عمرو جوهر
من يظن أن انسحاب امريكا من سوريا هو فرصة سانحة لروسيا وإيران لتكون اللاعب الأوحد في سوريا هو مخطىء لحد كبير، حيث ان انسحاب امريكا من العراق سابقا هو ما أدى الى انتشار التنظيمات الإرهابية ومن بينها “داعش”.
انه فخ جديد للمنطقة العربية، حيث ستفند اللعبة في سوريا التوازن من جديد، وتصبح مناطق الانسحاب مستباحه نسبيا في مهب التنظيمات الإرهابية، مما يؤثر على استقرار المنطقة.
يبدو ان استقرار الأوضاع نسبيا في سوريا لم يعد يرضي المارد الامريكي، حيث ان المستفيد الأكبر من هذا الاسقرار كانت دول الخليج، التي تلقت تهديدات متكررة من تنظيم “داعش”.
تماما ومثلما أدى انسحاب القوات الامريكية من العراق الى خلق حالة من الفوضي في المنطقة العربية وطال ارهاب تنظيم “داعش” دول عدة منها العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر، وأدى الامر الى مقتل السفير الامريكي في ليبيا.
ايران ستكون سعيدة برؤية حلفاء امريكا في الشرق الاوسط والخليج العربي يعانون من التنظيمات الإرهابية، بل قد تدعم ايران تنظيمات ارهابية تؤدي الى زعزعة استقرار حلفاء امريكا في الشرق الاوسط.
عندما قرر الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما الانسحاب من العراق عام 2009، زار في نفس التوقيت تقريبا اكبر دولتين في الشرق الاوسط، وهما السعودية ومصر، وقال على الملاء ان العلاقات سوف تتحسن ونظرة امريكا للشرق الاوسط سوف تتغير.
لكن ما حدث كان على العكس تماما فقد كانت فترة فتور مرهقة استمرت ثماني سنوات في فترة رئاسته لفترتين، كلّفت الدول العربية الكثير، وتركت العنان لتنظيم “القاعدة” والجماعات الاسلاموية المتشددة.
والآن التاريخ يعيد نفسه، حيث يسحب الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب قواته من سوريا تاركا العنان لتنظيم “داعش” والجماعات الاسلاموية المتشددة، بعد ان كانت تراجعت بشكل كبير.
ترامب الذي وعد بإبادة التنظيمات الإرهابية في الشرق الاوسط، يترك لها العنان مره أخرى.
بختصار الشرق الاوسط بشكله الحالي لم يعد يروق لكثير من دول ما يسمى بـ”العالم الاول”، وعليه سوف يترك الشرق الاوسط يحقق دماره بالشكل الذي يراه مناسبا لنفسه، ثم تتدخل امريكا لإعادة ترسيم خارطة المصالح العالمية من جديد في المنطقة.
* كاتب صحفي مقيم في واشنطن