السلايدر الرئيسيتحقيقات
المغرب: جدل بعد استغلال “رقاة شرعيين” الدين لأهداف جنسية.. ومطالبات للاوقاف باصدار فتوة
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ لا حديث على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية اليوم في المغرب إلا عن الفضيحة التي هزت مدينة بركان خلال الأيام القليلة الماضية، بعد اكتشاف حقيقة رجل خمسيني يدعي أنه فقيه و راقي شرعي، يقوم باستدراج ضحاياه من الفتيات والنساء إلى محل سكناه من أجل الرقية الشرعية، لتتحول إلى كمين للعلاقة الجنسية.
وأوقفت مصالح أمن المدينة، الفقيه كما تمكنت السلطات من حجز العديد من الفيديوهات لضحاياه في حاسوبه الشخصي، فيما خرجت إحدى ضحاياه بشريط فيديو تكشف فيه تفاصيل ما حدث، وهو ما أثار نقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي حول هذه الظاهرة، حيث ليست هذه هي لمرة الأولى، بل عرفت المنطقة انتشار فيديوهات جنسية، على نطاق واسع ومتتالي، توثق للعمليات الجنسية أخرى قام بها الفقيه، ببيته الذي أعده للرقية الشرعية.
ويشار إلى أن ظاهرة استغلال رقاة شرعيون الدين لأهداف جنسية لم تقتصر على مدينة بركان فقط، بل عرفت مجموعة من المدن والقرى انتشار مثل هذه التصرفات حيث تم توقيف قبل فترة شخص يحترف ما يسمى “الرقية الشرعية”، بعد شكاية قدمتها ضده سيدة، تتهمه بالنصب عليها واغتصابها.
ليتم تداول بعدها عدد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، شريطا مصورا لـ”راقٍ” وهو يضغط على منطقة حساسة في جسم امرأة بدعوى أنه يرقيها لإخراج جن يتلبسها”.
ويرى مراقبون، أن إقبال فئات واسعة من المغاربة على “الرقاة الشرعيين”، يفرض إعادة نظر في فهم الدين، إذ بدأت تجتاحه الخرافة في عقول كثيرين، الأمر الذي يحتم عملا كبيرا لانتشال هذه الفئات من براثين الجهل، معرفيا، اجتماعيا واقتصاديا.
وفي هذا الصدد، قال الباحث السوسيولوجي، عبد القادر مانا : إن “انتشار ما يطلق عليه بالرقية الشرعية، لا يعدو أن يكون سوى دجلا وشعوذة. و إقبال فئات واسعة من النساء على هؤلاء يفرض إعادة نظر في فهم الدين، إذ و تحتم عملا كبيرا لانتشال هذه الفئات من براثين الجهل، معرفيا، اجتماعيا واقتصاديا”.
و يرى مانا، في اتصال مع صحيفة ” ” أن هذه الظاهرة التي يترتب عنها مثل هذه التصرفات يجب التعامل معها بكثير من الحذر و الحزم. لابد أولا من ترقية المستوى الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة، ثم إن تكاليف التطبيب مرتفعة والمستشفيات غير موجودة، والموجودة منها غير مؤهلة لاستقبال المواطنين، ناهيك عن مسألة الاستغلال للطب كلها عوامل تدفع الكثير من المغاربة، إلى اللجوء إلى مثل هذه الوسائل “الخرافية”.
من جانبه أكد حسن سكنفل، رئيس المجلس العلمي لمحافظة الصخيرات، أن هذه ليست بـ”مهنة لها قواعد وضوابط شرعية أو قانونية، وإنما هي من الوسائل التي استحدثها مدعو علم الغيب. وحتى لو كانوا يستدلون بالقرآن أو الحديث النبوي، فالهدف هو جمع المال بطرق ملتوية يدخل فيها ادعاء علم الطب (طب الأعشاب) وادعاء علم الغيب (عالم الجن والسحر)”.
كما يؤكد عن وجود فراغ قانوني، حيث لا يوجد منصب اسمه راق ولا منصب الذي يدعو للناس. هذه قضية لا أصل لها، أي شخص يرقي الناس يكون قريبا لهم ويعرفهم، الرقية ليست بحرفة ولا مهنة ولا يتقاضى عنها الشخص أجرة. كما ليس هناك غي تدخل من طرف الدولة.
الجدل الحاصل دخل البرلمان المغربي، بعدما وجه حزب الاتحاد الاشتراكي سؤالا شفويا إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في الموضوع، أمس الإثنين ضمن الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب، فيما رمى الوزير التوفيق مسؤولية تلك المراكز إلى وزارة الصحة، معتبرا أن هذه القضية تتطلب إصدار فتوى.
وقال التوفيق، في جوابه على سؤال للبرلمانية الاتحادية حنان رحاب حول قانونية مراكز الرقية الشرعية بالمغرب، إن “وزارة الصحة هي المسؤولة عن هذا الموضوع وليس وزارة الأوقاف، مشيرا إلى أنه بالنسبة للجانب الديني في الموضوع، فيجب على وزارة الصحة أو المؤسسة التشريعية توجيه طلب بإصدار فتوى في القضية. معتبرا أن الفتوى هي الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لحل هذا الملف، مشددا على ضرورة كشف الحالات المعنية”.
ويرى المسؤول الحكومي، أن هذه المسألة تخضع لعملية العرض والطلب باعتبارها مسألة دقيقة جدا، لا يمكن القول فيها بأنها حرام أو حلال، ووزارة الأوقاف لا تستطيع التدخل في الموضوع إلا في إطار ثلاثية الديني والصحي والقانوني للتعامل مع هذه الظاهرة، ونحن لم نتمصل من الأجوبة، فالوزارة هي من تدبر الشأن الديني بالبلد.
وقالت البرلمانية حنان رحاب: إن “هناك العديد من الحالات المنتشرة والموثقة إعلاميا، وحالات إشهار تقوم بها مؤسسات إعلامية لهذه المراكز، وحالات أخرى تتعلق بالنصب والاحتيال على المغاربة بهذه الطريقة، مضيفة أنه “لا يمكن لوزارة الأوقاف أن تقول إنه لا جواب لها ولا حل للموضوع”.