العالم
الناجون من أعمال العنف في شارلوتسفيل يواصلون حربهم على العنصرية
ـ شارلوتسفيل ـ مع إدانة شاب أمريكي من النازيين الجدد بقتل متظاهرة ضد العنصرية كانت تحتج على تجمع قومي في شارلوتسفيل الواقعة في شرق الولايات المتحدة العام الفائت، اخذت وينسداي باوي تبكي فرحا.
وقالت باوي البالغة 28 عاما والتي انكسر حوضها حين دهس جيمس فيلدز حشدا من المتظاهرين المنتمين لمنظمة “يونايت ذي رايت” (توحيد اليمين) ضد اليمين المتطرف في شارلوتسفيل في فيرجينيا في 12 آب/اغسطس 2017 “انه افضل شعور لدي منذ عام ونصف عام”.
ورغم شعورها بالارتياح، تعتقد باوي أنّ إدانة الشاب البالغ 21 عاما تمثل “خطوة صغيرة” في الحرب الطويلة ضد التعصب الأعمى، والتي تقول إنها نالت زخما أكبر في عهد الرئيس دونالد ترامب.
ودانت محكمة في شارلوتسفيل فيلدز بقتل هيثر هيير (32 عاما) وبخمس تهم أخرى تتعلق بإصابة 35 آخرين والهرب من موقع الجريمة التي ارتكبها مستخدما سيارته.
وقالت باوي لوكالة فرانس برس “هذه كانت سيادة البيض في أسوأ صورها”.
وتابعت “نحن بحاجة ايضا لمعالجة الصور غير المؤذية (لسيادة البيض) التي نراها في حياتنا اليومية”.
وهرعت باوي لنجدة من اصابهم فيلدز بسيارته، لكنها دفعت ثمن شهامتها حين دهستها السيارة اثناء رجوعها.
وتماثل كلماتها كلمات العديد من الناشطين في المدينة الريفية الصغيرة، الذين يعتقدون أنّ اعتداء فيلدز كان مجرد مظهر لعنصرية متجذرة في تاريخ المدينة.
وفي آب/اغسطس 2017، دعت جماعات القوميين البيض إلى تجمع في شارلوتسفيل احتجاجًا على خطط لإزالة تمثال الجنرال روبرت لي من حديقة عامة، احد كبار الجنرالات المؤيدين للعبودية خلال الحرب الأهلية بين عامي 1861-1856.
لكن متظاهرين آخرين مناهضين للعنصرية تجمعوا في المدينة لجبه اليمين المتطرف، ما أدى لمواجهات وصلت إلى ذروتها في حادث الدهس.
وصوّت مجلس المدينة على إزالة التمثال، لكن مصير تنفيذ القرار يبقى الآن في يدي القضاء بعد أن قدمت عدد من البلاغات.
ارث العبودية
وتعد مدينة شارلوتسفيل الواقعة على بعد 160 كلم جنوب غرب واشنطن موطنا لرئيسين احدهما توماس جيفرسون الكاتب الرئيسي لإعلان استقلال الولايات المتحدة.
وتضم المدينة الليبرالية الثرية جامعة فرجينيا العريقة، وهي مشهورة بعمارتها التاريخية ومحلات التسوق الصغيرة.
لكن هذا المظهر الخارجي يتناقض مع ارث العنصرية الذي لا تزال المدينة العريقة تواجهه بعد اكثر من 150 عاما من انتهاء الحرب الأهلية ونحو 60 عاما من حركة الحقوق المدنية.
وقال اندريا دوغلاس المدير التنفيذي لمركز توماس جيفرسون لدراسة التراث الامريكي الافريقي “تألفت شارلوتسفيل اساسا من عدة مزارع كبيرة”.
ومن بين هذه المزارع مزرعة مونتيسيلو التي كان يملكها جيفرسون وهو مالك للعبيد أيضا.
وتراجعت نسبة السود في المدينة إلى 19 بالمئة فقط من عدد السكان البالغ 46 الف نسمة، وكانوا دائما ضحية سياسات الاقصاء في التعليم والسكن والتوظيف لسنوات طويلة، على ما أفاد دوغلاس.
وشمل هذا الإقصاء تدمير حي فينغار هل الذي كان يسكنه السود تاريخيا في وسط المدينة.
وقالت تانيشا هودسون البالغة 39 عاما إن وجود تماثيل الكونفدرالية في المدينة هو تذكير دائم بارث العنصرية في شارلوتسفيل.
وأضافت “إنه مستوى من عدم الاحترام لأي إنسان ملون قام أجداده بجني القطن او كانوا عبيدا او شنقوا او قتلوا او اغتصبوا”.
مكافحة العنصرية
ألهمت أحداث العنف في شارلوتسفيل العديد من سكان المدينة الصغيرة وبينهم ماثيو كريستينسين لتكثيف نشاطهم المناهض للعنصرية والانخراط اكثر في سياسات المدينة.
والشهر الفائت طرح كريستينسين عريضة الكترونية للمطالبة بإزالة تمثال جديد أمام مبنى محكمة وسط المدينة.
وقالت المدونة مولي كونغير البالغة 29 عاما إنّ اضطرابات 2017 “شكّلت محفزا للعديد من الناس”.
وبدأت كونغير تغطية أخبار المدينة بعد اعتداء الدهس كما غطت في تغريدات مباشرة محاكمة فيلدز.
وتلقت تهديدات بسبب نشاطها في مكافحة العنصرية، ونشر متطرفون يمينيون على الانترنت صورا مفبركة لها وقد قطع رأسها وبجوارها كلابها مقطوعة الرؤوس.
أما الثلاثينية جيني بيترسون التي أصيبت بجروح بالغة في حادث الدهس فترى أنّ إزالة تماثيل عهد الكونفدرالية تشكّل أولوية.
وقالت إن “جيمس فيلدز هو مجرد رأس جبل الجليد”.
وتابعت أنّ “النضال لن ينتهي لوقت طويل. لكن هذا الحكم بالتاكيد خطوة في الاتجاه الصحيح”. (أ ف ب)