الجمهوري والديموقراطي قل نظيره في واشنطن، انتقادات علنية متزايدة على خلفية تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وجاء الهجوم الأشد على الجنرال السابق من قبل أحد أعضاء حزب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمهوري هذا الأسبوع عندما انتقد السناتور ليندسي غراهام وزير الدفاع ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو لرفضهما ربط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعملية قتل خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر.

وندد ماتيس مرارا بعملية القتل ودعا إلى محاسبة المسؤولين لكنه أصر على عدم وجود “أي دليل قاطع” يشير إلى تورط الأمير محمد بن سلمان بعملية قتل خاشقجي.

وقال غراهام عقب خروجه من جلسة عرضت خلالها مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جينا هاسبل ما توصّل إليه التحقيق الأمريكي في القضية “يجب أن تتعمد الإصابة بالعمى” لكي لا تتوصّل إلى أن الجريمة رتّبت من قبل أشخاص يعملون تحت إمرة ولي العهد السعودي.

وقال غراهام “ليس هناك دليل قاطع، هناك منشار قاطع”، في إشارة إلى التفاصيل المروعة التي تحدثت عن تقطيع مختص في التشريح جثة خاشقجي بمنشار.

ويعد غراهام شخصية نشطة تعمل على إثارة الجدل في الدوائر السياسية الأمريكية ويجب أن تؤخذ نوبات غضبه من منظور طموحه. وبعدما كان معارضا شرسا لترامب، تحول إلى أحد أقوى حلفائه في وقت نوه مراقبون إلى أنه يسعى للحصول على منصب هام في الإدارة.

“بحاجة إلى أدلّة”

لكن غراهام لا يغرد خارج السرب إذ قال السناتور الديموقراطي كريس مورفي إن ماتيس وبومبيو حاولا “تجاهل” مسألة تورط الأمير محمد واتهمهما بمحاولة تضليل النواب عندما تحدثا إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي.

وقال مورفي لشبكة “إم إس إن بي سي” إنهما “كانا يدركان بأنه ما كان من الممكن أن تحصل عملية القتل هذه دون موافقة وإشراف محمد بن سلمان”.

وتوصل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الجمهوري بوب كوركر إلى الخلاصة ذاتها إذ أكد أنه بإمكان هيئة محلفين إدانة ولي العهد “في غضون أقل من ثلاثين دقيقة”.

وقال ماتيس الأربعاء إن لغراهام “الحق في أن يكون له رأيه”. وشدد على تفسيره الحذر للمعلومات الاستخباراتية الواردة بشأن قتل خاشقجي.

وقال ماتيس “إن قلت شيئاً ما، فأنا بحاجة إلى أدلّة”، مضيفاً “أنا واثق من أنّنا سنجد مزيدا من الأدلة على ما حصل، لكنّني لا أعرف ما ستكون ولا من سيكون ضالعاً، لكنّنا سنلاحقها إلى أقصى ما يمكننا”.

 عمليات عند الحدود 

وداخليا، سلطت الأضواء الشهر الماضي على ماتيس، الذي لطالما اعتبر حامي القيم الأمريكية في إدارة الرئيس الأمريكي المتقلب ترامب حينما هاجم الأخير “قوافل” المهاجرين من أمريكا الوسطى المتوجهة إلى حدود الولايات المتحدة.

وأمر الرئيس بنشر آلاف الجنود لتعزيز الأمن على الحدود في تحرك قوبل بانتقادات واسعة واعتبر مجرد مسرحية سياسية سعى ترامب من خلالها لكسب تأييد قاعدته الانتخابية المحافظة قبيل انتخابات منتصف الولاية التي جرت الشهر الماضي.

لكن ماتيس دافع عن القرار مشيرا إلى أن لا دوافع سياسية له وأن هدف نشر الجنود على الحدود هو تقديم الدعم اللوجستي الضروري. وقال آنذاك “لا نؤدي مسرحيات في هذه الوزارة”.

ويعد نشر نحو 5600 جندي أكبر عملية من نوعها لماتيس منذ تسلمه زمام وزارة الدفاع (البنتاغون) قبل عامين. وأقر هذا الأسبوع طلبا من وزارة الأمن الداخلي لتمديد مهمتهم حتى كانون الثاني/يناير 2019.

 “تواطؤ”

سعت السعودية إلى إبعاد الشبهات عن الأمير محمد وحظيت بدعم قوي من ترامب الذي يرى في الرياض شريكا استراتيجيا مهما في الشرق الأوسط إضافة إلى دورها كأكبر مصدر للنفط وبين أهم الجهات التي تشتري الأسلحة الأمريكية.

لكن ازداد تشكيك النواب الأمريكيين حيال دعم الولايات المتحدة للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.

وتقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الأربعاء بمشروع قرار يشير إلى أن لدى مجلس الشيوخ “مستوى عالياً من الثقة” بأن الأمير محمد “متواطئ” في قتل خاشقجي، ويهاجم المشروع الرياض لدورها في الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن.

وبإمكان مجلس الشيوخ كذلك أن يصوت على إجراء منفصل الأسبوع المقبل لإجبار الولايات المتحدة على التوقف عن تقديم الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

وتأتي تصريحات ماتيس الحذرة في فترة حساسة إذ عليه السير على خط رفيع جدا مع السعودية في وقت يضغط على الرياض علنا وخلف الكواليس للتفاوض على حل سلمي للنزاع اليمني مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

بدوره، قال ترامب لدى سؤاله إن كان الأمير محمد على علم بمخطط قتل خاشقجي “ربما نعم وربما لا”.

لكن غراهام رأى أن ماتيس وبومبيو يصدران تقييمات استخباراتية ضبابية في محاولة لإرضاء ترامب.

وقال “لا يريدان التوصل إلى استنتاج بأنه متواطئ لأن الإدارة لا تريد السير في هذا الاتجاه، وليس بسبب عدم وجود دليل على تواطئه”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق