أوروبا

ماي تباشر مفاوضات “اللحظة الأخيرة” مع الاتحاد الأوروبي

ـ بروكسل ـ تجري رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي محادثات الفرصة الأخيرة مع القادة الأوروبيين في بروكسل في مسعى لإنقاذ اتفاق بريكست ومسيرتها السياسية على حد سواء.

وتحتاج رئيسة الوزراء البريطانية التي نجت من حجب الثقة عنها في تصويت نظمه نواب حزبها المحافظ في وقت متأخر الأربعاء إلى تحويل النصر الذي حققته بفارق ضئيل في الداخل إلى فوز في الخارج.

وستلتقي ماي برئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك لإجراء “محادثات اللحظة الأخيرة” قبل أن ينضم إليهما نظراؤها الـ27 لقمة الاتحاد الأوروبي، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إقرارهم نص اتفاق بريكست.

وأعد باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي بيانا من ست فقرات أعربوا عن أملهم بأن يقدم تطمينات بشأن المخاوف مما يسمى خطة “شبكة الأمان” المرتبطة بحدود إيرلندا الواردة في اتفاق بريكست وهو ما قد يساعد في إقناع البرلمان بالموافقة عليه.

وأشادت الأطراف المعنية باتفاق انسحاب بريطانيا من التكتل الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي مؤذنة بانتهاء المفاوضات التي استمرت 17 شهرا. ترى بروكسل أنها أنقذت لندن من الخروج من الاتحاد في 29 آذار/مارس المقبل دون اتفاق.

لكن لدى عودتها إلى بلادها حاملة معها الاتفاق الذي خاضت محادثات مضنية للتوصل إليه، قوبلت ماي بمعارضة من أشد المدافعين عن بريكست ضمن حزبها وتراجعت عن طرحه للتصويت في البرلمان الثلاثاء بعدما بدا رفض النواب له أمرا مؤكدا.

ومع تأجيل التصويت عليه حتى كانون الثاني/يناير، تسعى ماي إلى الحصول على مساعدة الأوروبيين في تجميله عبر تقديم “تطمينات” بأن اجراءات “شبكة الأمان” الهادفة إلى منع إعادة الحدود الفعلية مع إيرلندا، لن تستمر إلى ما لانهاية.

وقال المفاوضون إن القادة يرغبون بالاستماع إلى ماي لمعرفة ما يمكنهم تقديمه إليها في إطار وثيقة على شكل بيان، لكنهم يصرون على أنهم لن يعاودوا التفاوض على اتفاق الانسحاب ذاته المكون من 585 صفحة.

عرض على مرحلتين 

وبحسب دبلوماسيين أوروبيين، سيعلن بيان القمة المقترح أن أي شبكة أمان “لن تطبق إلا لفترة قصيرة وبما تمليه الضرورة القصوى”.

وسيضيف أن “الاتحاد سيكون مستعدا للنظر في أي تطمينات أخرى يمكن تقديمها. ولن تغير هذه التطمينات أو تتناقض مع اتفاق الانسحاب”.

لكن ذلك لن يشكل تعهدا ملزما من الناحية القانونية، وهو ما يطالب به أنصار بريكست، بعدم استخدام مسألة الحدود الإيرلندية لربط بريطانيا بالاتحاد الجمركي لامد غير محدود.

وقال مصدر أوروبي لوكالة فرانس برس إن “هذه لغة بريئة للغاية. لا جديد في شيء من ذلك. لا يوجد تاريخ لانتهاء شبكة الأمان”.

وأشار إلى أن “حتى الصيغة هي ذاتها. هناك كلمة مؤقت لكنها واردة أصلا في اتفاق الانسحاب”.

وقال الدبلوماسي إنه في حال لم يخفف البيان من قلق معارضي ماي في البرلمان، وهو المرجح، فيمكن إصدار “تفسير” قانوني للاتفاق.

لكنه أشار إلى أن نشر التفسير لن يتم قبل كانون الثاني/يناير 2019 وأنه في حال نشر مبكرا، فسيسعى أنصار بريكست فورا للحصول على مزيد من التنازلات وهو ما سيؤخر بشكل إضافي إقرار الخطة.

وبذلك، سيهيمن ملف بريكست مجددا على قمة الاتحاد الأوروبي التي كان من المفترض أن تتعامل مع مسائل شائكة على غرار الهجرة والميزانيات ومنطقة اليورو.

وقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إن “المناقشات في بريطانيا  لا تسهل المسألة على الإطلاق لكن علينا مع ذلك القيام بكل ما في وسعنا لتجنب بريكست قاس”.

 تاريخ انتهاء صلاحية شبكة الأمان 

وبعدما قامت ماي بجولة يائسة إلى ثلاث عواصم أوروبية الثلاثاء في مسعى للحصول على مساعدة من نظرائها في أوروبا، قال توسك إنه بوده أن يساعدها لكن “السؤال هو كيف”.

والأربعاء، ألمح كورتز إلى أن السر لربما يكمن في شبكة الأمان، ما يشير إلى وجود إمكانية للتوافق.

لكن المسؤولين الأوروبيين العازمين على البقاء أوفياء لجمهورية إيرلندا، الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي، أصروا علنا وفي جلساتهم الخاصة على ضرورة بقاء شبكة الأمان. وقال أحدهم “لا مكان لفكرة تاريخ انتهاء صلاحية” شبكة الأمان.

وستلتقي ماي كذلك رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار بشكل منفرد الخميس قبيل انطلاق القمة.

ويجب أن يقنع أي حل تتوصل إليه ماي حزبها وحلفاءها الإيرلنديين الشماليين وغالبية النواب البريطانيين ليدعموا الاتفاق لدى عودته إلى طاولة وستمنستر.

وفي حال اعتبر أن الاتفاق يتضمن عيوبا فسيؤدي ذلك إلى فوضى اقتصادية في بريطانيا وشركائها التجاريين الأساسيين وسينتهي أمر ماي بتصويت برلماني لسحب الثقة منها.

وحظيت ماي الخميس بدعم مئتي نائب محافظ بينما 117 صوتوا لصالح الإطاحة بها وذلك بعد أن وافقت على الاستقالة قبل انتخابات العام 2022.

وقالت ماي إنها أرادت “مواصلة مهمتها في إتمام بريكست” و”توحيد صفوف السياسيين من جميع الأطراف”.

لكن معارضيها المتشددين أصروا على أن التصويت ضدها كان أكثر من المتوقع وأن معظم أعضاء الحزب الذين لا يتولون مناصب في حكومة ماي يطالبون برحيلها.

وتعهدت بإجراء التصويت في مجلس العموم على مسودة الاتفاق قبل 21 كانون الثاني/يناير لكن احتمال رفضه من قبل النواب لا يزال قائما، وهو ما قد يدخل عملية بريكست في أزمة جديدة. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق