أوروباالسلايدر الرئيسي
في انتظار خطاب ماكرون: اشتباكات دامية واعتقالات واسعة في باريس مع حركة “السترات الصفراء”
أحمد كيلاني
ـ باريس ـ من أحمد كيلاني ـ تهدد التظاهرات التي تقوم بها حركة “السترات الصفراء” مستقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي سيلقي خطاباً طال انتظاره خلال اليومين المقبلين بعد التزامه الصمت منذ عودته إلى البلاد الأحد الماضي من الأرجنتين، وبعد أحداث دامية جرت أمس في باريس وأسفرت عن إصابة 264 شخصاً من بينهم 39 من عناصر الأمن، واعتقال 1723 شخص.
وتترقب الأوساط السياسية والشعبية خطاب ماكرون وما سيحمله من إجراءات جديدة بهدف نزع فتيل أخطر أزمة يتعرض لها منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، إذ ترددت أنباء خلال الأيام الأخيرة عن احتمال إجراء ماكرون تغييراً وزارياً يشمل تعيين رئيس وزراء جديد واتخاذ بعض الإجراءات القوية لامتصاص غضب الشارع الفرنسي.
وعلى الرغم من استجابة ماكرون لمطلب “السترات الصفراء” الرئيسي المتمثل بإلغاء زيادة الضرائب على الوقود، إلا أن “السترات الصفراء” واصلت تظاهراتها تنديداً بالسياسات الاقتصادية للحكومة.
ووفقاً لبعض المحللين السياسيين، فإن سياسات الرئيس ماكرون منذ بدء التظاهرات أسفرت عن تأجيج الغضب الشعبي ضده الأمر الذي بدا واضحاً في شعارات المتظاهرين الذين طالبوا للأسبوع الثاني على التوالي برحيله.
وحتى الآن لا توجد أية مؤشرات تدل على أن “السترات الصفراء” قد توقف تظاهراتها، بل على العكس، يرى بعض المحللين أن رقعة الاحتجاجات قد تتوسع خلال الفترة المقبلة بعد انضمام عدد من القطاعات الأخرى كالطلاب والمزارعين إلى الاحتجاجات المنادية بتحسين الأوضاع المعيشية.
وتلقي التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة الفرنسية بظلالها على المستقبل السياسي للرئيس الفرنسي في حال لم يستطع خلال الفترة المقبلة إيجاد علاجات ناجعة تستطيع اقناع المتظاهرين بوقف احتجاجاتهم وإعادة الهدوء.
وطالبت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن الرئيس ماكرون باتّخاذ “إجراءات قوية وفورية” للاستجابة لمطالب متظاهري “السترات الصفراء”.
وعلى هامش لقاء مع الحزب القومي الفلمنكي “فلامس بيلانغ” حول الميثاق العالمي للهجرة، قالت لوبن “يجب على ماكرون أن يدرك حجم المعاناة الاجتماعية وأن يتّخذ إجراءات قوية وفورية”، مضيفة “أدعو مرة جديدة الرئيس إلى فهم المعاناة التي يتم التعبير عنها، وإلى الاستجابة لها بالخروج من الإليزيه والإقلاع عن سياسة التقوقع”، مؤكدة أن “ردّ رئيس الجمهورية لا يمكنه أن يكون أمنياً فقط”.
واندلعت أمس السبت في جادة الشانزليزيه، اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهري “السترات الصفراء” الذين أقاموا المتاريس وأضرموا النيران بعدد من السيارات، ما أسفر عن إصابة 264 شخصاً من بينهم 39 من عناصر الأمن، واعتقال نحو 1723 شخصاً.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها اليوم الأحد إن 125 ألف شخص شاركوا في المظاهرات في جميع أنحاء فرنسا، من بينهم نحو 10 آلاف في باريس فقط.
وللمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات، استخدمت قوات الأمن السيارات المدرعة والمصفحات بهدف إزالة المتاريس وأطلقت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، بينما رد المتظاهرون بإلقاء الحجارة.
وردد المتظاهرون هتافات طالبت ماكرون بالرحيل، بينما تعرضت بعض المحال التجارية لأعمال نهب وتحطيم.
وذكرت وكالة “فرانس برس” أن عدداً من الصحفيين أصيبوا خلال التظاهرات في باريس حيث تعرّض ثلاثة منهم لطلقات “فلاش بول” (سلاح غير فتاك تستخدمه الشرطة)، بحسب إفادات نشرتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
وقال العديد من الصحافيين إن قوات الأمن صادرت معدات الحماية التي كانت بحوزتهم ما عرّضهم لمخاطر جسدية.
وذكرت وزالة الداخلية أن قوات الأمن اعتقلت نحو 1723 شخصاً ما زال منهم 1220 قيد الاحتجاز، في وقت نفّذت فيه الشرطة عمليات تفتيش استهدفت من وصلوا إلى محطات القطارات وفي المواقع التي تركزت فيها الاحتجاجات على غرار الشانزليزيه ونصب الباستيل.
وبين المعتقلين عشرات تم توقيفهم بعدما عثرت السلطات بحوزتهم على أقنعة ومطارق ومقاليع وحجارة يمكن استخدامها لمهاجمة الشرطة.
وتعهد رئيس الوزراء إدوار فليبب مساء أمس بأن تعالج الحكومة مخاوف المواطنين بخصوص ارتفاع كلفة المعيشة، موجهاً التهئنة لعناصر الشرطة لجهودها المبذولة في حفظ الأمن.
وقال فيليب في بيان متلفز إنّ “الحوار بدأ ويجب أن يتواصل”، مؤكّداً أن “الرئيس سيتحدّث وسيقدّم إجراءات ستغذّي هذا الحوار”.